نوع المستند : المقالة الأصلية
المؤلف
باحث دکتوراة
المستخلص
الكلمات الرئيسية
تمهید :
تتعرض اللغة - أی لغة – بمرور الزمن، واختلاف البیئات التی تحیا فیها،إلى نوع من التغیر ([i]). وهذا التغیر الذی تتعرض له بنیة اللغة،یشمل جوانبها المختلفة سواء أکانت صوتیة، أم صرفیة، أم ترکیبیة نحویة، فضلاً عن جانبها الدلالی الذی یتأثر – کغیره من المستویات اللغویة – بسلطان التغییر.
وهی کذلک ظاهرة اجتماعیة تحیا کسائر الظواهر الاجتماعیة فی أحضان المجتمع ([ii]).
لذا فإن مصیر کل لغة کبیرة أن تتشعب إلى لهجات کما هو الحال فی اللغة العربیة ([iii]).
هدف البحث هو دراسة التغیرات التی حدثت للوحدات الصوتیة الجزئیة فی کل من صوت (الجیم) و(القاف) و(الکاف) فی العربیة باعتماد الدراسة الوصفیة التحلیلیة لهذه الأصوات فی نطقها الحدیث مع الاعتماد أیضًا على وصف سیبویه وغیره، والإشارة إلى نطقها عند القراء.
هناک العدید من البحوث اللغویة تناولت هذا الموضوع وعلى رأسها بحث الدکتور محمود فهمی حجازی (قوانین المقابلات الصوتیة فی اللغات السامیة) وهو بحث منشور فی مجلة مجمع اللغة العربیة عدد (75) للعام 1994م.
اهتم البحث بدراسة قضایا علم الأصوات المقارن فی اللغات السامیة، والوقوف على قوانین تفسر هذا التغیر الصوتی.
إضافة إلى بحثی الدکتور عبد العزیز مط، دراسة صوتیة فی لهجة البحرین (بحث میدانی) وهو کتاب مطبوع مطبعة جامعة عین شمس 1980م. وفیه دراسة وصفیة مقارنة بین لهجتین تعیشان فی بلد عربی واحد هو دولة البحرین، الأولى لهجة المحّرق، والثانیة لهجة سترة.
والثانی: خصائص اللجة الکویتیة (دراسة لغویة میدانیة)، وهو کتاب مطبوع فی مطابع الرسالة-الکویت 1969م.
وفیه دراسة وصفیة للهجة الکویت من حیث تحدید معالمها، واستنباط قوانین تخضع لها ظواهر اللهجة الصوتیة.
أما البحث الذی بین أیدینا فإنه یقتصر على دراسة کل من صوت الجیم والقاف والکاف دراسة وصفیة تحلیلیة، وما عرض لها من التنوع النطقی فی البیئات النطقیة المختلفة من حیث خصائصها وملامحها التمییزیة.
ففی مجال التغیر الصوتی فی اللغة العربیة هناک مفهوم التغیر الصوتی والتحول الصوتی :
1- التنوع النطقی: sound change،وهوتغیر یطرأ على النظام الصوتی للغة من مرحلة تاریخیة إلى مرحلة أخرى ([iv]).
ومن أمثلة ذلک فی العربیة ما طرأ على نطق بعض أصواتها من تغیر، فالطاء والقاف – على سبیل المثال- ینطقان الآن فی اللسان العربی مهموسین فی حین کان هذان الصوتان- کما وصفهما علماء العربیة الأوائل – مجهورین.
2- التحول الصوتی : Sound shift ، ویقصد به سلسلة من التغیرات الصوتیة المترابطة فی مرحلة من مراحل اللغة ([v]).
ومن الأمثلة فی الصوامت العربیة، ما طرأ – فی بعض اللهجات – على تحول الأصوات بین الأسنانیة، وهی: (الثاء)، و(الذال)، و(الظاء)، إلى أصوات لثویة وهی : السین، والزای، والزای المفخمة.
مثال: الثاء (میراث تنطق میراس) والذال ( ذلک تنطق زلک) أما الظاء المفخمة فی مثل (ظالم) فتنطق زایًا مفخمة (زالم). أو قد تتحول إلى أصوات انفجاریة : وهی التاء، والدال، والضاد.
مثال ذلک فی العامیة: التاء (حرث تنطق حرت )، والدال (ذیب تنطق دیب )، والضاد ( ظهر تنطق ضهر).
أنواع التغیرات الصوتیة :
1- تغیر ألفونی:
ویقصد به التغیر الذی یؤثر على الألوفونات المنتمیة لفونیم ما ([vi]).
ویطلق على هذا النوع من التغیر اسم التغیر الألوفونی : Allophonic change
وهذا النوع یعدُّ تغیرًا بسیطًاً فی عادات نطق فونیم ما دون حدوث تأثیر على البنیة الفونولوجیة للغة معینة.
ومن الأمثلة فی العربیة: ما طرأ على الحرکات المزدوجة ([vii]) – Diphthongs – فی بعض اللهجات من تحول، حیث تحولت الحرکة المزدوجة ( ay ) إلى کسرة طویلة أمامیة مُمالة ( e: )، کما تحولت الحرکة المزدوجة (aw) إلى ضمة طویلة خلفیة مُمالة (o:).
2- تغیر فونیمی:
ویقصد به التغیر الذی یؤثر فی نوع الفونیمات أو توزیعها.
