التقنيات اللغوية للوصف عند عبد العزيز البشري ـ کتاب "في المرآة" نموذجًا ـ

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس الدراسات اللغوية بکلية الالسن جامعة عين شمس

المستخلص

تقوم هذه الدراسة ببيان التقنيات اللغوية للوصف التي وظفها عبد العزيز البشري (1886- 1943م) في مقالاته المجموعة في کتابه "في المرآة". فقد تناول في مقالاته شخصيات معاصرة له في مختلف المجالات کالسياسة والطب والفن والشعر والاقتصاد بالنقد والتحليل؛ ليرى کل منهم صورته الحقيقية في مقالات ذلک الکتاب، التي تعد توثيقًا تاريخيًا لشخصيات بارزة کان لها أثر في الحياة المصرية في تلک الحقبة.
تهدف الدراسة إلى: البحث في الوسائل اللغوية التي وظفها البشري لبناء مستويات الوصف للشخصيات التي ترجم لها في الکتاب، ومحاولة التعرف على خصوصية استراتيجيات الوصف التي اتبعها لتوصيل رسالته للمتلقين، فالوصف ليس مجرد أداة لغوية تزيينية؛ بل إن له علاقة وثيقة بالسياق الدلالي للنص.
منهج الدراسة: تعتمد الدراسة على المنهج الوصفي في بيان مستويات الوصف الخمسة عند عبد العزيز البشري، مع الإفادة من معطيات نظرية الاتصال اللغوي في بيان کيفية إقناعه المتلقين بصدق صورته الذاتية لمختلف الشخصيات التي تحدث عنها.
تنقسم الدراسة إلى: مقدمة، ومدخل نظري، ودراسة تطبيقية، وخاتمة.

مدخل نظري، وينقسم إلى قسمين:

القسم الأول: الوصف (تعريفه ـ أنواعه).
القسم الثاني: عبد العزيز البشري وکتاب "في المرآة".

الدراسة التطبيقية، وتنقسم إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: التقنيات اللغوية لوصف الشخصية عند البشري
القسم الثاني: ذاتية الوصف عند البشري
القسم الثالث: الوسائل اللغوية التي وظفها البشري لإقناع المتلقين بصدق صوره الذاتية
الخاتمة: بها النتائج التي توصلت إليها الدراسة

نقاط رئيسية

توصلت الدراسة بشقیها النظری والتطبیقی إلى عدد من النتائج أبرزها:

  • الوصف هو نقل لصورة الشیء أو الشخص الموصوف نقلاً دقیقًا حتى یبدو للمستمع أنه یراه بذاته.
  • الوصف إما وصف موضوعی بالنقل المجرد لصورة الموصوف، أو وصف ذاتی یتدخل فیه الواصف لینقل صورة الموصوف للمتلقین وفق رؤیته الشخصیة، فلم یعد معتمدًا على الصدق والموضوعیة.
  • لم یکن وصف البشری لشخصیات "فی المرآة" وصفًا موضوعیًا  بل کان وصفًا نابعًا من موقفه الأیدیولوجی تجاه تلک الشخصیات.
  • وصف البشری الشخصیات بمختلف مستویاتها؛ المستوى الجسدی، والمستوى المعنوی (الأخلاقی)، والمستوى النفسی (السیکولوجی)، والمستوى الفعلی، والمستوى الاجتماعی.
  • یلاحظ أن الوصف المادی/ الحسی أقل من الوصف المعنوى؛ وذلک لوجود صورة (رسم کاریکتوری) للشخصیة التی یتحدث عنها البشری تعطی القارئ انطباعًا عن شکل الشخصیة الموصوفة.
  • فی المستوى الجسدی لوصف شخصیات "فی المرآة" وظف البشری الحقول الدلالیة المستمدة من أعضاء الجسد، کما استعمل أدوات لغویة مثل: النعوت، والجمل الفعلیة، والتعبیرات الکنائیة والصور الاستعاریة، والتشبیهات، التهکم والسخریة.
  • فی الوصف النفسی لشخوصه وظف البشری اسم الفاعل، والتشبیه التمثیلی، والکنایة، والتوازی.
  • فی الوصف المعنوی وظف البشری أدوات لغویة مثل: اسم الفاعل، والمرکبات الإضافیة، والقصر، والمفارقة والتهکم.
  • فی المستوى الفعلی لوصف شخصیات "فی المرآة" وظف البشری الفعل الماضی، والوصف، والتمییز، والسلاسل اللفظیة.
  • لجأ البشری إلى التهکم والسخریة بوصفهما عقابًا اجتماعیًا یضغط به على شخصیاته کی یغیروا سلوکیاتهم الذمیمة ویصلحوها.
  • من الأدوات اللغویة التی وظفت فی وصف المستوى الاجتماعی المرکبات العطفیة، وأسلوب الحکی، والأفعال الماضیة.
  • من القرائن اللغویة الدالة على ذاتیة الوصف عند البشری استعمال ضمیر المتکلم، والمبالغة بالمدح أو النقد اللاذع، وبنیة الاعتراض.
  • من الوسائل اللغویة التی وظفها البشری لإقناع المتلقین بصدق صوره الذاتیة، التکرار الشکلی والمعنوی، والاستشهادات، والجمل الاعتراضیة، والألفاظ المؤکدة، والتذییل، والألفاظ الأجنبیة .
  • تعد کل الوسائل اللغویة التی وظفها البشری فی مرآته ـ فی الوصف بمستویاته المختلفة، وفی بیان ذاتیة وصفه ـ أدوات إقناعیة أسهمت فی التأثیر فی المتلقین وإقناعهم بصدق تصویره لتلک الشخصیات؛ ومن ثم یلتفون حولها أو ینفرون منها وینبذونها.

الكلمات الرئيسية


مقدمة:

تقوم هذه الدراسة ببیان التقنیات اللغویة للوصف التی وظفها عبد العزیز البشری )1886- 1945م)([i]) فی مقالاته المجموعة فی کتابه "فی المرآة"، وهذا العنوان "فی المرآة" یدل على أن ما فی الکتاب من صور قلمیة إنما هو انعکاس للذوات الشخصیة المتحدث عنها، ﻔـ"المرآة" آلة من البلور أو غیره ینظر فیها الإنسان لیرى نفسه، أو هی ما "یرى الناظر فیها نفسه"([ii]).

فیعکس کتاب "فی المرآة" صورة الشخصیات التی یتحدث عنها، وقد تناول شخصیات معاصرة له لیرى کلٌ منهم صورته الحقیقیة فی مقالات ذلک الکتاب، التی تعد توثیقًا تاریخیًا لشخصیات بارزة کان لها أثر فی الحیاة المصریة فی تلک الحقبة.

موضوع الدراسة:تنتمی مقالات عبد العزیز البشری فی کتاب "فی المرآة" إلى فن مقال الصور القلمیة، وهی حدیث عن شخصیات بارزة فی المجتمع وتناولها بالوصف والتحلیل، فهی "تعبیر فنی صادق عن تجارب الکاتب الخاصة والرواسب التی تترکها انعکاسات الحیاة فی نفسه. وهی فی أحسن حالاتها ضرب من الحدیث الشخصی الألیف، والثرثرة والمسامرة، والاعتراف والبوح. ولکنها تمتاز إلى جانب ذلک بروعة المفاجأة وتوقد الذکاء وتألق الفکاهة. ولا تخلو من السخریة الناعمة أو الحادة، تبعًا لاتجاه الکاتب وألوان شخصیته."([iii])

وقد وضع عبد العزیز البشری هذا الکتاب لیتناول بالنقد والتحلیل أبرز شخصیات عصره فی مختلف المجالات کالسیاسة والطب والفن والشعر والاقتصاد، هؤلاء الذین أسهموا فی صناعة تاریخ مصر فی تلک الحقبة.

تهدف الدراسة إلى: البحث فی التقنیات اللغویة التی وظفها البشری لبناء مستویات الوصف للشخصیات التی ترجم لها فی الکتاب، ومحاولة التعرف على خصوصیة استراتیجیات الوصف التی اتبعها لتوصیل رسالته للمتلقین، فالوصف لیس مجرد أداة لغویة تزیینیة؛ بل إن له علاقة وثیقة بالسیاق الدلالی للنص.

منهج الدراسة: تعتمد الدراسة على المنهج الوصفی فی بیان مستویات الوصف الخمسة عند عبد العزیز البشری، مع الإفادة من معطیات نظریة الاتصال اللغوی فی بیان کیفیة إقناعه المتلقین بصدق صورته الذاتیة لمختلف الشخصیات التی تحدث عنها.

أقسام الدراسة:

  1. مدخل نظری، وینقسم إلى قسمین:

القسم الأول: الوصف (تعریفه ـ أنواعه).

القسم الثانی: عبد العزیز البشری وکتاب "فی المرآة".

  1. الدراسة التطبیقیة، وتنقسم إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: التقنیات اللغویة لوصف الشخصیة عند البشری

القسم الثانی: ذاتیة الوصف عند البشری

القسم الثالث: الوسائل اللغویة التی وظفها البشری لإقناع المتلقین بصدق صوره الذاتیة

1-  مدخل نظری:

1-1- الوصف (تعریفه ـ أنواعه)

تنتمی مقالات عبد العزیز البشری فی کتاب "فی المرآة" إلى مجال الوصف، وبتتبع تعریفات الوصف بدایة من البلاغة العربیة القدیمة نجد قدامة بن جعفر (ت 337ھ) یعرفه بقوله: "الوصف إنما هو ذکر الشیء بما فیه من الأحوال والهیئات، ولما کان أکثر وصف الشعراء إنما یقع على الأشیاء المرکبة من ضروب المعانی، کان أحسنهم وصفًا من أتى فی شعره بأکثر المعانی  التی الموصوف مرکب منها، ثم بإظهارها فیه، وأولاها حتى یحکیه بشعره ویمثله للحس بنعته."([iv])

ویشارکه أبو هلال العسکری (ت395ھ) فی تحدید أحسن الوصف فیقول: "أجود الوصف ما یستوعب أکثر معانی الموصوف، حتى کأنه یصور الموصوف لک فتراه نصب عینیک".([v])

أما ابن رشیق القیروانی (ت460ھ) فیرى أن "أحسن الوصف ما نعت به الشیء حتى یکاد یمثله السامع".([vi])

ویقول محمد ناصر العجیمی إن "الوصف تشخیص للشیء الموصوف ونقل لصورته، حتى یداخل السامع شعور بأنه ماثل أمامه یشاهده عینیًا".([vii])

من التعریفات السابقة للوصف یتبین أنه نقل لصورة الشیء أو الشخص الموصوف نقلاً دقیقًا حتى یبدو للمستمع أنه یراه بذاته، فالوصف یکون وصفًا موضوعیًا ونقلاً مجردًا لصورة الموصوف.

وعن الصدق فی الوصف بمطابقته للموصوف، یقول ابن طباطبا (322ھ): "فما کان من التشبیه صادقًا قلت فی وصفه کأنه، أو قلت ککذا، وما قارب الصدق قلت فیه تراه، أو تخاله، أو یکاد"([viii]).

