بدايات الصورة الشعرية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس مساعد بمرکز اللغة العربية ــ جامعة القاهرة

المستخلص

منذ أن بدأت حياة الإنسان وهو يشکل الصور، ينقش ويجسد أشکال الحيوانات والطير على جدران الکهوف حتى من قبل أن يعرف فن الکتابة.
ثم تطور الإنسان نفسه وتطورت الطبيعة فتطور فن التصوير أيضًا، انتقل من مرحلة النقش البدائية والتعبير المباشر إلى مرحلة التجريد، مرحلة التناسق والتناغم على متغيرات العالم من حوله باستعمال أشکال هندسية معينة لها أبعاد ومساحات ونسب يستعملها مجردة.
ثمَّ مع تطور علم الهندسة دخل التصوير في مرحلة جديدة أکثر انتظامًا وهندسية، تتفق مع تخيلات الفکر وتصوراته الأولية، يحاول بلوغ فکرة الأشياء ومفهومها وجوهرها الباطن.

الكلمات الرئيسية


منهج البحث:

  ومنهجنا هو منهج النقد الثقافی؛ لأن عملنا یربط بین طائفة من الحقول المعرفیة والجمالیة.

مقدمة:

منذ أن بدأت حیاة الإنسان على سطح کوکب الأرض، ومنذ أن مَنَّ علیه الخالق بنعمة الوجود بمختلف بقاعها وهو یجسد لنا تجاربه ومعاناته، إحساسه بمکامن الجمال التی منحته إیَّاها ید الخالق فی رحاب الطبیعة الواسعة – نقش على جدران الکهوف حتى من قبل أن یعرف کیف سیصنع لنفسه مسکنًا، جسَّد أشکال حیواناته وطیره فی بساطة وتجریدیة، مستعملاً الحجر الطری والطین والألوان الطبیعیة المستمدة من الأشجار والنباتات ودماء الحیوانات والطیور أنفسها، خلّد تاریخ أبطاله وملوکه وقادته حتى من دون أن یجید فن الکتابة، شکل أدواته الأولیة فی الصید وفی الزراعة. نقش أفکاره وعقائده، نحت وصمم آلهته المقدسة ظنًّا بأنها تمسک بزمام الأمور، استخدم الظل واللون والنور والرمز والإشارات ومن بعدها حروف الکتابة، نفذ إلى ما وراء الطبیعة، تعدى حدود الزمان والمکان، ترک لنا تاریخًا عظیمًا یُجسده فن التصویر الذی یُعد هو أول فنون البشر وجودًا بعد أن تفاعل الإنسان مع ذاته ومع واقعه الفیزیقی من حوله، یشمل فی مساحته النفع والجمال والمتعة، رفیق أزلی دائم للإنسان، رافقه منذ حیاته الأولى داخل الکهوف ثم أدرک معه حضاراته ومدنیاته ومایزال هو الرفیق ومبعث التفکیر والتدبیر حتى رغم تعدد فنونه وأشکاله فی العصر الحدیث ما بین مواد فیلمیة وفوتوغرافیة وسینمائیة .. وغیرها، إلا أنه مایزال مرافقًا للإنسان، ولولاه ما کنا لنکتشف تاریخ تلک الفترة من حیاة ذلک النوع من الفن نشأةً وتطویرًا، وسیظل هو المدخل لمعرفة تاریخ الفن عامة والإنسان نفسه فنًا وواقعًا خاصًا.