ومن أمثلته حدوث اندماج لفونیمین فی فونیم واحد، أو انقسام فونیم واحد إلى فونیمین.
ویسمى هذا النوع من التغیر تغیرًا فونولوجیًا أو وظیفیًا، Phonological / Functional change ([viii]).
ومن أمثلته فی العربیة تحول الصوت المرکب Affricate sound -والترکیب یعنی التعطیش وهو الجمع بین عنصری الوقف والاحتکاک بسبب الفتح البطیء للمخرج بعد إغلاقه- وهو الجیم، إلى صوت متنوع فی نطق العدید من اللهجات المعاصرة.
قوانین التغیر الصوتی:
یقصد بالقانون الصوتی، الصیاغة المنهجیة للقواعد والمبادئ التی تعکس التغیرات الصوتیة بوجهٍ عام. ولا ینبغی أن یفهم من مصطلح القانون الصوتی أنه قانون صارم وشامل شبیه بقوانین الطبیعة والکیمیاء ([ix]).
ومن أهم القوانین الصوتیة:
1- قانون جرامونت M.Grammont
ینص اللغوی الفرنسی جرامونت، بأنه (عندما یؤثر صوت فی آخر، فإن الصوت الأضعف هو الذی یکون عرضة للتأثر بالصوت الآخر) ([x]).
ومن أمثلة ذلک فی العربیة تأثر الأصوات المرققة بنظائرها المفخمة، وتأثر الأصوات المهموسة بنظائرها المجهورة، ویظهر ذلک فی ظاهرة الإبدال فی العربیة مثال ذلک:
سعتر تنطق زعتر، یلهث ذلک تنطق یلهذّ لک .
2- قانون الجهد الأقل: Law of least effort
یعد العالم الأمریکی ویتنی Whitney واحد من العلماء الذین نادَوا بهذا القانون، فهو یرى أنَّ کل ما نکتشفه من تغیر فی اللغة، لیس إلا أمثلة لنزعة اللغات إلى توفیر المجهود الذی یبذل فی النطق، وأن هناک استعدادًا للاستغناء عن أجزاء الکلمات، التی لا یضر الاستغناء عنها بدلالتها ([xi]).
وفی الواقع، فإن الإنسان فی نطقه لأصوات لغته، یمیل إلى الاقتصاد فی المجهود العضلی، وتلمس أسهل السبل، مع الوصول إلى ما یهدف إلیه من إبراز المعانی وإیصالها إلى المتحدثین معه، فهو لهذا یمیل إلى استبدال الصعب الشاق من أصوات لغته، بالسهل الذی لا یحتاج إلى مجهود عضلی أکبر ([xii]).
ومن الأمثلة على توضیح قانون الجهد الأقل، ظاهرة الهمز، أی النطق بالهمزة وتحقیقها.
3- قانون التردد النسبی :
یقرر هذا القانون، الذی نادى به Welhem Thomsen، أنَّ الأصوات والمجموعات الصوتیة التی یشیع تداولها فی الاستعمال بین الناس تکون عرضةً للتغیر والتطور أکثر من غیرها الأقل استعمالا .
فالصوت إذا شاع وذاع اسعماله فی الکلام کان عرضةً لظواهر لغویة نسمیها حینًا إبدالاً، وحینًا إدغامًا، وقد یتعرض للسقوط من الکلام (أی الحذف) ([xiii]).
والدارس للهجات العربیة، یلمح تحقق هذه الظاهرة بوضوح فی بعض المجموعات الصوتیة کمجموعة الأصوات المسماة أصواتًا مائعة Liquids، أو رنانة Resononts، ومنها أصوات اللام والراء والمیم والنون والفاء والباء ([xiv]).
ومن الأمثلة: الإدغام الذی یقع فی عناصر هذه المجموعة الصوتیة کما فی قوله تعالى: (( کلا بلْ رانَ على قلوبهم)) المطففین 14. فقد تحولت اللام فی (بل) إلى (راء) ثم جرى إدغام للرائین معًا.
نماذج من تغیر الأصوات فی العربیة
وهی الجیم والقاف والکاف
صوت الجیم:
وصف لغویو العرب القدامى هذا الصوت بأنه صوت شدید – أی وقفی - وأنّ مخرجه – کما ذکر سیبویه وابن جنی – ([xv]) من وسط اللسان بینه وبین وسط الحنک الأعلى، أو من شجر الفم، کما ذکر الزمخشری وابن یعیش ([xvi]).
وهذا المخرج یعرف عند المحدثین بمصطلح الحنک الصُلب أو الغار Hard palate کما صنف القدامى هذا الصوت ضمن المجموعة الصوتیة التی أطلقوا علیها مصطلح (أصوات القلقلة) وهی الأصوات التی یجمعها قولهم (قطب جد).
والواقع أنّ هذا الصوت یعدّ من أکثر الأصوات العربیة التی اختلف الباحثون اللغویون فی کیفیة نطق القدماء له، والنطق المعاصر لهذا الصوت لا یقلّ اختلافًا وتنوعًا عما کان علیه من قبل.
فهو لا یتخذ سمتًا موحدًا فی اللسان العربی، وإنما تتعدد طرائق نطقه من بیئة لغویة أو لهجیة إلى أخرى.