وقد تأثر الروائیون فی القرن التاسع عشر بمبدأ التصدیق هذا، وزعموا أن الموضوعیة ومطابقة الملفوظ لموضوعه المرجعی ممکنة طالما أن الحقیقة کائنة فی الأشیاء فیعود للکاتب کشف هذه الحقیقة بتشیید معرفة حول العالم. ومع تقدم الزمن رُفض هذا النوع من الوصف الموضوعی الذی یهدف إلى نشر المعرفة والمحاکاة، ومن ثم إعادة الاعتبار إلى الذات الواصفة.([ix])

فلم یعد الوصف موضوعیًا بل أصبح هناک وصف ذاتی یتدخل فیه الواصف لینقل صورة الموصوف للمتلقین وفق رؤیته الشخصیة، فلم یعد الوصف معتمدًا على الصدق والموضوعیة.

وقد حاول عبد العزیز البشری فی کتابه أن یصور الشخصیات بهیئاتها الحسیة وأحوالها المعنویة حتى تبدو کأنها حقیقة ماثلة أمام المتلقی الذی قد یعرف هذه الشخصیات ولم یلتق بها. لکن وصف عبد العزیز البشری لم یکن وصفًا موضوعیًا،بل کان وصفًا نابعًا من موقفه الأیدیولوجی تجاه تلک الشخصیات؛ لذا نجده یستخدم أدوات لغویة لإقناع المتلقی بصدق الصورة التی یرسمها.

1-2- عبد العزیز البشری وکتاب "فی المرآة":

عبد العزیز البشری (1886- 1943م): کان البشری کاتبًا حرًا، عالج فی کتاباته أدواء المجتمع المصری، وذلک بعد أن أکسبه تنقله بین وظائف عدة واحتکاکه المباشر بطبقات المجتمع المختلفة خبرات وفیرة، فنادى بضرورة إصلاح حال العامل والفلاح والأجیر، کما تحدث فی شئون الفن من موسیقى وغناء، وکان ممن حاولوا أن یبعثوا القومیة العربیة من مرقدها بکل ما استطاعوا من قوة وجهد، کما دعا إلى إنشاء أدب رصین یحفظ اللغة العربیة من الدخیل والمرذول من الألفاظ والمعانی([x])

یقول طه حسین إن البشری قد جمع فی أدبه ثلاث خصال، ومزج بینها باعتدال؛ الأولى أنه کان قاهریًا یستطیع التحدث إلى الطبقات البسیطة المتواضعة والطبقات العالیة الراقیة، والثانیة أنه کان بغدادی الأدب یستطیع التحدث بلغة أدباء العصر العباسی مع مزجها بالنکتة المصریة اللاذعة، أما الخصلة الثالثة فهی إلمامه بالثقافة الأوروبیة وأخذه منها شیئًا یسیرًا، والملاءمة بینها وبین قاهریته وبغدادیته.([xi])

فاتسم أسلوبه بالنکتة ووضوح الفکرة وحلاوة اللفظ وجمال الواقع وطرافة الموضوع. ، وکان ینقد نقدًا ساخرًا ویلوم لومًا لاذعًا بقصد الإصلاح، وکان متأثرًا فی کتابته ـ کما وضحت الدراسة آنفًا ـ  بأسلوب الجاحظ.([xii])

"کان یلجأ فی تحلیله للشخصیات إلى الأسلوب الکاریکاتوری شأنه فی ذلک شأن المصور الکاریکاتوری فهو یعمد إلى الموضع الناتئ من خلال المرء فیزید فی وصفه ویبالغ فی تصویره بما یتهیأ له من فنون النکات"([xiii])

کتاب "فی المرآة": حاول البشری أن یجعل کتابه مرآة العصر، فقد تناول فیه سبعًا وعشرین شخصیة من أبرز شخصیات عصره فی مختلف المجالات؛ کالسیاسة، والطب، والفن، والشعر، والاقتصاد، بالنقد والتحلیل. هؤلاء الذین أسهموا فی صناعة تاریخ مصر فی تلک الحقبة، ولا یزال کثیر منهم مادة أساسیة للبحث والاستقصاء.

وقد نشر البشری هذا الکتاب منجمًا على صفحات مجلة السیاسة الأسبوعیة التی أصدرها محمد حسین هیکل فی الربع الأول من القرن العشرین، وتناول فیه زعماء البلاد وأقطاب الفکر والفن والأدب والطب بالتحلیل، وکان تحلیله قویًا أخاذًا.([xiv])

ویتضح من خلال تحلیل البشری للشخصیات الاتجاه السیاسی الذی یمثله؛ الأمر الذی ظهر جلیًّا فى کتابته، حیث أشاد بدور کل من سعد باشا زغلول ومصطفى باشا النحاس. وقد استعمل أسلوبًا ساخرًا فى تناوله النقدی لهذه الشخصیات، وقد لقب البشری بـشیخ الساخرین وجاحظ العصر؛ حیث إنه تأثر بالجاحظ فی أسلوبه وفی نوعیة الموضوعات التی عالجها فی کتاباته؛ فقد تمیز الجاحظ باتخاذه المجتمع مادة لقلمه؛ حیث "تناول عصره بالنقد والوصف والتحلیل فی أکثر ما کتب ... قلما خلا له أثر من علاقة وثیقة بمجتمعه فی کل وجه وکل مضمار. کان ینتقل هازئًا تارة وجادًا تارة أخرى، بین مختلف المواضیع، من الثقافة، إلى الأدیان، إلى الأحزاب والشیع والطبقات، وکان لظروف حیاته الخاصة التی أتاحت له أن یعایش کل فئة من فئات الشعب والحکام، أن جعلت من نتاجه أفضل وأصدق مرآة لعصره"([xv])، کذلک البشری أتیح له الاختلاط بمختلف الطبقات، وعالج فی کتاباته موضوعات اجتماعیة بأسلوب ساخر، وتعد کتاباته مرآة تعکس ما کان یجری فی عصره، وتعکس صور شخصیات ذلک العصر.

2-   الدراسة التطبیقیة

وتنقسم إلى ثلاثة أقسام: التقنیات اللغویة لوصف الشخصیة عند البشری، ذاتیة الوصف عند البشری، الوسائل اللغویة التی وظفها البشری لإقناع المتلقین بصدق صوره الذاتیة.

 

2-1-التقنیات اللغویة لوصف الشخصیة عند عبد العزیز البشری

وصف البشری الشخصیات بمختلف مستویاتها؛ المستوى الجسدی، والمستوى المعنوی (الأخلاقی)، والمستوى النفسی (السیکولوجی)، والمستوى الفعلی، والمستوى الاجتماعی. وستقوم الدراسة بالانطلاق من هذه المستویات لتبحث فی البنى اللغویة التی وظفها البشری عند وصفه للمستویات المختلفة للشخصیات التی یترجم لها.

2-1-1-  المستوى الجسدی:

لا یخلو مقال للبشری فی مرآته من وصف حسی للشخصیة التی یتحدث عنها، سواء أکان ذلک الوصف فی بدایة المقال أم فی منتصفه، وقد وظف البشری العدید من التقنیات اللغویة التی عبر بها عن الصورة الحسیة للموصوف، ویتضح ذلک فی الأمثلة الآتیة:

ـ فی وصفه لإسماعیل باشا صدقی([xvi]) یقول: "ولقد رزقه الله قصدًا فی کل ضواحی خلقه؛ فهو لیس بالطویل ولا بالقصیر، ولا بالبدین ولا بالهزیل، معتدل القامة، متناسب الأعضاء، له وجه لطیف مستدیر، وفم تترقرق علیه ابتسامة حلوة ... ولصدقی باشا عینان حدیدتان، وهما مستدیرتان فی غیر سعة ... ولصدقی باشا صلعة شدیدة الوضوح، تنحدر إلى مؤخر نافوخه حتى لتعرفنه بها مولیًا کما تعرفه مقبلاً".([xvii])

فوصفه بالاعتدال فی الطول والوزن، ووصف وجهه بالاستدارة والبشاشة، ووصف شکل عینیه، ورأسه، فیستطیع القارئ من خلال هذه الأوصاف باستعمال المرکبات الإضافیة (معتدل القامة، متناسب الأعضاء)، والنعوت التی تصف وجهه وعینیه وصلعته (لطیف مستدیر، حدیدیتان، مستدیرتان فی غیر سعة، شدیدة الوضوح)، والجمل الفعلیة التی تصف قامته وفمه وصلعته (لیس بالطویل ولا بالقصیر، تترقرق علیه ابتسامة حلوة، تنحدر إلى مؤخر نافوخه) أن یرسم صورة ذهنیة لإسماعیل باشا صدقی.

ـ قوله فی وصف زیور باشا([xviii]): "أما شکله الخارجی، وأوضاعه الهندسیة، ورسم قطاعاته ومساقطه الأفقیة، فذلک کله یحتاج فی وصفه وضبط مساحاته إلى فن دقیق وهندسة بارعة. والواقع أن زیور باشا رجل ـ إذا صح هذا التعبیرـ یمتاز عن سائر الناس فی کل شیء، ولست أعنی بامتیازه فی شکله المهول طوله ولا عرضه ولا بعد مداه، فإن فی الناس من هم أبدن منه، وأبعد طولاً، وأوفر لحمًا، إلا أن لکل منهم هیکلاً واحدًا. أما صاحبنا فإذا اطلعت علیه أدرکت لأول وهلة أنه مؤلف من عدة مخلوقات لا تدری کیف اتصلت، ولا کیف تعلق بعضها ببعض، وإنک لترى بینها الثابت وبینها المختلج، ومنها ما یدور حول نفسه، ومنها ما یدور حول غیره، وفیها المتیبس المتحجر، وفیها المسترخی المترهل. وعلى کل حال فقد خرجت هضبة عالیة مالت من شعابها إلى الأمام شعبة طویلة، أطل من فوقها على الوادی رأس فیه عینان زائغتان، طلة من یرتقب السقوط إلى قرارة ذلک المهوى السحیق!"([xix])

حاول البشری رسم صورة ذهنیة لزیور باشا فی أذهان المتلقین من خلال توظیفه المجاز بتعبیراته الکنائیة وصوره الاستعاریة، نحو قوله: "مؤلف من عدة مخلوقات لا تدری کیف اتصلت" فهذه صورة کنائیة توحی للمتلقین بضخامة زیور باشا وعدم تناسق أعضائه الجسدیة. ویحمل هذا التعبیر الکنائی لمحة تهکمیة تثیر السخریة من زیور باشا. 

وقوله: "خرجت هضبة عالیة مالت من شعابها إلى الأمام شعبة طویلة، أطل من فوقها على الوادی رأس فیه عینان زائغتان، طلة من یرتقب السقوط إلى قرارة ذلک المهوى السحیق" فیه صورة استعاریة ممتدة تستمد عناصرها من مجال الطبیعة الجبلیة؛ حیث شبه جسده بالهضبة المرتفعة لیعبر عن عدم استواء أعضائه أو تناسقها.

وقد وظف الألفاظ المستعارة من الحقل الدلالی للهندسة والبناء للتعبیر عن غرابة شکل زیور باشا وضخامته " شکله الخارجی، وأوضاعه الهندسیة، ورسم قطاعاته ومساقطه الأفقیة، فذلک کله یحتاج فی وصفه وضبط مساحاته إلى فن دقیق وهندسة بارعة... ولست أعنی بامتیازه فی شکله المهول طوله ولا عرضه ولا بعد مداه "، وفی تلک الصورة الاستعاریة کذلک دلالة تهکمیة ساخرة.