ربما لأنه کما قال عنه کلکهونN. Colquhoun " هو أحد الوسائل الهامة لإحداث علاقات جدیدة وأکثر حیویة مع الطبیعة "([i]). على أن نفهم الطبیعة بمعناها الواسع، الطبیعة الفیزیقیة بکل ما فیها من کائنات وموجودات، بدأ فیها الإنسان حیاته الأولى – جزءًا لا یتجزء عنها، "مجرد کائن بیولوجی .. لا یمتاز عنها ولا یتناقض "([ii]). لکنه یُبصر ، یرى ، یتأمل .. یدرک مخلوقات الطبیعة التی بدأ حیاته معها سواء بسواء: الإنسان وعلى حد تعبیر " علماء الأنثربولوجیا " وأشباه الإنسان، والرعد والبرق والزرع والمطر والحجر وحتى ینابیع الماء .. کلها مجزوءات فیزیائیة، شکلت جمیعها النواة الأولى لتلک الحیاة، ولکنه بما تمیز به عنها من نعمة الإدراک أو الإحساس ثار ثورته الأولى علیها جمیعًا، فصل نفسه عن الطبیعة، بل ونصّب نفسه سیدًا علیها، سیطر على کل ما بها، شکل رؤیته الأولیة بإدراکه التشابه والتماثل، بل وحتى التنافر بین أشیاء العالم بناء على مدرکات حسیة، تتماثل أو تختلف کالشکل واللون والهیئة .. وغیره – مدفوعًا  لتأسیس کیان نفسی ومادی یفصلانه عن باقی مکنونات العالم . کیانًا هو مفطور على السعی نحوه حتى من قبل وجوده، ویصله بما أمده الخالق من سمع وبصر ولسان وأعضاء. یقول فی شأنه تعالى:ﱡﭐﱗﱘﱙﱚ ﱛﱜ ،ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ،ﱣ ﱤ ﱥ ﱦﱧ ﱨﱩﱠ([iii]).

مرحلة الإیجاد والإمداد:

قد حاول کثیر من الباحثین دراسة تلک المرحلة الأولى من عمر الإنسان – مرحلة الإیجاد والإمداد – وعمدوا إلى دراسة بعض الملابسات وبعض ما ترکه ذلک الإنسان الأول من رسوم وأدوات سواء على جدران الکهوف أو على صحائف الفخار والأحجار وأوراق البردی – والتی ربما قد تصل بهم إلى فهم تلک الفترة ، وإن کانت دراساتهم هذه قد استندت فی معظمها – إلى جانب ما ترکه الإنسان الأول من تراث – على نظریات وأساطیر یصعب علینا التحقق من صدقها أو عدمه على أساس من الأدلة والبراهین ، لکنها فی معظمها تصل بنا إلى أن إنسانًا أول بدأ حیاته على سطح هذه الأرض کائنًا طبیعیًا بیولوجیًا .

ویرجحون أنه إنسان ما قبل التاریخ، یطلقون علیه اسم الإنسان منتصب القامة، یشبه إنسان الیوم ولکن مخه أصغر وأسنانه أکبر، وبسبب من التغییرات الجذریة لجینات هذا الإنسان الأول ونتیجة لثورته الأولى، والتی عرفت باسم " الثورة الإدراکیة " ظهر الإنسان المفکر المدرک، أو على حد تسمیة علماء الأنثروبولوجیا الإنسان العاقل Homo Sapiens . إنسان العصر الحجری القدیم الأعلى ، وجدت بعض هیاکله فی جنوب فرنسا ، ومن أهم صفاته الجسمانیة طول القامة وعرض الوجه واتساع العینین وکبر حجم المخ . الذی ساهم فی تطویر مهاراته الفکریة والعقلیة فیما بعد .

هذا الإنسان أخذ یواجه الطبیعة ویوجهها نحو تکوین الذات حتى غدا متمیزًا وسابقًا لها جمیعًا، لم یکتف بمجرد التأقلم مع قوانین الطبیعة والتکیف معها کشأن باقی المخلوقات .

وقیل إن من صلبه خرجت السلالات والأجناس الحالیة وأنه یعود إلیه الفضل فی وضع حجر الأساس لفن وحضارة العصر الحالی .