فینطق هذا الصوت على عدة أوجه :
1- ینطق فی ألسنة أهل القاهرة المصریین، کافًا مجهورة أو قافًا فارسیة، أی صوتًا خالیًا من التعطیش، مخرجه من أقصى الحنک، وذلک على النحو الذی تنطق به الصوت الانکلیزی (g)، کما فی کلمة (Go). وهذا یعنی أنّ مخرج الجیم قد تراجع موضعیًا إلى الخلف قلیلا فاقترب من أقصى الحنک أی الطبق.
2- ینطق فی ألسنة أهل الصعید فی مصر، صوتًا شدیدًا قریبًا من صوت الدال إلى حدٍّ کبیر، وهذا یعنی أنَّ مخرج الجیم قد تقدم موضعیًا إلى الأمام قلیلاً، فاقترب من المخرج الأسنانی اللثوی.
3- أما فی اللسان الشامی ولدى بعض المغاربة فإن هذا الصوت ینطق شینًا مجهورة، وهذا یعنی أنَّ مخرج الجیم، قد حافظ على موضعه الذی وصفه القدامى غیر أنّه تعرض فی أثناء النطق به إلى التعطیش ویعنی الجمع بین الوقف والاحتکاک.
4- ینطق هذا الصوت فی منطقة الخلیج العربی بعامّة، وکأنه شبه صامت أو شبه حرکة Semi vowel ونعنی به الیاء نلاحظ المثل الکویتی (کود حیار ولا هالیار) یعنی کوم حجار ولا الجار فرد علیه قائلاً (علامک تکشر بُصَّلْ بُوَیهی) یعنی بوجهی.
والمثل الثانی ( أُذن فیها طینة وف لخرى عیینة ) نلاحظ أنَّ الیاءات فی کل من : حیار – ألیار – ویهی – عیینة، تقابل الجیم فی العربیة الفصحى أی أحجار – الجار – وجهی – عجینة ([xvii]).
وهذا یعنی أنَّ مخرج هذا الصوت قد حافظ على موضعه الذی وصفه القدامى.
بید أنَّ المضیق الذی یمر فیه تیار الهواء فی أثناء نطق هذا الصوت، والواقع بین وسط اللسان ووسط الحنک الأعلى، یتخذ شکلاً أوسع مما یتخذه فی أثناء نطق صوت الجیم الشامیة.
5- ینطق صوت الجیم فی القراءات القرآنیة على نحو مرکَّب یجمع بین صوت الدال وهوما ینطقه أهل صعید مصر، ونطق الشامیین لهذا الصوت وهوصوت الجیم الشامیة (احتکاکیة).
ویتم ذلک بأن یرتفع مقدم اللسان تجاه مؤخرة اللثة ومقدم الحنک، حتى یتصل بهما محتجزًا وراءه الهواء الخارج من الرئتین، ثم – بدلاً من أن ینفصل عنهما فجأةً، کما فی نطق الأصوات الانفجاریة – یأتی الانفصال ببطء، فیعطی الفرصة للهواء بعد الفتح أن یحتک بالأعضاء المتباعدة احتکاکاً شبیهًا یُسمع منه صوت الجیم الشامیة ([xviii]).
فهذا الصوت هو صوت مرکب Affricate sound، الجزء الأول منه صوت قریب من الدال، والثانی صوت کالجیم الشامیة.
وحدث هذا التغیر لصوت الجیم بین اللغات السامیة الأولى واللغة العربیة الفصحى، وبین اللاتینیة واللغات الرومانیة المختلفة. وانقسام المرکّب الانفجاری (Dg) إلى عنصرین وحذف أحد العنصرین، حدث هذا التغیر فی العربیة الفصحى ولهجاتها، ففی لهجات عربیة حدیثة نجد الجیم مرکّبًا یجمع بین الوقف والاحتکاک، وفی لهجات أخرى نجد الجیم صوتًا مرکبًا أیضًا.
وفی لهجات ثالثة نجد الجیم مقابل له فی النطق صوت الدال، وهذا التغیر نفسه حدث فی الأسرة الهندیة والأوربیة ([xix]).
ولقد تعددت وجهات نظر الباحثین اللغویین المعاصرین فی تفسیر هذا الواقع المتعدد لنطق هذا الصوت فذهب بعضهم إلى وصف القدماء لهذا الصوت بالشدة – أی الانفجار:
أنّه کان ینطق على نحو قریب من صوت الدال، ویؤید هذا : أنَّ بعض اللهجات العربیة کلهجة أهل صعید مصر وبعض مناطق الجزائر تنطق هذا الصوت دالاً کما یمکن أن تفسر على أساس هذا الاحتمال بعض الکلمات فی سوریا والعراق ([xx]).
أو ما ذهب إلیه إبراهیم أنیس من أنَّ الاستعانة بموسیقى الفواصل القرآنیة فی سورة البروج، ترجّح أنَّ النطق القدیم لهذا الحرف کان أقرب إلى نطق الدال وألصق بها من أی حرف آخر. فی هذه السورة الکریمة مختتمة بحرف الجیم ((والسماء ذات البروج)) ثم جاء بعدها ثمانی فواصل کلها مختتمة بحرف الدال وهی الموعود، ومشهود، والاخدود، والوقود، وقعود، وشهود، وحمید، وشهید.