وقد قصد البشری من خلال سخریته من زیور باشا أن ینفر المتلقین منه؛ فللسخریة مکونان أحدهما دلالی یمتد من أقصى درجات الوضوح إلى أقصى درجات الغموض والمفارقة، والآخر انفعالی یمتد من الضحک الخالص إلى الاشمئزاز([xx])، وهو بالفعل الشعور الذی ینتاب متلقی هذا النص الواصف لزیور باشا، فینفرون منه ویستهجنون أفعاله.

وهذه الصور الساخرة التهکمیة اللاذعة نابعة من موقف البشری الأیدیولوجی المعارض لزیور باشا وأسلوبه فی إدارة حکومة البلاد، ومواقفه السیاسیة المختلفة.

ـ قوله فی وصف عزیز باشا عزت([xxi]): "وعزیز باشا عزت کبیر الرأس، له وجه شاحب طویل على جسم رفیع طویل، لو وقف أمامک ولم یتحرک لخلته عصى خیزرانة رکب علیها مقبض من العاج!"([xxii])

وظف التشبیه التمثیلی " لو وقف أمامک ولم یتحرک لخلته عصى خیزرانة رکب علیها مقبض من العاج!" فشبه رأسه الکبیر على جسده الرفیع بالمقبض العاجی الکبیر على العصا الخشبیة، لیوحی للمتلقین بمدی نحافته.

ووظف النعوت المشتقة فی وصف وجهه "شاحب طویل"، وفی وصف هیئة جسده "رفیع طویل"، والمرکب الإضافی "کبیر الرأس" لبیان مدی کبر رأسه وضخامته بالنسبة إلى جسده الرفیع النحیف.

یلاحظ فی الأمثلة السابقة:

-       توظیف البشری للحقول الدلالیة المستمدة من أعضاء الجسد فاستعمل (وجه، عینان، صلعة، نافوخ، رأس).

-       استعمل البشری للوصف الجسدی للشخصیات أدوات لغویة مثل: النعوت، والجمل الفعلیة، والتعبیرات الکنائیة والصور الاستعاریة، والتشبیهات، التهکم والسخریة.

-       على الرغم من أن الوصف الجسدی للشخص ما هو إلا نقل لصورته فی الواقع فإن البشری قد نقل هذه الصورة خاضعًا ومتأثرًا برأیه الذاتی فی الشخصیة التی یصفها.

-       من غیر اللائق أن یلجأ البشری فی الوصف الجسدی للشخصیات  إلى السخریة والتهکم؛ حیث إن السخریة الهادفة تثیر الضحک من الشخص بسبب عیب معنوی فیه؛ ویکون الضحک نوعًا من الإشارة الاجتماعیة التی تنبه الشخص المضحوک منه إلى ذلک العیب؛ فیحاول أن یبدله أو لا یظهره أمام الناس، أو یظهره بشکل مختلف([xxiii])، أما السخریة من الأوصاف الجسدیة التی لا سبیل إلى إصلاحها فهی سخریة بلا هدف.

2-1-2- المستوى المعنوی (الأخلاقی):

وظف البشری العدید من الوسائل اللغویة التی عبر بها عما اتصفت به شخصیات "فی المرآة" من سمات وخصال میزت أخلاقهم، وذلک نحو:

ـ قوله فی وصف إسماعیل سری([xxiv]): "ومن أظهر صفات هذا الرجل أنه وصول لرحمه، دائب جاهد فی غیر ملل ولا سأم على کل ما یعود بالخیر على ولده وأصهاره وسائر عشیرته. ولو مد له فی الحکم وبسط له فی السلطان "لرفت" جمیع موظفی الحکومة، وجمع إلى کل فتى من أهله 457 وظیفة فی آن واحد، حتى یستطیع أن یقصر وظائف الدولة علیهم فلا یتولى واحدة منها خارج عنهم ..."([xxv])

وظف البشری المفارقة فی بیان الصفات الخلقیة لإسماعیل سری باشا، والمفارقة  کما وصفها د. محمد العبد "أداة أسلوبیة فعالة للتهکم والاستهزاء"([xxvi])؛ بل إن د. محمد العمری قد عرف السخریة بأنها "مفارقة ذات صبغة وجدانیة"([xxvii]). وقد درس البلاغیون القدماء المفارقة تحت مصطلح "التهکم"([xxviii])، و"الدلالة فی المفارقة دلالة لفظیة سیاقیة، تخرج على معنى الجملة الحرفی إلى معنى المتکلم، على ظاهر المعنى إلى ضده، على المعنى الحرفی إلى المدلول الذی تنتجه المقابلة، بما هی ـ اتساعًا ـ تضاد لغوی سیاقی بین فعلین أو حدثین أو موقفین"([xxix]).فالمفارقة تخرج على الظاهر إلى الباطن النقیض لا لازم معنى اللفظ، ویعد المعنى المضاد تعبیر انتقادی تهکمی، وللمفارقة دال واحد ومدلولین اثنین؛ أحدهما حرفی ظاهری والآخر خفی متعلق بالمغزى.([xxx])

فقوله "وصول للرحم، دائب جاهد فی غیر ملل ولا سأم..." وصفٌ بصیغة المبالغة واسم الفاعل یوحی بحسن خلق إسماعیل سری باشا وصلته لرحمه ذلک الخلق الفاضل الذی لا یختلف اثنان علیه، لکن متابعة السیاق اللغوی الوارد فیه الوصف، ومعرفة المتلقین بالسیاق الخارجی یکشف عن وجود مفارقة لغویة أراد بها البشری التهکم والاستهزاء من تلک الأخلاقیات التی یتصف بها سری باشا؛ حیث إنه یمیل إلى الواسطة والتحیز للأقرباء. فقد وظف المفارقة لیدل على عکس المعنى الظاهری لکلامه.

ـ قوله واصفًا أحمد لطفی السید([xxxi]): "لا أدری، أَعِلْمه أوفر من عقله، أم عقله أوفر من علمه؟ إلا أنه أوفى بهما کلیهما على الغایة. وهو عالم واسع العلم، وعاقل واثق العقل، وذکی متسعر الذکاء."([xxxii])

وظف اسم الفاعل فی قوله "عالم ، عاقل"، والمرکبات الإضافیة فی قوله: "واسع العلم، واثق الذکاء، متسعر الذکاء"، مع تکریر الجذر فی قوله: "عالم واسع العلم، وعاقل واثق العقل، وذکی متسعر الذکاء" لیصف لطفی السید بسعة العلم، وحکمة العقل، وشدة الذکاء، ویؤکد ذلک الوصف بالتکریر الشکلی الجزئی لکلٍ من الجذر اللغوی للعلم والعقل والذکاء، والبنیة اللغویة لاسم الفاعل.

ـ قوله فی وصفه لعدلی یکن([xxxiii]): " لا یمتاز فی شیء من ذلک إلا بالنبل والکبر على الصغائر والترفع عن سفاسف الأمور."([xxxiv])

وظف أسلوب القصر بالنفی والاستثناء "لا یمتاز ... إلا بالنبل ..." لیؤکد الرقی الأخلاقی لعدلی باشا یکن؛ حیث إنه کریم النفس یترفع عن الصغائر، ﻔ"القصر بأدوات النفی والحصر یکون من باب قصر الموصوف على الصفة"([xxxv]) فقد قصر عدلی یکن على صفات النبل والترفع عن الصغائر دون غیرها من الصفات، مما یدل على تفرده بهذه الصفات وتمیزه بها.

یلاحظ  فی الوصف المعنوى عند عبد العزیز البشری:

-       استعمال أدوات لغویة مثل: اسم الفاعل، والمرکبات الإضافیة، والقصر، والمفارقة والتهکم.

-       استعمل البشری المفارقة والتهکم لإبراز عیوب أخلاقیة ومعنویة، ولفت الانتباه إلیها؛ ومن ثم یحرص أصحابها على التخلص منها أو تغییرها وعدم إظهارها.

-       خضوع الوصف لموقفه الذاتی من الشخصیة الموصوفة.

2-1-3- المستوى النفسی (السیکولوجی):

 یغوص النعت النفسی إلى أعماق الشخصیة ویصف سلوکها، متتبعًا تطورها([xxxvi]). ویتضح هذا المستوى فی مقالات البشری الوصفیة، فی:

ـ وصف زیور باشا بقوله: "... وعلى کل حال فقد خرجت هضبة عالیة مالت من شعابها إلى الأمام شعبة طویلة، أطل من فوقها على الوادی رأس فیه عینان زائغتان، طلة من یرتقب السقوط إلى قرارة ذلک المهوى السحیق!"([xxxvii])

توظیف النعت من اسم الفاعل "زائغتان" مع التشبیه التمثیلی "أطل ... طلة من یرتقب السقوط إلى قرارة ذلک المهوى السحیق" یوحی بالحالة الشعوریة التی یحیا فیها زیور باشا، فهو یعیش فی قلق دائم وخوف، وتظهر تلک الحالة الشعوریة على ملامح وجهه ونظرات عینیه.

ـ وصف عدلی باشا یکن بالثبات الانفعالی بقوله: "تتجلجل الدنیا من حوله وهو ثابت ثبات الهرم الأکبر."([xxxviii])

عبر البشری عن اتصاف عدلی یکن بالثبات باستعمال صیغة اسم الفاعل (ثابت)، واستعمال التشبیه التمثیلی، فهمهما تزلزلت الدنیا حوله وحدث من الأمور ما یستدعی الاضطراب والقلق فإنه لا یتأثر ویظل هادئًا ثابتًا کالهرم الأکبر ذلک البناء الراسخ على الأرض منذ آلاف السنین، صامدًا وشامخًا على حاله، لا یتأثر بأی عوامل بیئیة حوله.

ـ فی وصف عبد الحمید سعید بک([xxxix]): "أما روحه الذی بین جنبیه، وأما عزمه الصائل فی نفسه، فأشبه بسکان هیاکل سلیمان، منهما بغرائز بنی الإنسان. فهو مارد النفس والقوة، مارد العزم والفتوة!"([xl])

استعمل التشبیه التمثیلی فی قوله "عزمه الصائل فی نفسه فأشبه بسکان هیاکل سلیمان" ووظف الکنایة مع توظیفه التوازی فی قوله "مارد النفس والقوة، مارد العزم والفتوة"، والتوازی کما یعرفه کوتش Koch هو "تضام المفردات المترادفة فی مزاوجات معجمیة"([xli])، فتتکرر الجذور اللغویة والصیغ الصرفیة لتنتج عبارت وجملاً متوازیة.([xlii])، وتعد هذه البنیة من أبرز البنى المستعملة فی الخطاب الإقناعی، وذلک لیعبر عن قوة نفسه وشدید عزمه.

یلاحظ  عند البشری فی الوصف النفسی لشخوصه توظیفه لکلٍ من: اسم الفاعل، والتشبیه التمثیلی، والکنایة، والتوازی.

یلاحظ اختلاط الوصفین النفسی والمعنوی أحیانًا لأن کل ما یصدر عن الإنسان من سلوکیات وأخلاقیات إنما هو نابع من نفوسهم وحالاتهم الشعوریة التی تکونت عبر سنین عدیدة وتجارب کثیرة أثرت فیهم.