فبینما " کان الإنسان القدیم یُلبی حاجات عیشه بالتکیف الحیوانی مع الطبیعة .. أخذ الإنسان العاقل یُلبی تلک الحاجات بمواجهة الطبیعة ، بالعمل الجمعی "([iv]) استولى علیها بالعمل وأعاد تحویلها أیضًا بالعمل ، العمل هو نشاطه الخاص ، وهو وحده المخلوق الذی یمکنه أن یعمل بیدیه حتى أنه یمکننا القول بأن " الفصل فی مرکزه السامی بین سائر الأحیاء راجع إلى مهارته الیدویة "([v]) إضافة إلى ذکائه وقوة شعوره وقدرته على الفهم والتعلم .

بمعنى أنه صار مسیطرًا ومتحکمًا فی الطبیعة ، سامیًا على جمیع کائناتها ومخلوقاتها بفضل العمل ، جعلها جمیعًا مسخرة لخدمته وطوعًا لأمره وإرادته فی أن یعمل وأن ینتج بعد أن کان مجرد کائن طبیعی یتکیف مع العالم بقدر ما تسمح به أعضاؤه – بدایة شبه حیوانیة – صار یصنع وینتج ثم یطور فیها ویستبدل بعضها بأدوات أخرى . " الأمر الذی أدى به إلى اکتشاف آخر مهم ، ألا وهو أن الأداة الناقصة التی یملکها یمکن جعلها أکثر فعالیة ؛ وبالتالی فإن الآداة لیس من الضروری أن تؤخذ من الطبیعة وإنما یمکن صنعها "([vi]) أو تطویرها لتکون أکثر تأثیرًا وفعالیة ، أکثر قدرة على مساعدة الإنسان لمجابهة الطبیعة وتحقیق ما عجز عن تحقیقه بالأمس . انتصارًا جدیدًا على الطبیعة ومرحلة أکثر تطوریة وتحضریة للإنسان ، مرحلة الإنسان ( المنتج ) ، الإنسان ( الإنسانی ) أو ( الحضاری ) Homo culture الذی یغیر الطبیعة ویغیر نفسه ویرقى بها بتغییره للطبیعة ، بعد أن عاش فترة من التطابق بینه وبیها " حیث لم یکن ثمة بینهما تناقض ، ولا حرکة ولا تبادل بعد "([vii]). لا تثیره أو تستأثره صفاتها ، تحیطه أشیاء یدرک مظاهرها الخارجیة بمجرد عینه الباصرة منعکسة على شبکیته إنعکاس الشیء فی غیره .

الحقیقة التی أدرکها فیما بعد حین أحس بوجوده الاجتماعی وصار المجتمع الذی یحیطه هو نفسه الذی یشکل " عینه الباصرة التی یجعل حاجاته تتوهج فیه ، فیتحرک کیانه باتجاه الطبیعة عبر الفعل الإرادی الخلاق متسلحًا بالمادة والفکرة والفعل "([viii])، أیقظ ذهنه شیئًا فشیئًا ، تطور وارتقى فیزیقیًا ونفسیًا وعقلیًا حتى بلغ مرحلة حریة الإرادة والتمییز والاختیار التی حرکت میلهُ نحو الخلق والإبداع . فابتکر أشیاء جدیدة تشکلت من معطیات الطبیعة المادیة ولکن بفکر تصوری جدید وفعل اختیاری لا وجود له إلا فی الذهن ، صار ینتج ویبتکر وفقًا لتخطیطه وتصوره.

لهذا نقول إن ما صنعه الإنسان فی هذه الفترة جمع بین وجودین . أو بمعنى آخر کان له وجودٌ ازدواجیٌ ما بین المادة الفیزیقیة الجاهزة التی منحتها إیاه ید الطبیعة من حجر وطین ومعادن وأحجار وماء .. وغیرها من مواد أولیة ، ثم الفکریة أو التوریة حیث یُعمل ذهنه لأجل إشباع رغباته واحتیاجاته .