وهذا یرجّح – کما یقول أنیس – أنّ القراءة التی تبرز موسیقى الفواصل هنا تحتّم أن ینطق بالجیم نطقًا أقرب شبهًا بالدال وأوثق اتصالاً به ([xxi]).
أنَّه کان ینطق نطقًا قریبًا من نطق الجیم القاهریة (g)، والدلیل على ذلک ما ذهب إلیه المستشرق (Enno Littmann) ( أنولیتمان )، من أنَّ مقارنة اللغات السامیة کالعبریة والسریانیة والحبشیة یؤکد ذلک.
یقول لیتمان: (نعرف أنَّ نطق هذا الحرف الأصلی کان کما هو الآن فی مصر، وکما کان ویکون فی اللغات السامیة الباقیة ).
مثلاً : کلمة (جمل) فی العبریة gamal، وفی السریانیة gamla، وفی الحبشیة جمل gamal ([xxii]).
ویرجّح کثیرٌ من الباحثین اللغویین هذا الاحتمال ویعتبرون الجیم الخالیة من التعطیش، هی الأصل فی نطق هذا الصوت ثم طرأ علیها بعض التغیر فی ألسنة بعض القبائل العربیة.
فالدکتور إبراهیم أنیس یرى أنَّ الجیم الخالیة من التعطیش هی الأصل، وقد بقیت على هذا الأصل السامی فی اللغات السامیة الأخرى، کالعبریة والسریانیة.
أمّا فی العربیة فیبدو أنَّها تعرضت لتطورات کتلک التی حصلت للغتین الإغریقیة واللاتینیة، وذلک بما یعرف بقانون الأصوات الحنکیة Palatal law، وملخص هذا القانون أنَّ صوت الجیم الخالی من التعطیش یتمُّ نطقه من أقصى الفم، بید أنّه یتعرض إلى التعطیش إذا ولیته حرکات أمامیة، فی حین یبقى هذا الصوت غیر معطش إذا ولیته حرکة خلفیة. والسبب فی ذلک یعود إلى أنَّ الحرکة الخلفیة تجذب هذا الصوت إلى مخرج خلفی، أی إلى أقصى الفم باتجاه الطبق أو اللهاة، وهما مخرجا القاف والکاف على التوالی، فی حین تجذب الحرکة الأمامیة هذا الصوت إلى مخرج أمامی أی باتجاه وسط الحنک، أو إلى مخرج قریب من نطق الشین.
یتأثر صوت الجیم بالحرکة الأمامیة – أی الکسرة أو الفتحة المرققة – أما الحرکة الخلفیة – الضمة – فقلیلة الورود مع الجیم.
وقد قام دکتور أنیس بإجراء إحصائیة لعدد المرات التی وردت فیها الجیم بوصفها فاء الکلمة – متلوة بحرکة أمامیة فی القرآن الکریم – فوجد أنها بلغت (764) مرة على حین أنها وردت متلوة بحرکة خلفیة (102) مرة فقط ([xxiii]).
یؤید دکتور أنیس فی رأیه هذا کلٌّ من (د. رمضان عبد التواب، د. کمال بشر).
یقول دکتور رمضان: (والظاهر أنَّ صوت الجیم المزدوج هذا لیس أصلیًا فی اللغة العربیة القدیمة، وإنما هو متنوع عن الجیم التی تشبه نطق المصریین لهذا الصوت والدلیل على ذلک مقارنة اللغات السامیة الأخرى کالعبریة والسریانیة والحبشیة، فصوت الجیم فی هذه اللغات صوت احتکاکی شبه نطق المصریین) ([xxiv]).
یقول د. بشر : (التفسیر الراجح فی نظرنا، ربما کانت الجیم تنطق فی القدیم بما یشبه الجیم القاهریة (g) فی اللغة العامیة، وهذه الجیم الأخیرة شدیدة أی إنفجاریة، لا شک أنَّ هذا الاحتمال له ما یؤیده فی القدیم والحدیث ) ([xxv]).
أمَّا طرائق النطق الأخرى لهذا الصوت فی اللهجات العربیة المختلفة – قدیمًا وحدیثًا – فإن بالإمکان اعتبارها من قبیل التنوعات اللهجیة والتنوعات النطقیة الفردیة المسماة ألوفونات، (وهی صورة نطقیة متعددة للفونیم الواحد أی للحرف الواحد والفونیم هوأصغر وحدة لغویة تفرق بین معانی الکلمات مثل السین والصاد فی صال وسال والتاء والقاف فی تاب وطاب) التی یجنح إلى ممارستها بعض أبناء اللغة الواحدة على اختلاف بیئاتهم اللهجیة، طلبًا للخفة فی النطق والسهولة فی الأداء ([xxvi]).
صوت القاف :
وصف القدماء من اللغویین العرب هذا الصوت بأنّه صوت شدید مجهور، یخرج من أقصى اللسان، وما فوقه من الحنک الأعلى ([xxvii]). کما ذکر الخلیل بن أحمد، والزمخشری، وشارح مفصلّهِ ابن یعیش ([xxviii]).
أما عند علماء اللغة المحدثین فإنَّه صوت انفجاری مهموس، یتم انتاجه عندما یرتفع أقصى اللسان حتى یلتقی بأدنى الحلق واللهاة، ثم یضغط الهواء المتراکم خلف نقطة الالتقاء مدة من الزمن إلى أن ینخفض أقصى اللسان فجأةً، فیندفع الهواء محدثًا صوتًا انفجاریًا مسموعًا، ولا یتذبذب الوتران الصوتیان حین النطق به.