2-1-4- المستوى الفعلی:

تتنوع أفعال الشخصیات إلى أفعال مادیة ومعنویة، ویبرز وصف أفعال الشخصیات فی مقالات البشری فی نحو:

ـ قوله متحدثًا عن وطنیة عبد الحمید سعید بک: "ویهاجر صاحبنا إلى باریس یدعو لمصر، ویرفع للعالم حجتها، ویجاهد فی سبیلها بما یملک من المال واللسان والقلم.."([xliii])

استعمال الجمل الفعلیة ذات الفعل المضارع (یدعو، یرفع، یجاهد) لیدل على أن جهاد عبد الحمید سعید بک الوطنی صفة ملازمة له ویستمر فیه ولا ینقطع أو یفتر عنه ابدًا.

واستعمل السلسلة اللفظیة (المال واللسان والقلم) لیدل على جهاده الوطنی بکل ما یملکه، فجهاده لیس مقتصرًا على المال، أو الجهد، بل یشمل کل هذا.

والأفعال التی وصفها البشری هنا أفعال مادیة ومعنویة کان لها أثر عظیم فی الدعوة الوطنیة.

ـ قوله عن صدقی باشا: "أنقذ بمهارته میزانیة الدولة مرة، وکان قد أشرف بها سلفه على الدمار، وما یزال یعالج بتلک العبقریة الفذة میزانیة الدولة وزیرًا وعضوًا فی مجلس النواب."([xliv])

الأفعال التی وصفها البشری لصدقی باشا أفعال مادیة تبرز مهارته فی إدارة الأزمات المالیة للدولة، وقد عبر عنها بتوظیفه للفعل الماضی (أنقذ) الذی یفید الثبوت والتحقیق، والفعل المضارع (ما یزال یعالج) الذی یوضح استمراره فی تخطی الأزمات المالیة للدولة وعلاجها.

ووظف الوصف (العبقریة الفذة) لیبین من خلاله قدرة صدقی باشا على إدارة الشئون المالیة وتمکنه وخبرته فی تلک المسألة.

ووظف التمییز (وزیرًا وعضوًا) لیوضح موقعه فی الدولة الذی یسمح له باستعمال عبقریته الفذة فی إنقاذ الدولة من الأزمات المالیة.

ـ قوله فی حدیثه عن إنجازات السیدة هدى شعراوی([xlv]): "فقد راحت تعمل على تهذیب المرأة المصریة وتعلیمها، ورفع شأنها بکل دخل فی إمکانها من الذرائع: فمن إنشاء مدرسة، إلى إقامة ملجأ، إلى تشیید مشغل، إلى نشر مجلة ... فأقامت مصنعًا للخزف؛ تحیی به صناعة وطنیة من جهة، وتعصم به من جهة أخرى طائفة کبیرة من الفتیان المتبطلین من التشرد والاطراد فی طرق الشر والإجرام..."([xlvi])

وظف الأفعال الماضیة (راحت، أقامت) بما تفیده من تأکید وتحقق، وأفعال مضارعة (تعمل، تحیی، تعصم) بما تفیده من تجدد واستمرار لیبین بقاء أثر عملها، فأفعال هدى شعراوی التی تعرض لها البشری بالوصف أفعال مادیة کان لها عظیم الأثر فی حیاة الوطن وأفراده.

یلاحظ أن فی وصفه للمستوى الفعلی وظف عددًا من الأدوات اللغویة: عبر البشری من خلالها عن الأفعال المادیة والأفعال المعنویة للشخصیات، وذلک مثل توظیفه للأفعال الماضیة والمضارعة، والوصف، والتمییز، والسلاسل اللفظیة.

2-1-5- المستوى الاجتماعی:

یبرز النعت الاجتماعی الهویة الطبقیة للشخصیات([xlvii])، وقد حرص البشری فی عدد من الشخصیات التی رسمها بقلمه أن یبرز هویتها الاجتماعیة بعد بیان مواصفاتها الشکلیة والمعنویة. ویتضح ذلک فی نحو:

ـ بیانه لمکانة السیدة هدى شعراوی: "ولقد اجتمع للسیدة هدى هانم ما لم یجتمع لکثیرات فی هذه البلاد، اجتمع لها الحسب والغنى، والذکاء والنشاط، والغیرة الشدیدة على النفع العام."([xlviii])

استعمل المرکبات العطفیة التی تصف مکانتها الاجتماعیة (الحسب والغنى)، وتصف أخلاقها المعنویة (الذکاء والنشاط).

ـ قوله فی حدیثه عن عزیز باشا عزت: "وقد نجم فی بیت حسب وغنى، وتعلم فی صدر شبابه فی مدارس مصر، ثم شخص إلى إنجلترا فتلقى العلم فی مدارسها، ثم دخل فی جامعة "ولش" العسکریة حتى إذا طوى فیها سنین طالبًا مجدًا متفوقًا، خرج منها ضابطًا فی الجیش البریطانی، ثم استقال وعاد إلى مصر، فانتظم فی خدمة الحکومة المصریة حتى قلد وکالة الخارجیة إلى أن کانت وزارة محمد باشا سعید الأولى، فلم یر أن یبقى فی وزارة الخارجیة وکیلاً، فنزح بأهله إلى لندن وأقام فیها کل هذه السنین."([xlix])

وظف الأفعال الماضیة (نجم، تعلم، شخص، دخل، خرج، قلد)، والمرکب العطفی (حسب وغنى)، وأسلوب الحکی؛ لیعبر عن المکانة الاجتماعیة لعزیز عزت، وأنه کان من أسرة عریقة، وعُلِّمَ تعلیمًا عالیًا، وشغل وظائف مرموقة، وله صلة وثیقة بالإنجلیز.

ـ فی وصفه للشاعر أحمد شوقی([l]): "وإذا رأیت أثر النعمة بادیًا على شعر شوقی، فلا یتعاظمنک هذا ممن لاغاه إسماعیل طفلاً، ورباه توفیق یافعًا، وخرجه عباس رجلاً، وعاش عمره متقلب الأعطاف فی الترف والنعیم".([li])

استعمال الأفعال الماضیة المتسلسلة تسلسلاً زمنیًا وفق مراحل شوقی العمریة المختلفة "لاغاه، رباه، خرجه" مع إسناد حکام مصر إلیها (إسماعیل، توفیق، عباس) یبرز الطبقة الاجتماعیة التی بزغ منها نجم شوقی، وهی طبقة الحکام والأمراء، وبالتالی فهو متأثر بهذه الطبقة، ویدین لها بالولاء.

یلاحظ أن الأدوات اللغویة التی وظفت فی وصف المستوى الاجتماعی تتمثل فی: المرکبات العطفیة، وأسلوب الحکی، والأفعال الماضیة.

2-2- ذاتیة الوصف عند عبد العزیز البشری

من مستویات الوصف الخمسة السابقة اتضح أن عبد العزیز البشری کان یعرض صور الشخصیات من وجهة نظره، ویوظف اللغة من أجل إقناع المتلقین بصدق تلک الصورة التی یرسمها، وبناءً على هذا ستوضح الدراسة القرائن اللغویة التی تدل على ذاتیة الوصف عند البشری وبعده عن الموضوعیة، ثم توضح الآلیات اللغویة التی وظفها لإقناع المتلقین بصدق وصفه الذاتی.

مما یدل على أن وصفه للشخصیات وصف ذاتی یعبر عن وجهة نظره وینبعث عن أیدیولوجیاته وأفکاره ولیس وصفًا موضوعیًا مطابقًا للواقع:

2-2-1-استعماله لضمیر المتکلم:

ـ قوله فی حدیثه عن هدى شعراوی، وقد ساق قبله مقدمة موضوعیة طویلة یبرر بها موقفه الرجعی من المرأة: "وإنما سقتُ هذه المقدمة الطویلة، المملة أیضًا، لأقرر أننی، فی مسألة المرأة، رجل رجعی، لا أرد هذا إلى قیاس منطقی عقلی، على الطراز القدیم، إنما مرد الأمر کله إلى قیاس وجدانی على الطراز الحدیث. نعم لا أدعی أننی حرکت الأمر فی عقلی فأثبت لی بعد ترتیب الأقیسة المنطقیة، أن "نهضة المرأة المصریة" غیر میسورة أو غیر صالحة، إنما هی نزوة الوجدان لا تلهمنی من هذا إلا أسى وتطیرًا"([lii])

فقد استعمل ضمائر المتکلم (تاء المتکلم، یاء المتکلم، أنا) على اختلافها (الظاهر، والمستتر، والمتصل)؛ لیدل على أن ما یقرره فی مقاله هو رأیه الشخصی الدال على رجعیته وتخلفه عن رکب التطور والتقدم فیما یخص قضیة المرأة ودورها فی المجتمع (وفق ما وصف نفسه). کما أکد على إصراره وتشبثه بموقفه تجاه المرأة على الرغم من وجود نماذج استثنائیة ـ وقتها ـ کالسیدة هدى شعراوی التی وصفها فی مقاله باستعماله للفعل المضارع (أقرر، لا أدعی) بما یحمله من دلالة التجدد والاستمرار، وتوکیده الفعل المضارع بلام التوکید، واستعمال حرف الجواب نعم یحمل کلامه مزیدًا من التأکید.

قوله فی حدیثه عن علی الشمسی باشا([liii]): "وهنا یحلو لی أن أقرر ملاحظة صغیرة: تلک أنه لم یکد یخرج رجل فینا إلى میدان السیاسة إلا جاز إلیه بالحزب الوطنی والتشیع بادئ الرأی لمبادئه. والوجه فی هذا ـ على تقدیری ـ أن الحزب الوطنی حزب الشباب حقًا، وأن مبادئه مبادئ الشباب حقًا".([liv])

استعمال یاء المتکلم فی (لی، تقدیری)، واستعمال ضمیر المتکلم المستتر (أنا) فی (یحلو، أقرر)، مع توظیف  الاعتراض (على تقدیری)، یوحی بإعجابه بالحزب الوطنی، وأنه الحزب الذی تحرکه حماسة الشباب وعزمهم وأملهم فی تحقیق الخیر للوطن، ویدل على تقدیره لشخص علی الشمسی باشا المنتمی للحزب الوطنی والمتحدث باسمه فی مواطن عدیدة.

یلاحظ أن البشری عندما یعبر عن رأیه الشخصی یوظف، بخلاف ضمائر المتکلم المتنوعة، الفعل المضارع (أقرر) فی مواضع مختلفة، کما یستعمل الألفاظ المؤکدة مثل: نعم، حقًا؛ لیؤکد للمتلقین صحة ما یذهب إلیه، محاولاً التأثیر فیهم وإقناعهم بصحة رأیه.