المادة الأولیة مع التصور الذهنی هما أساس فعل الإنسان الأولی ونشاطه العملی فی مجابهة الطبیعة ، شکل على أساسهما أدواته الأولیة فی الصید والزراعة ثم شکل بهما فنه ، فرسم ونحت وشکَّل الصور الفنیة المختلفة وربما لذلک عرَّف بعض مؤرخی الفن الإنسان بأنه مخلوق فنان ، لا لأنهم یملکون عنه تاریخًا فنیًا مسجلاً وإنما لأنه هو المخلوق الوحید الذی یعمل بیده ویُعمِل عقله فی بناء أفعاله وتصوراته مستندین فی دراستهم على ما خلفه إنسان ما قبل التاریخ من أدوات حرفیة وأسلحة حجریة وأعمال فنیة سواء فی المغارات أو الکهوف أو المآوی الصخریة التی کان یعیش فیها . کذلک ما ترکه لنا من بقایا زروع وحیوانات کان یتغذى علیها وبقایا مواقد ومخازن ومقابر کان یدفن فیها جثث موتاه إیمانًا بفکرة الخلود والبعث .

جمالیة الصور البدائیة:

وهو منذ اللحظة الأولى یلازمه شعور بالجمالیة – وإن لم یکن هدفًا فی ذاته لکنه کان موجودًا، شعورًا تطور لأن أصبح فیما بعد " متعة روحیة "([ix]) ارتبطت بفعله ، تطورت معه لحظة بلحظة حتى أصقلت وأرهفت جمیع حواسه – السمع والبصر واللمس والشم .. لقلتها من مجرد دورها فی آراء الوظائف الحسیة النفعیة إلى طور تصدیر الإنسان أعماله الفنیة وإنتاجه إیاها معبرًا عما یحیطه من جمال کونی .

ویُحکى أن إنسانًا بدائیًا خرج لیصطاد شیئًا یأکله هو وحبیبته ولم یجد شیئًا یعود به ، وبینما هو یبحث عن ذلک الشیء وقعت عینه على زهرة مختبئة داخل صخرة فقطفها وقدمها لها لأنها تشبه فی استدارتها استدارة فمها ، فکانت هذه هی أول هدیة جمال فی تاریخ البشریة کلها ، أول تصور لأول حرف بأول دیوان شعر بالوجود . لمس فیه التشابه والتماثل بین شیئین مختلفین أدرک العلاقة الجدلیة بینهما ، التی تجمع الوعی بالواقع ، والمجرد بالحسی ، وظلت تنمو وتتطور ما تطورت حیاته ورؤیته .

لذلک یؤمن بعض الدارسین بأن الإنسان – منذ عصوره الأولى – لما شکل صوره رسمًا ونحتًا على جدران ومداخل وأسقف کهوفه لم یکن ذلک بدافع من الخوف وإبعاد الوحوش والأرواح الشریرة عن مسکنه فقط ولا بدافع من السحر ، وإلا تحولت رسومه إلى مجرد تعاویذ لتحریک القوى السحریة . وإنما هو تحریک کذلک بدافع من الجمال، أحب الفن لذاته الجمیلة طبعه   فی أماکن یصعب الوصول إلیها لحب یه لذاته ولجماله.

وقد عُثر على أول هذه الرسوم فی (Arcy – surcure) فی فرنسا وتمثل صورتین باهتتین لحیوان الرنیوسیروس ، کذلک عُثر على صورة مشابهة لها فی الدوردون ، توالت بعدها اکتشافات فی فرنسا وأیضًا فی أسبانیا تعود فی معظمها للفترة الحدیثة من العصر الحجری ( النیولیتیک ) Neolithic من 8000 إلى 3100 ق.م. کذلک رسوم مغارة لاسکو (Las coux ) جنوب فرنسا – تعود إلى الفترة 15000 – 10000ق.م ، وهی مؤلفة من مئات التصاویر الحیوانیة ، موزعة على امتداد جدار الکهف بألوان حمراء وبحرکات معینة تجعلها حیة متحرکة لحیواناته التی کانت تصاحبه فی تلک الفترة ، کالحصان الوحشی والبیزونوالماموثmommoth ( فیل عظیم الجثة له أنیاب لولبیة کبیرة جدًا ) وحیوان الرنة والوعول وأسد الکهوف ... وغیرها .