لذا فهناک مسألتا خلاف بین وصف القدماء لهذا الصوت ووصف المحدثین له وهما :
1- الموضع أو المخرج : Point of articulation الذی یتم فیه نطق هذا الصوت.
2- ملمح الجهر Voice feature الذی ألحقه القدامى بهذا الصوت، وبالمقابل ملمح الهمس Voiceless feature الذی یصفه به المحدثون.
أما فیما یتعلق بمسألة المخرج فهناک ملحوظتان على رأی اللغویین القدامى وهما :
1- أنَّ مفهوم اللهاة بوصفها موضع إخراج محددٍ ومتمیزٍ للأصوات، لم یکن واضحًا فی أذهانهم، ودلیل ذلک أنَّ بعض اللغویین نسبَ إلى مخرج اللهاة صوت الکاف، ومن المعلوم أنَّ صوت الکاف یتم انتاجه فی موضع متقدم من اللهاة وهو الطبق.
2- أنَّ منطقة اللهاة عندهم کانت دائرتها أوسع مما تحدده الدراسات الصوتیة الحدیثة، وبناءً على ذلک شملت عندهم اللهاة صوت القاف والکاف. فی حین أنَّ هؤلاء اللغویین لم یستعلموا مصطلح الطبق، أو المصطلح المقابل له وهو الحنک اللیّن.
أما بالنسبة للمسألة الثانیة، وهی ملمح الجهر الذی نعت القدماء به هذا الصوت فالسبب فیما یبدو أنّه یعود إلى أحد تلک الاحتمالات :
1- أنَّ القاف التی تحدثوا عنها کانت صوتًا یشبه – إلى حد کبیر – تلک القاف المجهورة التی نسمعها الآن بین القبائل العربیة فی السودان، وبعض القبائل فی جنوب العراق فهم ینطقون بها نطقًا یخالف نطقها فی معظم اللهجات العربیة الحدیثة إذ نسمعها منهم نوعًا من (الغین) ([xxix]).
فصوت القاف هو صوت إنفجاری شدید، لکنه قد تمیل حدة الشدة فیه فیکتسب صفة الاحتکاک الحاد أو الشدید حین النطق به فی صوت الغین المجهورة، أو الخاء المجهّرة وهذا یعود إلى أحد احتمالین :
الأول: اعتراض اللهاة - وهی قطعة لحم صغیرة تشرف على الحلق فی أقصى الفم وتتدلّى من سقف الحنک الرخو أو الطبق – لتیار الهواء المتدفق من الرئتین عبر الحنجرة والحلق على نحو متکرر، وهذا من شأنه أن یجعل الصوت الناتج قریب الشبه بصوت الغرغرة الذی ینسجم فوناتیکیًا مع صوت الغین.
وفی هذه الحالة فإنّ اللهاة تبقى العنصر العضوی الفعّال فی عملیة الانتاج الصوتی، وهذا ما أقرّه القدماء فی وصف القاف بأنّه صوت لهوی لکنّ الصوت الناتج لا یکون قافًا لهویة شدیدة مهموسة – کما هی الآن فی نطقها المعاصر – وإنما یکون صوتًا لهویًا احتکاکیًا مجهورًا. ویسمع مثل هذا الصوت فی البیئات الفلسطینیة حیث ینجح بعض الناطقین اللهجیین فی أثناء نطقهم لهذا الصوت إلى إخراج صوت شبیه بصوت الغرغرة إلى حدٍ کبیر.
الثانی: تقدّم مخرج هذا الصوت – وهو فی اللهاة فی الأصل – إلى الأمام قلیلًا حیث یصادف الطبق الذی یعدُّ مخرج کلًّ من القاف والخاء والغین.
فی هذه الحالة ینقلب صوت القاف إلى صوت شبیه بصوت الغین المجهور أو الخاء المجهّر، ویسمع هذا الصوت کما یقول الدکتور أنیس فی السودان وجنوب العراق، ویسمع فی بعض الکلمات المصریة کما یقول دکتور رمضان ([xxx]).
2- أنَّ القاف التی تحدثوا عنها، کانت صوتًا شبیهًا بالجیم القاهریة (g )، وهذا الصوت یتسم بالشدة إلا أنه یختلف عن القاف فی صفة الجهر وتقدم المخرج إلى الأمام قلیلاً. ویبدو نطق هذا الصوت واضحًا فی بعض اللهجات العربیة کالقبائل القبلیة وأغلب الناطقین فی الأردن، فیحولون صوت القاف أثناء نطقهم إلى صوت الجاف أو ما یسمى بالجیم القاهریة (g).
وفی هذه الحالة یتقدم مخرج القاف إلى الأمام قلیلاً حیث المخرج الطبقی أو بدایته، أو بین المخرجین اللهوی والطبقی.
وهذا الاتجاه أقرّه الخلیل بن أحمد حیث صنّف صوت القاف مع صوت الکاف فی المخرج، وصوت الکاف هو صوت طبقی (قصیّ) یقترب فی مخرجه من المنطقة المتوسطة بین اللهاة والطبق ([xxxi]).