2-2-2ـ المبالغة

یقول الخطیب القزوینی (ت739ھ) فی تعریفه للمبالغة: "أن یُدَّعى لوصف بلوغه فی الشدة أو الضعف حدًا مستحیلاً أو مستبعدًا؛ لئلا یُظن أنه غیر متناه فی الشدة أو الضعف. وتنحصر فی التبلیغ والإغراق والغلو؛ لأن المدعی للوصف من الشدة أو الضعف إما أن یکون ممکنًا فی نفسه، أو لا. الثانی الغلو، الأول إما أن یکون ممکنًا فی العادة أیضًا أو لا. الأول التبلیغ والثانی الإغراق".([lv])

والتبلیغ لا یمتنع عادةً ولا عقلاً، والإغراق یمتنع عادة ولا یمتنع عقلاً، أما الغلو فله ثلاثة أنواع؛ أولها: ما أُدخل علیه ما یقربه إللى الصحة نحو لفظ (یکاد)، ثانیها: ما تضمن نوعًا حسنًا من التخییل، ثالثها: ما أخرج مخرج الهزل والخلاعة.([lvi])

ویقول د. عباس الألوسی إن المبالغة "ضرب من الإیجاز یختزن معانی کثیرة ... أسلوب من أسالیب العربیة یؤتى به لتفخیم المعنى وظلاله وتمکینه فی نفس المتلقی."([lvii]).

وقد وظف البشری المبالغة على ضربین؛ الأول هو المدح والثناء والإطراء (التبلیغ الممکن عادةً وعقلاً، الإغراق الممکن عقلاً لا عادة)، والثانی للتهکم والسخریة والنقد اللاذع (الغلو الذی یخرج مخرج الخلاعة والهزل)، وهذا بالطبع من وجهة نظره الشخصیة.

فی المدح والثناء والإطراء

ـ قوله متحدثًا عن أحمد لطفی السید: "وتولى الجریدة فکان کاتبًا لا یبارى، کما کان صحفیًا لا یضارع ... "([lviii])

بالغ البشری فی الإطراء على أحمد لطفی السید بوصفه له بأنه (لا یبارى، لا یضارع) هذه الأوصاف التی جمعها لأحمد لطفی السید، إنما تعبر عن نظرة ورؤیة شخصیة للبشری یحاول أن یثبتها ویقنع القارئ بها، وهی أوصاف غیر ممتنعة عقلاً ولا عادةً.

ـ قوله مادحًا عدلی باشا یکن: "فإذا ذُکرت الشجاعة قالوا إنه عنتر عبس، وإذا ذُکر الحلم حلفوا أنه الأحنف بن قیس، وإذا عرض حدیث المکارم أقسموا أنه أجود من حاتم، فإذا کان الکلام فی الفصحاء والمقاول زعموا أنه أخطب من سحبان وائل".([lix])

بالغ البشری فی مدح کریم خصال عدلی باشا یکن موظفًا الشخصیات التاریخیة (عنترة العبسی([lx])، والأحنف بن قیس([lxi])، وحاتم الطائی، وسحبان بن وائل) بما اشتهرت به کل شخصیة، والأمثال العربیة: أجود من حاتم([lxii]) الذی یضرب به المثل فی الجود والکرم، وأخطب من سحبان وائل([lxiii]) الذی یضرب به المثل فی الفصاحة والبیان؛ وذلک لیعبر عن تجمع کریم الخصال فی شخصه فقد بلغ أعلى درجات الشجاعة والحلم والکرم والفصاحة، وهی کلها خصال غیر ممتنع عقلیًا أن تجتمع فی شخص واحد، لکنها تمتنع عادةً.

فی التهکم والسخریة والنقد اللاذع

یشترک التهکم مع السخریة فی کونهما یدلان على الهزء والتکبر والشعور بالأفضلیة، ویعد التهکم أقصى درجات السخریة، فیسعى المتهکم لتصور المتهکم به فی أبشع المظاهر، فهو تدمیر للذات وکیانها، وأقسى من السخریة وأشد وقعًا على النفس، وهو لون من السخریة یلتبس بغیره من الأغراض کالهجاء أو التعریض أو الدعابة، ویکون بطریقة غیر مباشرة. والتهکم یصرح بالفکرة المقصودة على عکس السخریة.([lxiv]) ومن ذلک:

ـ قوله فی سیاق إطرائه على اللون الکتابی العامی الذی احترفه فکری أباظة([lxv]): " أخشى ألا یعجب هذا الکلام الأساتذة: علام سلامة، ومصطفى صادق الرافعی، ومهدی خلیل ... ولا أقول لهم إن لغتکم لا تتسع لهذا الضرب من "النکتة" وأسباب التظرف، لکنی أقول لهم: إذا أبیتم ألا یتندر الناس إلا بالفصیح الصحیح، فعلیکم أولاً بتحفیظ الأمة کلها المعلقات السبع والملحمات السبع ... وأنا زعیم لکم بأن الناس لن یعودوا یسمعون فی أعراس أولاد البلد فی خلل الغناء فی "قافیة أسماء الشوارع" مثلاً: اللی على جتتک! اشمعنى؟ الضرب لحمر! بل سیسمعون بدلها إن شاء الله: هذا البادی على جثمانک! ما باله؟ من أثر المشق بالسیاط!"([lxvi])

فقد أطرى على الکتابة العامیة لفکری أباظة عن طریق السخریة اللاذعة من کُتَّاب الفصحى ببیان أن طریقتهم فی الکتابة لا تسمح بألوان الفکاهة والنکات المختلفة، وهذا بالطبع فی رأی البشری الذی استعمل ضمائر المتکلم (أنا، یاء المتکلم) قبل عرض رأیه.

ـ قوله فی سیاق حدیثه عن أحمد مظلوم باشا([lxvii]): "ومظلوم أکفأ الإنس والجن لأن یظل "ناظرًا" للمالیة ثلاث عشرة سنة لا یلی أمرًا، ولا یراجع فی مسألة، ولا یبدی رأیًا، ولا یقرأ سطرًا، ولا یکتب کلمة، ولا ینطق بحرف، حتى یقال له خذ متاعک لقد سقطت الوزارة، فلا یجد ما یحمله معه إلا أنفه وإلا یدیه ورجلیه، أستغفر الله! وإلا الختم".([lxviii])

استعمل أفعل التفضیل (أکفأ) مع المصاحبة اللفظیة (الإنس والجن) التی تحمل علاقة التضاد بین جزأیها لیفید العموم والشمول، فمظلوم باشا فی إدارته لوزارة المالیة قد فاق کل البشر بل غیر البشر أیضًا من الجن فی عجزه عن الإدارة الصحیحة لها. وفی استعماله "أکفأ" مفارقة لغویة بغرض التهکم والسخریة؛ حیث قصد معنى باطنًا یخرج عن الدلالة الحرفیة الظاهرة لاسم التفضیل "أکفأ" الذی یدل على أنه الأقدر والأحسن تصریفًا للأمور، فقصد المعنى المناقض للمعنى الأصلی.

کما استعمل متوالیات الأفعال المضارعة المنفیة (لا یلی، لا یراجع، لا یبدی، لا یقرأ، لا یکتب، لا ینطق) ذات المفعول به النکرة الدال على العموم والشمول، لیبین أنه  لم یفد وزارة المالیة بأی شیء صغیرًا کان أو کبیرًا، ولیعبر عن عجز مظلوم باشا فی عن أداء أی مهمة، على اختلاف المهام وتنوعها، فی تلک الوزارة.

والقصر (فلا یجد ما یحمله معه إلا أنفه وإلا یدیه ورجلیه ... وإلا الختم) فقد کرر أداة الاستثناء "إلا"، والاعتراض بقوله (أستغفر الله) یحمل دلالة تهکمیة ساخرة. کل هذه الوسائل اللغویة تدل على سوء إدارة مظلوم باشا لوزارة المالیة وعدم قدرته على شغل هذا المنصب بجدارة.

2-2-3-الجمل الاعتراضیة:

ـ کما فی وصفه لزیور باشا: "والواقع أن زیور باشا رجل ـ إذا صح هذا التعبیر ـ یمتاز عن سائر الناس فی کل شیء ..."([lxix])

فتوظیفه للاعتراض بغرض تهکمی یعبر عن نظرته الرافضة لشخص زیور باشا والساخر منه. فقد اعترض هنا باستعمال أسلوب الشرط (إذا صح هذا التعبیر)، مستخدمًا أداة الشرط "إذا" التی تفید التحقیق بدلاً من "إن" التی تفید الشک حفاظًا على ما تبقى من صلة بینه وبین زیور باشا الذی لاقى سخریة لاذعة فی هذا المقال. فإذا تکون ”لما تُیُقِّن وجوده أو رُجِّح، بخلاف (إنْ) فإنها للمشکوک فیه“([lxx])، وقد ذکر د. عبد المتعال الصعیدی أن إذا قد تستعمل مع شرط غیر مقطوع به لأغراض منها: تنزیل غیر الجازم منزلة الجازم، ومنها تغلیب الجازم على غیر الجازم، ومنها قصد التوبیخ على الشک فی الشرط لأنه لا ینبغی أن یکون.([lxxi])، وقد یکون قصد التوبیخ هو مراد البشری فی هذا الاعتراض الشرطی.

ـ فی حدیثه عن صدقی باشا: "ومما یحصى له، إن کانت تحصى مفاخر آثاره، تلک المحاضرة الرائعة التی ألقاها فی العام الماضی ..."([lxxii])

فالاعتراض بالجملة الشرطیة التی أداتها "إنْ" التی تفید الشک، یدل على کثرة أعماله العظیمة التی تخدم البلاد وتحقق صالحها، ویعبر عن رأیه فی صدقی باشا، وأنه یراه شخصیة عظیمة محل فخر له وللأمة المصریة کلها.

2-3- الوسائل اللغویة التی وظفها البشری لإقناع المتلقین بصدق صوره الذاتیة التی رسمها:

بالإضافة إلى الأدوات اللغویة التی شکلت الصور التی وصف بها المستویات الخمسة لشخصیات "فی المرآة"، وظف عبد العزیز البشری عددًا من الأدوات اللغویة التی أسهمت فی إقناع المتلقین بصدق وصفه الذاتی لتلک الشخصیات، ومن تلک الأدوات:

2-3-1-التکرار:

وظف البشری التکرار بنوعیه الشکلی والمضمونی لیقنع المتلقین بصدق الصورة التی رسمها للشخصیات فی مقالاته.

 

تکرار الشکل:

ـ قوله فی وصف سعد زغلول([lxxiii]): "وقد سوى الله له هذه العظمة من یوم مدرجه، فکان طالبًا عظیمًا، وکان مدرهًا([lxxiv]) عظیمًا، وکان قاضیًا عظیمًا"([lxxv])

تکرار الوصف بصیغة المبالغة "عظیم" فی المرکبات الوصفیة "طالبًا عظیمًا، مدرهًا عظیمًا، قتضیًا عظیمًا" مع تغییر الموصوف، یؤکد عظم شخصیة سعد زغلول منذ کان صغیرًا حتى وصل إلى أعلى المناصب، فالعظمة صفة معنویة ملازمة له فی مراحله العمریة المختلفة.

ـ قوله متحدثًا عن حافظ رمضان([lxxvi]): "والواقع أن الله تعالى قد وهب هذا الرجل قصدًا واعتدالاً فی کل شیء، فهو معتدل الخلق والتکوین، معتدل الأخلاق والسجایا، معتدل الحرکة والسعی، معتدل الحدیث والرأی ..."([lxxvii])

التکرار الشکلی بنوعیه الکلی والجزئی للجذر اللغوی (عدل)؛ حیث ذکر المصدر (اعتدال)، ثم کرر اسم الفاعل (معتدل) أربع مرات فی مرکبات إضافیة، مع تغییر المضاف إلیه؛ لیؤکد هذه السمة فی شخصیة حافظ رمضان باشا ومظهره الخارجی. ویلاحظ المزاوجات فی المرکبات الإضافیة التی تؤکد کذلک شمول الاعتدال لکل شیء یمیزه أو یصدر عنه.