کذلک کهف کاستلو فی کانتیبراcontabiraأسبانیا وکهف التامیراAltamira شمال أسبانیا الآن . ورسومات الطاسیلی فی الصحراء الکبرى من أسبانیا الشرقیة ، وکهوف أفریقیا الجنوبیة . وکلها رسوم تمیزت بجمالیتها وبساطتها وتلقائیتها ، فیها من الفطرة والدقة والرمز وإظهار الحرکة ، انعکاس صریح بنفس درجة البساطة والواقعیة والبدائیة التی کان یحیاها صاحبها الإنسان تعبیرًا عن الشکل العام لأفکاره ومضمونات رسومه .

وإن کان من علماء الفن من یرجحون على أساس وجود هذه الرسوم بأماکن یصعب الوصول إلیها لبعدها عن سطح الأرض بمئات الأمتار أو حتى ما یفوق الکیلو مترات أو لوعورة مواقعها وصعوبة العیش فیها – بأنها لم تصنع لأجل زینة أو مباهاة أو لجمالیة فی ذاتها ، فما لهم أن یجملوا أماکن یصعب العیش فیها أو حتى إضاءتها . خاصة وأنهم لم یجدوا فیها آثار أکل أو نار- لا سیما تلک التی قربت من الشمس والضوء واستعملها بالفعل مسکنًا له ، کمغارة " باش مرل " pach – merile جنوب غرب فرنسا ، مطبوع على جدرانها عدد من الأیدی البشریة باللونین الأحمر والأسود تحیط بقطیع من الخیول ترید أن تمتلکها مصورة حتى یتمکن من امتلاکها فی الواقع . وهؤلاء العلماء قصروا الصورة على وظیفتها ، مهمتها فی إجبار أو دفع القدر نحو تحقیق رغبات وطموحات الإنسان مؤکدین على ما لهذه الرسوم من قیم سحریة ودینیة قد یصعب إنکارها .

اعتمدوا على الاعتقاد الذی ظل سائدًا لفترة من الزمن حینما کان البدائی لا یستطیع تحقیق فعله فی الواقع ، ومن ثم بدأ التصویر لدیه تطبیقیًا لخدمة أفعاله قبل أن یرتبط بمعاییر الجمال ، یحاکی الفعل غیر المتحقق فی الواقع فی صورة الفن رسمًا أو نحتًا اعتقادًا بأنه إن لم یحقق فعله فی الواقع فسوف یتحقق – لا محالة – إذا ما عبر عنه فی صورة رسم أو نحت ، بمعنى أن الفعل إذا تحقق فنیًا فسوف یتحقق فعلیًا لى أرض الواقع من خلال الصورة الذهنیة التی یرسمها للشیء فی مخیلته . فیتحکم " الصیاد سلفًا فی صیده إذا رسمه صریعًا وقد دق السهم فی جسمه .. کما کان المحارب یهزم عدوه مقدمًا إذا رسمه مهزومًا "([x])، الفن والواقع متلازمان ، یتحقق أحدهما بتحقق الآخر . لدرجة أنهم کانوا یعتقدون أن الحیوان المطعون بسهام الصیاد فی الصورة یشعر بإحساس مماثل من الألم والمعاناة لإحساس الحیوان الحقیقی على أرض الواقع .

وهذا معناه أن " الصورة .. هی التصویر والشیء المصوَّر فی آن واحد ، وهی الرغبة وتحقیق الرغبة فی الوقت نفسه "([xi]) یشکلها لأجل أن یحقق فعلاً لا لأجل أن ینتج فنًا ، وعند فلاسفة الیونان " الصورة من عطاء فکر راسم الصورة " تسعى فی اتجاه غایته المنشودة من فعل التخییل. هی محاولته لفهم العالم ، نسخة منه ، هی الأساس ولیس الواقع ، تحاکیه لتسبقه وتمهد له ، وبالتالی کان الواقع بمثابة المحاکاة للصورة فی أی من أشکالها .