ویروی ابن دُرید أنَّ بنی تمیم یلحقون القاف بالکاف فتغلظ جدًا، فیقولون : الکوم، یریدون : القوم، فتکون القاف بین الکاف والقاف وهذه لغةٌ معروفة فی بنی تمیم قال الشاعر من (البسیط):
ولا أکول لکدری الکوم کد نضجت *** ولا أکول لباب الدار مکفول ([xxxii]).
بذلک یکون صوت القاف قد تنوع فی النطق خاصّة فی اتجاهه المخرجی
کما أقرّ (د.أنیس) : " وتطور الصوت بتغییر مخرجه یکون أحد الطریقین، إمّا بانتقال المخرج إلى الوراء، أو إلى الأمام، باحثًا فی انتقاله عن أقرب الأصوات شبهًا به من الناحیة الصوتیة" ([xxxiii]).
حیث نجد أنَّ نطق بعض العرب لهذا الصوت فی البیئات المختلفة قد اتخذ اتجاهین للتغیر فی النطق فمثلاً فیما یلی :
1- تراجع مخرج نطق هذا الصوت فی ألسنة معظم سکان المدن والحواضر العربیة إلى الخلف فصادف فی طریقه مخرجین اثنین :
ولا یوجد فی هذین المخرجین – حسب التصنیف الصوتی الحدیث – ما یقابل صوت القاف فی صفتی الشدة والهمس إلا صوت الهمزة الحنجری الشدید المهموس ([xxxiv]).
مما سهّل عملیة تنوع هذا الصوت، وهو القاف إلى أکثر الأصوات شبهًا به فی الصفة وهو الهمزة. ومثل هذا التطور فی کتب التراث هناک بعض الأمثلة کما سُمعت عن العرب، بالقاف والهمزة، ومنها ما أورده أبو الطیب اللغوی من أمثلة : (قشبه وأشبه، أی لامه وعابه، والقوم زُهاق مائة، وزُهاء مائة، أی قریب من مائة، والقفز والأفز، أی الوثب) ([xxxv]).
2- تقدم مخرج نطق القاف إلى الأمام قلیلاً فصادف فی طریقه مخرج الطبق أو الحنک اللین، ولا یوجد فی هذا المخرج ما یقابل صوت القاف فی صفتی الشدة والهمس، سوى صوت الکاف الطبقی الشدید المهموس. وهذا الصوت نجده على ألسنة معظم سکان الأریاف وخاصةً فی فلسطین، ومن أمثلة ذلک فی قولهم : ( قال وکال، وفی بقردش بکردش ) ولعل وصف القدماء لصوت القاف بالجهر، وتغیره إلى صفة الهمس مع الزمن یعود للتغیر النوعی الذی طرأ على البیئة العربیة فی انتقالها من حیاة البداوة إلى حیاة التمدن والحضارة.
فالبیئة الصحراویة التی تنتشر فیها الأصوات فی مسافةٍ شاسعةٍ لا یعوقها عائق، تتطلب المیل إلى توضیح الأصوات بطرق عدة من بینها الجهر بالصوت لیصبح أکثر وضوحًا فی أُذُن السامع.
لهذا نلاحظ أنَّ لهجات القبائل البدویة تمیل إلى جهر بعض الأصوات فی حین أنَّ غیرها من قبائل الحضر تبقى على همسها ([xxxvi]).
أما طرائق النطق المتعددة لصوت القاف، والتی ما تزال حیةً على ألسنة مختلف أبناء اللهجات العربیة، فمن الممکن أن نعدها من قبیل التنوعات اللهجیة للصوت الرئیس، وهو ما یطلق علیه مصطلح (ألوفون).
صوت الکاف :
یتکون هذا الصوت برفع أقصى اللسان تجاه أقصى الحنک الأعلى أو (الحنک اللین ) والتصاقه به مع ارتفاع أقصى الحنک الأعلى نفسه لیسد مجرى الهواء من الأنف، ثم یضغط الهواء لمدة من الزمن، ثم یُطلق سراح المجرى الهوائی فیحدث انفجارًا ولا یتذبذب الوتران الصوتیان حالَ النطقِ به.
فالکاف إذَن صوت حنکی قصیّ انفجاریّ مهموس، والنظیر المجهور للکاف هو الجیم القاهریة للغة العامیة.
فهناک فی الآفاق اللغویة ما یشیر إلى أنَّ کثیرًا ما تکلموا عن صوت بین القاف والکاف والجیم، ونصُّوا على أنها لغة سائرة فی الیمن مثل جمل إذا اضطروا قالوا کمل([xxxvii]).
وإلى هذا یشیر أیضًا الباحث (لیتمان) فیقول : " وقد رُویَ عند النحویین کمل فی جمل ورکل فی رجل ورَکَب فی رَجَب وعلى الأرجح فی هذه الکلمات یوجد النطق الأصلی، یعنی الجیم المصریة والسامیة العامة، ولکن النحویین کتبوا کافًا لعدم الإشارة للنطق الصحیح "([xxxviii]).
لذا عرفت اللهجات العربیة القدیمة مجموعة من الظواهر الصوتیة المحلیة، وانتقلت مع مرور الزمن إلى اللهجات العربیة الحدیثة.
مثل الکشکشة: وهی لغة تمیم على رأی ابن یعیش ([xxxix])، ولغة ربیعة ومُضَر على رأی السیوطیّ.