تکرار المضمون:

ـ قوله واصفًا زیور باشا: "أما صاحبنا فإذا اطلعت علیه، أدرکت لأول وهلة أنه مؤلف من عدة مخلوقات لا تدری کیف اتصلت ... فقد غلط الناس إذا حسبوا أن زیور رجلاً واحدًا. والواقع أنه عدة رجال وعلى الصحیح عدة مخلوقات، لا تدری کما حدثتک، کیف اتصلت ولا کیف تعلق بعضها ببعض..."([lxxviii])

مزج فی وصفه لهیئة زیور باشا بین التکرار المعنوی والتکرار الشکلی؛ لیعبر عن ضحامة جسده، فیصفه بأنه "مؤلف من عدة مخلوقات، غلط الناس إذا حسبوا أن زیور رجلاً واحدًا، عدة رجال، عدة مخلوقات"

وتکراره الشکلی للاستفهام التعجبی: "لا تدری کیف اتصلت" ثم الإتیان بمرادفه "ولا کیف تعلق بعضها ببعض" یدل على غرابة هیئته وإثارتها لدهشة من حوله وعدم إلفها.

وفی التعبیرات التکراریة مبالغة وتهکم یبرز مدى نقم البشری على شخص زیور باشا الذی کان رئیس وزراء مصر.

ـ قوله فی وصف هیئة إبراهیم وجیه باشا([lxxix]) وشکله: "طویل، ضافی الجسم، متراخی الأطراف، تتسرح العین منه فی منظر غیر مؤتلف ولا متسق، وبعبارة أخرى إن عینک لا تکاد تسقط علیه حتى تشعر بما بین خَلقه وبین قیافته من سوء تفاهم! ...قلت لک فی صدر هذا الحدیث إن بین خَلق وجیه باشا وبین قیافته افتراقًا وسوء تفاهم، وأَکُرُّ على هذا الآن فأقول لک: إنه مع کل هذا التأنق، وکل هذا التجمل، وکل هذه النفقات، وکل هذه التکالیف، لا یزیدک فی مَرْآه على أمیرالای فی المعاش!"([lxxx])

فی وصفه لمظهر إبراهیم وجیه باشا الخارجی استعمل کلاً من نوعی التکرار المعنوی والشکلی، فقد وصف مظهره باستعمال المرکب العطفی "غیر مؤتلف ولا متسق" الذی تربط بین جزأیه علاقة ترادف؛ لیؤکد سوء مظهره، وعدم انسجام شکله مع ما یرتدیه من ملابس، ثم کَنَّى عن سوء مظهره بقوله "تشعر بما بین خلقه وبین قیافته من سوء تفاهم" لیؤکد المعنى نفسه بتکرار المضمون من خلال هذا التعبیر الکنائی الذی حمل فی طیاته لمحة تهکمیة ساخرة من شخصه ومظهره.

ثم یکرر المعنى نفسه تکرارًا شکلیًا "إن بین خلق وجیه باشا وبین قیافته افتراقًا وسوء تفاهم" لمزید من التأکید الذی یحقق الإقناع للمتلقی بأن إبراهیم وجیه باشا سیئ المظهر، وبالطبع إن صاحب المظهر غیر المتسق لن یصدر عنه سلوکیات متسقة.

2-3-2-الاستشهادات:

تأتی غالبیة استشهادات البشری بأمثلة واقعیة لیدلل من خلالها على صحة ما یأتی به من أوصاف لشخصیات کتابه، فالمثال یؤتى به فی الحالات التی لا توجد فیها عادة مقدمات، فیؤتى به للبرهنة ولتأسیس قاعدة؛ فیمکن أن تبنى علیه قاعدة تکون عامة وتشکل قانونًا.([lxxxi]) والانطلاق من مثال خاص وتعمیمه یعد من أکثر الأسالیب الناجحة فی إقناع الآخرین، فالمثال ملموس وقریب من تصور المستمعین وفهمهم([lxxxii])، ومن الأمثلة التی وظفها البشری:

ـ قوله مدللاً على براعة سعد زغلول فی الجدال وقوة حجته: "وإن أنس، لا أنس لیلة مضت من عشر سنین حاور فیها مستشارًا کان فی محکمة الاستئناف، معروفًا بشدة الجدال، فی مسألة فقهیة، وکلما انحط الرجل فیها على رأی أزعجه سعد فطار إلى غیره، حتى إذا ظن أنه تمکن فی أفحوصه ثار علیه بالحجة فوثب إلى سواه، ومازال به صدرًا من اللیل ینشره ویطویه، وینقله من رأی إلى رأی، ویحوله من قول إلى قول، حتى داخ الرجل ووهن، ولم یبق فیه فضل لحوار ولا جدل!"([lxxxiii]).

یستشهد البشری بمثال واقعی حدث أمامه وشهده یدل على قوة حجة سعد زغلول ومنطقه السلیم ورجاحة عقله.

ـ قوله مستشهدًا على حرص الشیخ أبی الفضل الجیزاوی([lxxxiv]) على إطاعة کل ما یؤمر به ممن یستدرج الأمر منهم؛ لسعة علمه وحسن تصرفه: "ومن طریف ما یُذکر لمولانا الشیخ فی هذا الصدد ویدل على عظیم تصرفه وحاضر حجته أن عالمًا یَمُتُّ لنشأت باشا بالصهر، وقد نال إجازة التدریس من الأزهر على أنه شافعی المذهب، وبعد سنین تقدم إلى الامتحان فی فقه أبی حنیفة توسلاً إلى تقلد منصب القضاء الشرعی، فلما طُرح اسمه على لجنة اختیار القضاة الشرعیین، ولم یکن لنشأت باشا فی ذلک الیوم شأن ولا خطر، عارض مولانا الأکبر فی تعیین ذلک الشیخ بحجة أنه شافعی. وتدور الأیام ویقبض نشأت باشا على کل السلطة فی الحکومة ـ کما تعرف ـ فیٌردُّ اسم الشیخ صهره على اللجنة، ویتبارى بعض الشیوخ من أعضائها فی تزکیته وتبیین مزایاه، ویؤًمِّن على شهادتهم فیه مولانا الأستاذ الأکبر هاتفًا بهم: ولا تنسوا أنه مع کونه عالمًا حنفیًا فهو یجید فقه الشافعی أیضًا!"([lxxxv])

استشهد البشری بموقف حقیقی ماثور یُذکر عن الشیخ أبو الفضل الجیزاوی یؤکد ذکاءه وفطنته وحسن تصرفه.

2-3-3-الجمل الاعتراضیة:

وظف البشری الجمل الاعتراضیة لتوکید وصفه، ولإقناع المتلقین بصدق صوره، وذلک نحو:

ـ قوله متحدثًا عن محمد أبی نافع باشا: "والواقع أن أبا نافع باشا أخذ نفسه بألا یطَّلع من صور الحیاة إلا على نواحیها المفرحة، وإنک لا تراه، مهما جدَّ الجد وأزم الخطب، إلا مرحًا طروبًا، ولا تراه یعرض للأحداث العامة وغیر العامة، مهما جل شأنها، إلا من ناحیة ما یستشف فیها من نکتة بارعة ورأی طریف".

وظف الاعتراض بأسلوب الشرط مرتین "مهما جد الجد وأزم الخطب"، و"مهما جل شأنها" لیؤکد أن محمد أبی نافع باشا شخصًا لا یحمل همًا، یمیل إلى الفکاهة وروح الدعابة، وهو یستعمل المفارقة والتهکم لینقل للمتلقین الصفات المعنویة له.

 ـ قوله فی وصف الشیخ أبی الفضل الجیزاوی: "والشیخ، على ما أفاء الله علیه من الثراء العریض والنعمة الواسعة، مازال یتخذ دارًا متواضعة فی زقاق ضیق خلاف میضأة الحنفی..."([lxxxvi])

استعمل الاعتراض "على ما أفاء الله علیه من الثراء العریض والنعمة الواسعة" بما یحمله من علاقة عکسیة مع ما یلیه من کلام؛ لیؤکد للمتلقین تواضع الشیخ الجیزاوی، وعدم تأثره بما جدّ علیه من ثراء، فهو مازال بعیدًا عن حیاة الترف والرفاهیة التی یستوجبها ثراؤه وغناه.

2-3-4-الألفاظ المؤکدة وهی عناصر لغویة یوظفها المرسل فی خطابه لیجعله أکثر وضوحًا للمتلقین، ولیثبت به صحة ما أتى به، وهی مثل: فی الواقع، فی الحقیقة، نعم، لا شک. ومن أمثلتها فی مرآة البشری:

ـ قوله فی حدیثه عن أحمد لطفی السید: "الحق أن لطفی أستاذی، وإنه لیسوءنی أن یختم حیاته فی هذه الجامعة من حیث یجب أن تبتدئ الحیاة القویة لعظماء الرجال! والواقع أن الداء الأجنبی قد تغشى تلک الجامعة، ففی حین لم نر لذلک الحکیم قولاً ولا عملاً! ولو کان هذا المقام مقام تفصیل فی هذا الباب لبادیت أستاذی العظیم بکثیر."([lxxxvii])

استعمل لفظی "الحق، والواقع" لیؤکد للمتلقین صدق حدیثه عن لطفی السید أستاذه الذی یُکِنُّ له البشری کل التقدیر والإعزاز، وقوله "والواقع أن الداء الأجنبی قد تغشى تلک الجامعة" یؤکد التغلغل الأجنبی فی شئون الجامعة المصریة.

ـ قوله متحدثًا عن علی الشمسی باشا: "... نعم، کان الشمسی فی أوروبا أقوى صدى لصوت الحزب الوطنی فی مصر، وأتم تحصیل علومه ونال علیا الشهادات من أکبر جامعات سویسرا ..."([lxxxviii])

استعمل حرف الجواب "نعم" بوصفه لفظًا مؤکدًا یؤکد من خلاله الدور الوطنی القوی المهم الذی کان علی الشمسی باشا یقوم به فی أوروبا.

2-3-5-التذییل:

ـ بعد انتهائه من وصفه لصدقی باشا قام بتذییل مقاله برسالة من صدقی باشا إلى محرر المرآة یقول له فیها: "عزیزی الأستاذ الفاضل .. أشکر فضیلتکم کثیرًا لمرآتکم الناصعة وإن کنت لا أخفی عنکم أننی لم أتعرف صورتی تمامًا خلالها، بل أخشى أن تکونوا قد بالغتم فی تجمیلها وتزیینها. وأرجو قبول تحیاتی"، ثم نشر رده على رسالة صدقی باشا: "ولیس لی یا مولای ما أقوله فی هذا المقام غیر قول الشاعر: "فلو صورتُ نفسک لم أزدها على ما فیک من شرف الطباع."([lxxxix])

تذییل البشری لمقاله بهذه الرسالة یبرز ذاتیة المقال وتأثره الشدید فی وصفه لصدقی باشا بآرائه الشخصیة فیه، واتجاهه السیاسی

ویأتی التذییل هنا مستقلاً عما قبله من کلام، وقد أتى به لیبدی من خلاله شرف طباع صدقی باشا، ولیعبر عن امتنانه له وحبه له؛ فیؤثر بذلک فی المتلقین ویقنعهم بصدق کلماته المادحة لصدقی باشا وأخلاقه وسلوکیاته.