یؤکد ذلک ما وجدناه من صور لحیوانات فی مغارة " الأخوة الثلاثة " Les Trois frères بفرنسا . وأیضًا لتماثیل طینیة بسیطة لحیوانات مصابة بسهام عدیدة فی أماکن متفرقة من جسمها استدعاءً لنوع من القوة السحریة والفعلیة على ما یصیدونه من حیوانات مفترسة أو ربما نوعًا من التدریب البدائی على صید تلک الحیوانات ، وهی فی النهایة نابعة من عطاء فکر المصور مع المادة المصورة فی مجابهة الطبیعة بأشیاء لا توجد إلا بالفعل ولا وجود لها إلا فی العقل .

وفی کتاب " روت بندیکث " " أسس الحضارة " مقال واضح عن اعتقاد الإنسان البدائی بأن المحاکاة تخلق القوة ، تقول الکاتبة : إن ساحرًا من جزیرة دوبو أراد أن یصاب أحد أعدائه بمرض عضال ، ولکی تحدث الرقیة مفعولها فإن الساحر راح یعد سلفًا مرحلة الاحتضار من المرض الذی یرید أن یبتلى به عدوه ، فیتمرغ على الأرض ویصبح متشنجًا بشدة . وبذلک وحده وعقب تقلید دقیق لنتائجه ، تستطیع الرقیة السحریة أن تفعل مفعولها "([xii]).. والأمر نفسه فی کثیر من نماذج الفن التصویری فی هذه الفترة استخدمت کأداة للسحر خاصة ما یخص صور الصید والحیوان ، وهذا بالطبع إضافة إلى بواعث أخرى دفعت الإنسان الأولیِ نحو إنتاج الصور الفنیة المختلفة – وشغلت فکر واهتمام کثیر من المهتمین بتاریخ الفن – حتى غدا متمیزًا وسابقًا على کل الکائنات التی توقف دورها على حد التکیف مع الطبیعة والتأقلم مع قوانینها .

فالأمر لا یتوقف على السحر ، بل یتعداه إلى الدین . وهذا هو رأی الباحث الفرنسی لیموزی (A. Lemozi) على عکس کثیر من الباحثین ، فسر وجود أشکال لأجساد أنثویة ثلاث فی مغارة Pach – Merie بعبارة آلهة ما ، وتلک الأجساد الأنثویة الثلاثة هی الإلهات الأم Dèesses – Mères یحیطها حشد من الحیوانات هن مسئولات عن وفرة الصید ؛ إذ لیس من مهام المرأة أن تصطاد بل هو من عمل الرجل.

وأیًّا ما کانت أهدافه وبواعثة من وراء الفن، فلا أحد ینکر ما لرسومه وتصاویره من جمالیة ، فإن کانت نابعة من إحساسه بالجمال فهی تنتمی إلى الفن الجمیل " الفن البحت " الذی نتذوقه لذاته – الفن من أجل الفن – ولکن رفض فرضیة استعماله لخدمة أغراض أخرى ، لم یأت بها لمجرد اللهو والعبث . وإن کانت نابعة من حاجته للعمل فهی تؤدی وظیفة جمالیة أضافة لوظیفتها النفعیة ، دون إضافی إلى جانب تذوقها فی ذاتها ، وتنتمی فی هذه الحال إلى ذلک النوع من الفن التطبیقی الذی لا یخلو من الجمالیة أیضًا ، فلیس هناک تصویر یخلو من جمالیة ومن اعتماد على تقالید الفن حتى وإن کان بسیطًا بدائیًا . والجمال صفة مخصوصة لمجمل النشاط البشری ، تنطوی طبیعته على مبدأ جمالی .