والکشکشة فی رأی القدماء هی إلحاق الشین بعد الکاف للمذکر والمؤنث، فیُقال فی لهجة فلسطین، (ما أعطیتکش، وما شوفتکش، وما ضربتکیش).
تحول الکاف إلى صوت الکشکشة المُرَکَّب (tc) حدث هذا التغیر فی العبریة الفصحى ولهجات الخلیج العربی، ومنطقة شرق الجزیرة العربیة، وهذا ما حدث أیضًا فی الأسرة الهندیة الأوربیة فی تاریخ اللغة الانجلیزیة فی رحلتها المبکرة عندما ظهر هذا الصوت إلى جوار الحرکات الأمامیة ( Pich pic ) ([xl]).
وهذه الظاهرة لیست (جیم) کما یظن البعض لأن الجاف تحقیق صوتی للکاف. کما أنها لیست الشین فی ( ماشوفتوش وما أکلتوش ) لأن الشین هنا حلَّت محل ( شیء) إذ بالأصل ما شوفتُ شیئًا، وما أکلتُ شیئًا ([xli]).
ویفسر بعض اللغویین هذه الظاهرة، فإبراهیم أنیس یقول: " وصل العلماء فی مقارنتهم اللغة السنسکریتیة باللغتین الیونانیة واللاتینیة إلى قانون صوتی سمّوه (قانون الأصوات الحنکیة) فی أواخر القرن التاسع عشر، ولاحظوا أنَّ أصوات أقصى الحنک، کالکاف والجیم الخالیة من التعطیش تمیل لمخرجها إلى نظائرها فی أصوات أمامیة حینَ یلیها صوت لیّن أمامی کالکسرة. لأنَّ صوت اللین الأمامی فی مثل هذه الحالة یجتذب إلى الأمام قلیلاً أصوات أقصى الحنک فتنقلب إلى نظائرها أصوات وسط الحنک " ([xlii]).
وتعتبر ظاهرة الشنشنة جزءًا من هذه الظاهرة، وهی جعل کاف المؤنث شینًا، وهی لهجة تغلب من أهل الیمن، فیقولون : " لبیش اللهم لبیش ".
ولعلَّ ابدال کاف المؤنث شینًا فی رأی القدماء حرصًا على البیان لأن الکسرة الدالّة على التأنیث فیها تُخْفَى فی الوقف ([xliii])، فقالوا : علیش ومنش، وجعل الله البرکة فی دارش([xliv]).
وقول المجنون ([xlv]) :
فیعناشِ عیناها وجیدش جیدها *** سوى أنَّ عظم الساقِ منشِ دقیقُ ([xlvi]).
أراد : فعیناکِ عیناها وجیدکِ جیدها *** سوى أنَّ عظم الساق منکِ دقیقُ.
ویُشیر بروکلمان فی هذا إلى تحول موازٍ وهی الکاف الشدیدة إلى مرکّب احتکاکی نعرفه فی بعض لهجات الخلیج العربی.
أما الکاف الشدیدة فهی ذلک الصوت الذی نعرفه فی العربیة الفصیحة ([xlvii]).
ویورد أیضًا من کلامهم
" إذا أعیاشِ جارتش *** فاقبلی على ذی بتش "([xlviii]).
ویقترب ابن دُرید من تفسیر هذه الظاهرة من تفسیر المحدثین، إذا اضطر الذی هذه لغته قال : (جیدش) و(غلامش) بین الجیم والشین إذ لم یتهیأ أن یفرده ([xlix]).
والشنشنة معروفة فی فلسطین بحرف الجاف، ولیست کما هو معروف بقانونها قلب کاف المؤنث.
ویقولون :( شُفتج، ورأیتج للمؤنث ).
ولا تعرف لهجات فلسطین الشنشنة المنصوص علیها فی کتب اللغة والتی قصدها علماء اللغة.
واللهجات الحدیثة تعرف الکشکشة بشکل واسع بإضافة الشین بعد الکاف، خصوصًا مع النفی وعمومًا فإننا نجد الکشکشة فی اللهجات الفلسطینیة تتمثل فی صورتین :
1- ما شُفتکش للمذکر.
2- ما شفتجش للمؤنث.
وإضافة الشین بلهجات فلسطین لیس مشروطًا بعد کاف، أو إبدال کاف، فیقولون : (ما رُحناش وما جیناش).
لذا فتغیر الکاف إلى شینٍ یکون بإنتقال مخرج الکاف أثناء النطق من أقصى الحنک إلى مخرج أمامه إلى وسط الحنک وهو الشین.
الخاتمة :
وهذا ما توصلت إلیه من خلال هذا البحث، فقد أخذ نطق صوت الجیم صوت مرکّبًا إلى عدة أشکال نطقیة فی ألسنة أصحاب اللهجات العربیة، ومن صور نطقه:
1- یُنطق فی ألسنة أهل القاهرة المصریین کافًا مجهورة (g).
2- ینطق فی ألسنة معظم أهل الصعید فی مصر صوتًا شدیدًا قریبًا من نطق الدال.
3- ینطق فی ألسنة أهل الشام ولدى بعض المغاربة شینًا مجهورة.
4- ینطق فی ألسنة منطقة الخلیج العربی بعامّة، وکأنه صوت شبه صامت أو شبه حرکة ویعنی الیاء.
5- مجیدو القرآءات القرآنیة، ینطقون هذا الصوت على نحو مرکّب یجمع بین الوقف والاحتکاک.