ـ قوله عن المثال محمود مختار([xc]): "وعلى کل حال فقد تم لمحمود مختار ما أراد من دخول مدرسة الفنون الجمیلة، أو بعبارة أحکم: لقد تم ما أراد الله لمصر أن ترى نابغة من أبنائها یخلد نهضتها على تطاول الأعصار!"([xci])

استعمل التذییل الذی یمکن فصله عما قبله من کلام لیجری مجرى الحکمة أو المثل، لیؤکد قیمة المثال محمود مختار وبراعة تمثاله نهضة مصر، ویقنع المتلقین بالقیمة الفنیة لهذا التمثال فیحافظوا علیه لأنه یخلد نهضة الوطن بجهود أبنائه.

2-3-6- استعمال ألفاظ أجنبیة

ذکر طه حسین عن البشری أنه کان ملمًا بالآداب الأوروبیة، ومتأثرًا بالحضارة الأوروبیة، وکان یستعمل بعض الکلمات الإنجلیزیة والفرنسیة، فیقول عنه: "هذا الذی یصنعه بالنکتة البلدیة فی یسر ولباقة یصنعه بالکلمة الأوروبیة أو الجملة الأوروبیة. فأنت تقرأ الفصل من فصوله فما تشک فی أنک تقرأ لبدیع الزمان، وإنک لفی ذلک وإذا کلمة فرنسیة تفجؤک فلا تزید على أن تذکرک بأنک تقرأ لعبد العزیز البشری لیس غیر. وأغرب من هذا أنه یجمع الکلمتین الأوروبیة والبلدیة فی جملة واحدة من سیاق عربی رصین، فإذا هذا کله یأتلف وینسجم کأحسن ما یکون الائتلاف والانسجام".([xcii])

ولعله قد استعمل هذه الکلمات الأجنبیة لیبرز مهارته الکتابیة، ولیحقق تأثیرًا أکبر فی المتلقین، و لیصل مقصوده لأکبر قدر من الناس على اختلاف طبقاتهم وثقافاتهم، ومن أمثلة ذلک: 

ـ قوله فی حدیثه عن محمود مختار: "وفی الحق، إن مختارًا مجموعة Assortimant تضم ألوانًا من الغرائب والمتناقضات. ولعل ذلک هو الذی هیأ له کل هذا النبوغ العظیم."([xciii])

فمختار قد حقق تمیزًا ونبوغًا کبیرًا فی فنه لجمعه بین المتناقضات، وقد أراد البشری ترسیخ هذا المعنى فی أذهان المتلقین فاستعمل المفردة الأجنبیة assortiment لتؤکد کلمة "مجموعة" التی سبقتها مباشرة، ثم شرحها بنعت الجملة الفعلیة "تضم ألوانًا من الغرائب والمتناقضات". ویلاحظ استعماله للفظ المؤکد "فی الحق" لمزید من التأکید والتنبیه على نبوغ مختار وتمیزه فی المجال الفنی.

ـ قوله فی وصف علی الشمسی باشا: "وحدثتک أنه مفتول العضل، ذلک بأنه sportحقًا، فهو یجید السباحة، ورکوب الخیل، والملاعبة بالشیش ..."([xciv])

وصف علی الشمسی باشا بأنه شخص ریاضی المظهر، یحظى باتساق الجسم بسبب ممارسته للریاضات المختلفة، وقد أکد کلمة sport باستعمال نائب المفعول المطلق "حقًا"، ثم فسر المقصود بها بالجملة الاسمیة "فهو یجید السباحة ورکوب الخیل والملاعبة بالشیش".

یلاحظ أن استعمال البشری للمفردات الأجنبیة لتأکید المعنى؛ حیث إن الکلمة الجنبیة تأتی تأکیدًا لمرادفة لها، ویلیها کلمات شارحة لمعناها.



(1) ولد فی حی البغالة بمصر سنة 1886، ونشأ فی بیت عریق عُرف بالعلم والدین، وکان والده شیخ الجامع الأزهر الأسبق. دخل الکتاب وتعلم القراءة والکتابة وحفظ القرآن، ثم انتقل إلى المدرسة الابتدائیة، والتحق بعدها بالأزهر، وبعد تخرجه منه عُین سکرتیرًا بوزارة الأوقاف، وتنقل بین وظائف عدة منها محرر فنی بوزارة المعارف، وسکرتیر عام للجنة الاصطلاحات العربیة، ومحرر عربی بوزراة المعارف، وقاضٍ بالمحاکم الشرعیة، ومفتش بوزارة الحقانیة، ووکیل لإدارة المطبوعات. توفی فی 24 مارس سنة 1943م، جمال الدین الرمادی: من أعلام الأدب المعاصر، دار الفکر العربی، مصر، د.ت، ص66.

([ii]) راجع إبراهیم أنیس وآخرون: المعجم الوسیط، مجمع اللغة العربیة، دار المعارف، مصر، 1973، مادة (رأی).

([iii]) محمد یوسف نجم: فن المقالة، دار الثقافة، بیروت، ط4، 1966، ص102.

([iv]) قدامة بن جعفر: نقد الشعر، تحقیق: محمد عبد المنعم خفاجی، دار الکتب العلمیة، بیروت، ص130.

([v]) أبو هلال العسکری: کتاب الصناعتین، تحقیق: مفید قمحا، بیروت، ص145.

([vi]) ابن رشیق القیراونی: العمدة، تحقیق: محیی الدین عبد الحمید، دار الجیل، بیروت، 1986، 2/ 295.

([vii]) محمد ناصر العجیمی: الخطاب الوصفی فی الأدب العربی القدیم، مرکز النشر الجامعی، تونس، 2003، ص93.

([viii]) ابن طباطبا: عیار الشعر، تحقیق: عباس عبد الساتر، دار الکتب العلمیة، بیروت، ط2، 2005،  ص27.

([ix]) راجع محمد نجیب العمامی: فی الوصف، دار محمد علی للنشر، تونس، ط1، 2005، ص18، 19

([x]) جمال الدین الرمادی: من أعلام الأدب المعاصر، ص64، 71.

([xi]) البشری: المختار، مطبعة المعارف، مصر، مقدمة طه حسین، 2/ ھ، و.

([xii]) جمال الدین الرمادی: من أعلام الأدب المعاصر، ص69، 71.

([xiii]) السابق، ص70، ولمزید من سمات أدب البشری یمکن مراجعة تقدیم طه حسین لکتاب "المختار"، ج2، ص ج ـ ی.

([xiv]) جمال الدین الرمادی: من أعلام الأدب المعاصر، ص67، یقول الرمادی إن کل کبیر من هؤلاء الکبراء کان ینتظر دوره فی مرآة البشری، وکانوا جمیعًا یخطبون وده ویتمنون رضاءه حتى لا ینهال علیهم نقدًا وتجریحًا.

([xv]) جمیل جبر: الجاحظ ومجتمع عصره فی بغداد، دار صادر، بیروت، د.ت، ص5.

([xvi]) إسماعیل صدقی باشا (1875- 1950م)، مصری، درس الحقوق، عمل بالصحافة، تقلد رئاسة الوزارة مرتین، وتعرض لمحاولتی اغتیال فاشلتین.

([xvii]) فی المرآة، ص106.

([xviii]) أحمد زیور باشا (1864- 1945م)، ترکی الأصل، یونانی الجنسیة، ولد وعاش فی مصر، وتقلد رئاسة الحکومة مرتین.

([xix]) فی المرآة، ص19.

([xx]) محمد العمری: البلاغة الجدیدة بین التخییل والتداول، إفریقیا الشرق، الدار البیضاء، ط2، 2012، ص88.

([xxi]) عزیز عزت باشا (1869- 1961م)، سیاسی مصری، کان أول سفیر لمصر لدى المملکة المتحدة، تقلد وزارة الخارجیة، وکان عضوًا فی مجلس الوصایة على الملک فاروق.

([xxii]) فی المرآة، ص124.

([xxiii]) راجع: هنری برغسون: الضحک، ترجمة: علی مقلد، المؤسسة الجامعیة للدراسات والنشر والتوزیع، لبنان، د.ت، ص 81ـ 20.

([xxiv]) إسماعیل سری باشا (1872- 1932)، تقلد عدة وزارات کوزارة الأشغال العمومیة والحربیة والبحریة عدة مرات.

([xxv]) فی المرآة، ص67.

([xxvi]) محمد العبد: المفارقة القرآنیة (دراسة فی بنیة الدلالة)، دار الفکر العربی، ط1، 1994، ص18.

([xxvii]) محمد العمری: البلاغة الجدیدة بین التخییل والتداول، ص104.

([xxviii]) محمد العبد: المفارقة القرآنیة ، ص23.

([xxix])  السابق ، ص37.

([xxx]) راجع محمد العبد: المفارقة القرآنیة، ص37.

([xxxi]) أحمد لطفی السید (1872- 1963م)، مفکر وفیلسوف وسیاسی وصحفی، لفب بأستاذ الجیل، وأبی اللیبرالیة المصریة، تخرج فی کلیة الحقوق، وتقلد العدید من الوزارات والمناصب المهمة.

([xxxii]) فی المرآة، ص59.

([xxxiii]) عدلی یکن باشا (1864- 1933م)، سیاسی مصری من أصول ترکیة ألبانیة، تولى رئاسة حکومة مصر ثلاث مرات، وأسس حزب الأحرار الدستوریین.

([xxxiv]) فی المرآة، ص25.

([xxxv]) عبد العلیم بو فاتح: التراکیب النحویة ووظائفها الدلالیة، دار التنویر، الجزائر، ط1، 2013، ص71.

([xxxvi]) جواد بنیس: الوصف واللغة الوصفیة فی روایة زینب لمحمد حسین هیکل، بحث منشور فی مجلة فصول، الهیئة المصریة العامة للکتاب، مصر، مج11، ع(2)، صیف 1992،  ص238.

([xxxvii]) فی المرآة، ص19.

([xxxviii]) السابق، ص25.

([xxxix]) عبد الحمید سعید (1882- 1940م)، کان نائبًا فی البرلمان عن الحزب الوطنی، وأسس جماعة الشبان المسلمین.

([xl]) فی المرآة، ص69.

([xli]) باربرا جونستون: التوازی فی العربیة (التعدیل قالبًا للإقناع)، من کتاب "بحوث فی تحلیل الخطاب الإقناعی"، اختیار وترجمة: محمد العبد، دار الفکر العربی، مصر، ط1، 1999، ص62، 63.

([xlii]) فی المرآة، ص63.

([xliii]) السابق، ص70.

([xliv]) السابق، ص106.

([xlv]) هدى شعراوی (1879- 1949م)، کان لها دور فی ثورة 1919، وفی تأسیس عدد من التنظیمات النسائیة، والتقت بعدد من الشخصیات العالمیة، وأقامن الاتحاد النسائی العربی سنة 1944م.