بدأ فن التصویر بمجرد تصاویر بدائیة ، لکنها بدائیة لا تستطیع أن تأت بها بدائیة الفن الحدیث. تعود بدایاتها إلى فترات متأخرة من العصر الحجری القدیم (البالیولیتک ) PAL'EOL'ITHTC من 600.000 وحتى 12000 سنة ق.م ، والعصر الحجری الأوسط (المیزلیتیک)MEZOLITHIC  من 12.000 وحتى 8000 سنة ق.م. وتطورت هذه التصاویر البدائیة فیما بعد إلى ملاحظة التناسب والتفاصیل العامة – وذلک فی العصر الحدیث ( النیولیتیک) NEOLITHIC من 8000 وحتى 3000 سنة قبل المیلاد – لمجرد رسوم بلالأصابع لبعض الحیوانات کالثیران والغزلان والماعز والأفیال والزراف والأبقار وکلاب الصید وغیرها من الحیوانات المصاحبة لتلک الفترة . رسمها على جدران من الطین ، بعضها ملون وبعضها اکتفى بمجرد تجسید أشکال تجریدیة مبسطة من خطوط خارجیة منتظة کوسیلة أساسیة لتحدید الشکل الخارجی بشیء قوی واضح یخلو من أی تفصیل غیر مهم أو مفید ، تؤلف فی تشکیلها بناءً فنیًا یشعر مبتکره بأکبر قدر من المتعة والسعادة عندما تؤرقه مظاهر الحیاة الخارجیة باضطرابها وغوغائیتها . ونجدها فی ریف مصر وعند الاسترالیین الأصلیین.

فیأتی الصیاد ویحدد رسومه فقط بمخطط مستدیر contour یحیط الحیوان الهدف – همه من الرسم – وکل ما یشغله هو أن یحدد هذا الحیوان بمحیط یفصله عن المکان الخارجی عنه حتى إذا ضرب بسهامه داخل هذا الإطار المحیط أصاب فریسته وإن ضرب خارجه أفلتت منه .

 

 

مرحلة التجرید:

الهدف الأساسی من التصویر هو الوصول للهدف ، التعبیر المباشر والبسیط عن الهدف الذی هو مضمون الرسم ، ینقله نقلاً واقعیًا لیسیطر به وإلا ما کانت له فائدة ولا جدوى . وبالتالی خلت التصاویر الأولى من التفاصیل الدقیقة المکونة لوحدة التشکل . إذ تأتی التفاصیل الدقیقة والقدرة على التعبیر عن التفاصیل مع القدرة على التغلغل والتقمص الوجدانی فی أعماق العمل الفنی على حد تعبیر فورینجر (فیلهلم) ، وهی مرحلة تالیة لتلک المرحلة الأولى ، یقول : إن التغللغل الوجدانی یصدق عن التجربة الاستاطیقیة فی حالة تأمل الأشیاء أو الأعمال الفنیة ذات التکوین العضوی أو الحیوی ، ویقابله المیل للتجرید الذی نبحث عنه فی الأجسام غیر العضویة أو التکوینات ذات المظهر الهندسی "([xiii]).

والتغلغل الوجدانی هنا یعنی المتعة الاستاطیقیة ، أن یستمتع الإنسان بنفسه من خلال موضوع حسی من الحیاة یختلف عن ذاته فیتغلغل فیه وجدانیًا ، یتعمق بداخله واصفًا إیاه بالجمال ، فتخرج الصور من خلال التردد بین الصراع والإنجاز . یقابله المیل إلى التجریدیة – المحور الثانی الذی یطرحه فورینجر (فیلهلم) ویترکز علیه الإبداع الفنی ، ومن ثم فن التصویر فی أولى مراحله . ولا یصح إنکار صفة الفن عنه بأی حال ن الأحوال ولا صفة الجمالیة أیضًا . ونماذجه کثیرة ومتعددة فیما یخص الفن وکذلک فن أعلى الأمم حضارة ، تراجع فیما بعد مع الإغریق حیث مثل فنهم مبدأ التقمص الوجدانی خیر تمثیل .