أمّا صوت القاف فقد تغیّر نطقه من ناحیتین :
تغیّر المخرج، فقد تأخّر مخرجه إلى الخلف لیصادف صوت الهمزة والنطق بهذا الصوت دارج على ألسنة أهل الحواضر والمُدن.
وتقدّم مخرجه للأمام قلیلاً لیصادف صوت الکاف من الطبق وهذا الصوت اتخذ نطقًا له على ألسنة أهل الأریاف فی فلسطین إضافة إلى أنَّ بعض القبائل العربیة فی السودان وبعض القبائل فی جنوب العراق ینطقون صوت القاف نطقًا یخالف نطق معظم اللهجات العربیة الحدیثة، إذ نسمعها منهم نوعًا من الغین.
کما أنَّ کثیرًا من القبائل البدویة وأغلب الناطقین بصوت القاف فی الأردن یحولون هذا الصوت فی نطقهم إلى صوت الجاف أو ما یسمّى بالجیم القاهریة کما یفعل أهل الصعید فی مصر.
أمّا صوت الکاف فقد تغیّر النطق به، فقد تقدّم من أقصى الحنک إلى وسط الحنک لیصادف صوت الشین.
وهذا التغیر فی النطق لصوت الکاف کان منتشرًا قدیمًا فی اللهجات العربیة القدیمة وهو ما عُرِفَ فی لغة تمیم، وربیعة، ومضر بالکشکشة.
کما انتقل هذا التغیر فی النطق إلى البیئات اللغویة الحدیثة، فقد عرفت الأریاف الفلسطینیة هذا النطق بشکلٍ واسع.
إنّ هذه الطرائق المتعددة لنطق هذه الأصوات الثلاثة الجیم والقاف والکاف، تُعَدُّ من قبیل التنوّعات اللهجیة للصوت الرئیس، والتی یطلق علیها فی میدان الدرس الصوتی (ألوفون).
([ii]) رمضان عبد التواب، التطور اللغوی، مظاهره وعلله وقوانینه. ط 2. مکتبة الخانجی. القاهرة 1980 م. ص 30.
([iv] (Hartmann. P. R. K. and Stork. F. C. : Dictionary of Language and Linguistics – London , 1976. p. 212.
([ix]) فندریس. اللغة، ترجمة عبد الحمید الدواخلی ومحمد القصاص. القاهرة، مکتبة الأنجلو المصریة، 1950 م. ص 72.
([xiv]) یقصد بالأصوات المائعة أو الرنّانة، تلک الأصوات التی تقع وسطًا بین الأصوات الانفجاریة Plosives، والأصوات الاحتکاکیة Fricatives. ففی أثناء النطق بهذا النوع من الأصوات، یتمّ تحدید مسار الهواء فقط دون قطع لمجراه، کما هو الحال فی الأصوات الانفجاریة، ودون تضییق لهذا المجرى، کما یحدث مع الأصوات الاحتکاکیة.
یُنظر بهذا الشأن فندریس. ص 52 -53.
([xv]) سیبویه. أبو البشر عمرو بن عثمان. کتاب سیبویه. ج 4. ط 3. تحقیق عبد السلام. عالم الکتب . بیروت. 1983 م. ص 433.
وابن جنی، سر صناعة الإعراب، جمع وتحقیق مصطفى السقا وآخرین، ط1، القاهرة، 1374هـ، ج1/47-48.
([xvi])ابن یعیش. أبو البقاء موفق الدین. شرح المفصل. ج 10. عالم الکتب. بیروت. مکتبة المتنبی. القاهرة. (ب. ت) ص 124.
([xvii])عبد العزیز مطر.خصائص اللهجة الکویتیة. دراسة لغویة میدانیة. مطابع الرسالة. الکویت. 1969 م. ص 17.
([xix]) محمود فهمی حجازی. قوانین المقابلات الصوتیة فی اللغات السامیة. مجلة مجمع اللغة العربیة (75). 1994 م. ص 88.
([xxvi]) الألوفون الذی هو صور نطقیة متعددة للفونیم الواحد. والفونیم هو الحرف وهو أصغر وحدة تؤثر فی معانی الکلمات.
فالناطق العادی قد یستعمل الصوت الواحد بتنوعات نُطقیة مختلفة. دون وعیٍ منه لهذه التنوعات، وقد یعود السبب فی ذلک إلى نوعیة البیئة الاجتماعیة والنفسیة والإقلیمیة التی یتفاعل معها المتکلم فی لحظة ممارسته للاتصال اللغویّ.
([xxviii]) الخلیل بن أحمد. العین. تحقیق عبد الله درویش. مطبعة العانی. بغداد. 1967 م. ج 11. ص 65. وکذلک ابن یعیش. ج 10. ص 124.
([xxxii]) ابن دُرّید. أبو بکر محمد بن الحسن. جمهرة اللغة. ج 4 تحقیق محمد السرونی. حیدر أباد الدِکن. الهند. 1344 هـ.
([xxxv]) أبو الطیب اللغوی. الابدال فی کلام العرب. ج 2. تحقیق عز الدین التنوخی. دمشق. 1960 م. ص 561 – 562.
([xliv])المُبرّد. الکامل. ج 2. تحقیق محمد أبو الفضل إبراهیم والسید شحاتة. دار النهضة مصر القاهرة 1956 م. ص 223.