([xlvi]) فی المرآة، ص101.

([xlvii]) جواد بنیس: الوصف واللغة الوصفیة فی روایة زینب لمحمد حسین هیکل، ص238.

([xlviii]) فی المرآة، ص101.

([xlix]) السابق، ص124.

([l]) أحمد شوقی (1868- 1932م)، کاتب وشاعر مصری یعد من أعظم شعراء العربیة فی العصر الحدیث، لقب بأمیر الشعراء.

([li]) فی المرآة، ص134.

([lii]) السابق، ص100

([liii]) علی باشا أمین الشمسی (1885- 1962م)، وزیر مصری سابق من أصل ترکی شرکسی، کان أول رئیس مصری غیر بریطانی للبنک الأهلی.

([liv]) فی المرآة، ص111.

([lv]) القزوینی: الإیضاح فی علوم البلاغة، تحقیق: عبد القادر حسین، مکتبة الآداب، القاهرة، ط1، 1996، ص412.

([lvi]) السابق، ص413، 414.

([lvii]) عباس علی الأوسی: أسالیب المبالغة فی القرآن الکریم، ص214

([lviii])  فی المرآة، ص59.

([lix]) السابق، ص29.

([lx]) هو عنترة بن عمرو بن شداد، من بنی عبس، ادعاه أبوه بعد الکبر بعدما قاتل دفاعًا عن بنی عبس واستنقذ ما کان بأیدی عدوهم من الغنیمة، وکان أشد أهل زمانه وأجودهم بما ملکت یده، وکان یحسن البلاء فی القتال. راجع ابن قتیبة: الشعر والشعراء، تحقیق: أحمد محمد شاکر، دار الحدیث، القاهرة، 2003، 1/ 243- 247.

([lxi]) الأحنف بن قیس، لقب بالأحنف لحنف کان برجله، واسمه الضحاک، وقیل: صخر بن قیس بن معاویة بن حصین، أدرک النبی صلى الله علیه وسلم ولم یره، ودعا له النبی صلى الله علیه وسلم "اللهم اغفر للأحنف"، وکان أحد الحکماء الدهاة العقلاء. راجع: عز الدین بن الأثیر: أسد الغابة فی معرفة الصحابة، دار الشعب، مصر، 1970، 1/ 68، 69.

([lxii]) "هو حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج، کان جوادًا شجاعًا شاعرًا، مظفرًا إذا قاتل غلب، وإذا غنم نهب، وإذا سئل وهب، وإذا ضرب بالقداح سبق، وإذا أسر أطلق، وإذا أثری أنفق، وکان أقسم بالله لا یقتل واحد أمه ... زعم الطائیون أن حاتمًا أخذ الجود عن أمه غنیة بنت عفیف الطائیة وکانت لا تلیق شیئًا سخاءً وجودًا." المیدانی: مجمع الأمثال، 1/ 161، 162.

([lxiii]) "هو رجل من باهلة، وکان من خطبائها وشعرائها، وهو الذی یقول: لقد علم الحی الیمانیون أننی إذا قلت أما بعد أنی خطیبها".، المیدانی، محمع الأمثال، المطبعة الخیریة، مصر، 1310ھ، 1/ 219.

([lxiv]) شمسی واقف زاده: الأدب الساخر (أنواعه وتطوره مدى العصور الماضیة)، فصلیة دراسات الأدب المعاصر، السنة الثالثة، العدد الثانی عشر، 1390ھ، ص108.

([lxv]) محمد فکری أباظة (1896- 1979م)، أحد أعلام الأدب والصحافة السیاسیة فی مصر، درس الحقوق، وعمل بالمحاماة، وتقلد العدید من المناصب، وله العدید من المؤلفات.

([lxvi]) فی المرآة، ص74.

([lxvii]) أحمد مظلوم باشا (1858- 1928م)، کان رئیسًا للبرلمان المصری مرتین فی عهد کلٍ من الخدیوی عباس حلمی الثانی والملک فؤاد.

([lxviii]) فی المرآة، ص78.

([lxix])  السابق، ص19.

(([lxx] المرادی: الجنى الدانی فی حروف المعانی، تحقیق: فخر الدین قباوة ومحمد ندیم فاضل، دار الکتب العلمیة، بیروت، ط1، 1992، ص367.

([lxxi]) عبدالمتعال الصعیدی: البلاغة العالیة (علم المعانی)، تقدیم ومراجعة: عبد القادر حسین، مکتبة الاداب ، القاهرة، ط3، 2002م، ص101،100.

([lxxii]) فی المرآة، ص107.

([lxxiii]) سعد باشا زغلول (1858- 1927م)، زعیم مصری، قاد ثورة 1919م، شغل منصب رئاسة الوزراء، ورئاسة مجلس الأمة، وأسس حزب الوفد المصری.

([lxxiv]) المِدْره: السید الشریف، وزعیم القوم وخطیبهم المتکلم عنهم، والمحامی. راجع المعجم الوسیط، مادة (دره).

([lxxv])  فی المرآة، ص15.

([lxxvi]) محمد حافظ رمضان باشا (ت1955م)، رأس الحزب الوطنی بعد محمد فرید، وأحد الوزراء القانونیین الکتاب الخطباء.

([lxxvii]) فی المرآة، ص85.

([lxxviii]) السابق، ص19، 20.

([lxxix]) إبراهیم وجیه باشا کان وکیلاً لوزارة الخارجیة المصریة فی وزارة زیور باشا.

([lxxx])فی المرآة، ص89، 90.

(([lxxxi] عبدالله صولة: الحجاج (أطره ومنطلقاته وتقنیاته)، من کتاب ”أهم نظریات الحجاج فی التقالید الغربیة من أرسطو إلى الیوم“، جامعة الآداب والفنون والعلوم الإنسانیة، تونس، د.ت، ص337،336.

(([lxxxii] کورنیلیا فون راد-صکوحی: الحجاج فی المقام المدرسی، منشورات کلیة الآداب، منوبة، 2003م، ص26.

([lxxxiii]) فی المرآة، ص16.

([lxxxiv]) محمد أبو الفضل الجیزاوی (1874- 1927م)، تولى مشیخة الأزهر عام 1917م، استصدر قانونًا لإصلاح الأزهر، وله العدید من الآثار العلمیة.

([lxxxv]) السابق، ص121.

([lxxxvi]) السابق، ص121.

([lxxxvii]) السابق، ص62.

([lxxxviii]) السابق، ص111.

([lxxxix]) السابق، ص110

([xc]) محمود مختار (1891- 1934م)، من رواد فن النحت، صاحب تمثال نهضة مصر، أسهم فی إنشاء مدرسة الفنون الجمیلة، عبر بتماثیله عن المرحلة الاجتماعیة والسیاسیة التی عاشها.

([xci]) فی المرآة، ص145.

([xcii]) البشری: المختار، مقدمة طه حسین، 2/ ز، ح.

([xciii]) فی المرآة، ص144.

([xciv]) السابق، ص115.

 

  1. أولاً: مصدر الدراسة:

    • عبد العزیز البشری: فی المرآة، مؤسسة هنداوی للتعلیم والثقافة، مصر، 2013.

    ثانیًا: المراجع:

    1. إبراهیم أنیس وآخرون: المعجم الوسیط، مجمع اللغة العربیة، دار المعارف، مصر، 1973.
    2. باربرا جونستون: التوازی فی العربیة (التعدیل قالبًا للإقناع)، من کتاب "بحوث فی تحلیل الخطاب الإقناعی، اختیار وترجمة: محمد العبد، دار الفکر العربی، مصر، ط1، 1999.
    3. جمال الدین الرمادی: من أعلام الأدب المعاصر، دار الفکر العربی، مصر، د.ت
    4. جمیل جبر: الجاحظ ومجتمع عصره فی بغداد، دار صادر، بیروت، د.ت.
    5. جواد بنیس: الوصف واللغة الوصفیة فی روایة زینب لمحمد حسین هیکل، الهیئة المصریة العامة للکتاب، مصر،، فصول، مج11، ع(2)، صیف 1992.
    6. ابن رشیق القیراونی: العمدة، تحقیق: محیی الدین عبد الحمید، دار الجیل، بیروت، 1986
    7. شمسی واقف زاده: الأدب الساخر (أنواعه وتطوره مدى العصور الماضیة)، فصلیة دراسات الأدب المعاصر، السنة الثالثة، العدد الثانی عشر، 1390ھ.
    8. ابن طباطبا: عیار الشعر، تحقیق: عباس عبد الساتر، دار الکتب العلمیة، بیروت، ط2، 2005
    9. عباس علی الأوسی: أسالیب المبالغة فی القرآن الکریم.
    10. عبد العلیم بو فاتح: التراکیب النحویة ووظائفها الدلالیة، دار التنویر، الجزائر، ط1، 2013 .

    11. عبد الله صولة: الحجاج (أطره ومنطلقاته وتقنیاته)، من کتاب ”أهم نظریات الحجاج...“،جامعة الآداب والفنون والعلوم الإنسانیة، تونس، د.ت.

    1. عبد المتعال الصعیدی: البلاغة العالیة (علم المعانی)، تقدیم ومراجعة: عبدالقادر حسین، مکتبة الآداب، القاهرة، ط3، 2002م.
    2. عز الدین بن الأثیر: أسد الغابة فی تمییز الصحابة، دار الشعب، مصر، 1982.
    3. ابن قتیبة: الشعر والشعراء، تحقیق: أحمد محمد شاکر، دار الحدیث، مصر، 2003م.
    4. قدامة بن جعفر: نقد الشعر، تحقیق: محمد عبد المنعم خفاجی، دار الکتب العلمیة، بیروت.
    5. کورنیلیا فون راد- صکوحی: الحجاج فی المقام المدرسی، منشورات کلیة الآداب، منوبة، 2003م.
    6. محمد العبد: المفارقة القرآنیة (دراسة فی بنیة الدلالة)، دار الفکر العربی، ط1، 1994.
    7. محمد العمری: البلاغة الجدیدة بین التخییل والتداول، إفریقیا الشرق، الدار البیضاء، ط2، 2012.
    8. محمد ناصر العجیمی: الخطاب الوصفی فی الأدب العربی القدیم، مرکز النشر الجامعی، تونس، 2003.
    9. محمد نجیب العمامی: فی الوصف بین النظریة والنص السردی، دار محمد علی للنشر، تونس، ط1، 2005.
    10. محمد یوسف نجم: فن المقالة، دار الثقافة، بیروت، ط4، 1966.
    11. المرادی (الحسن بن قاسم): الجنى الدانی فی حروف المعانی، تحقیق: فخر الدین قباوة ومحمد ندیم فاضل، دار الکتب العلمیة، بیروت، ط1، 1992م.
    12. المیدانی (أبو الفضل أحمد بن محمد بن إبراهیم): مجمع الأمثال، المطبعة الخیریة، مصر، 1310ھ.

    24. أبو هلال العسکری: کتاب الصناعتین، تحقیق: مفید قمحا، بیروت، د.ت.

    1. هنری برغسون: الضحک، ترجمة: علی مقلد، المؤسسة الجامعیة للدراسات والنشر والتوزیع، لبنان، د.ت.