فحینما تکون الصلة الرابطة بین الإنسان والبیئة المحیطة من حوله صلة وجدانیة ، عاطفیة تمزجها وتوحده بها یکون أمیل فی فنه إلى أن یصدره من نوع " التقمص الوجدانی " ، أما حینما تکون الصلة بظواهر العالم یحکمها الخوف والشعور بعدم الرضا والفزع من کل شیء : المکان والفضاء وتقلب العالم وعدم ثبات شیء فیه على حال ، ضیاع روحی وسط غموض العالم یکون الدافع من وراء کل تعبیر أو تجسید یصدره ذلک الإنسان یکون هو التجرید . إضفاء مظاهر الأبدیة والضرورة والانتظام على کل شیء یمکن أن یخرج عن سیطرته أو یقبل أن یتغیر ؛ فیشعر بالراحة والسکینة فی عالم متقلب غدار فتکون القیم الثابتة والمعانی المجردة .

هکذا بدأت الصورة بسیطة بدائیة وانتقلت منها إلى مرحلة التجرید ، حیث بعض التناسب والتفاصیل لإضفاء لون من التناسق والتناغم على متغیرات العالم ومن ثم إلى رسم الأشکال الهندسیة المعتمدة فی تکوینها على قوانین التناسق العلیا . والإیقاع والکمال ، ویکون مبعثها من داخل عقل الفنان وفکره وخیاله ، لکنه لیس العقل الخاضع خضوعًا کاملاً لأحاسیسه الممثلة للعالم الخارجی لکنها تنبع من أبعاد غائرة فی نفسه الإنسانیة العمیقة . لهذا نقول إن تصورات تلک الفترة کانت تحاکی ما یتصوره الفنان ویفترض أن یکون لا ما هو کائن بالفعل ومتحقق وموجود کما مثلنا منذ قلیل فیما یحاکی به تصوراته الذهنیة الغائرة فی ذاته لما یتمنى أن یکون کما هو الأمر فی رسوم الصید وتماثیل الحیوانات المصابة بسهامه العدیدة فی کل مکان من جسمها تهزمها وتمزقها ، تمنحه قوة الانتصار والغلبة علیها وعلى کل ما یهدد سکینة عیشه وطمأنینته من مظاهر العالم ؟ فنشعر فی تلک النماذج وکأنه رفع عنها کل ما یشوبها من مسببات التشتت والهرج ، فرسم أشیاءه مجردة ، استبعد منها حدود الفضاء والمکان باعتبارهما عدوانه اللذین یحولان دون رؤیته لحقیقة الأشیاء فی تمام وحدتها وفردیتها وثباتها ویفسدان علیها صفوتها ونقاءها ، " وکما قال فورینجر إن المشاهد لا یشعر بالارتیاح والسکینة إلا إذا شعر أنه فی حضرة المطلق"([xiv]) وعلیه تُعد رسومه الأولى نوعًا من إعادة الخلق الخالصة لحالة ما قبل الواقع الخارجی والإدراک الحسی لما له ، إذ لابد من سبق الواقع الحسی بمجردات الفنان السابقة له . " وبذلک یشعر بأصله الأبدی ، وبأنه فی حضرة معانٍ أبدیة استبعد منها مئات المظاهر الحسیة ، التی قد تفسد نقاءها الأصلی "([xv]) وفیها ما یتمنى وقوعه بدیلاً عن غموض الواقع .

هکذا اهتدى فن التصویر فی بدایته إلى أشکال فنیة جدیدة تعتمد على التجریدیة ، خطوط هندسیة لها أبعاد ومساحات ونسب معینة ، نجح فی استعمالها مجردة دون شوائب المدرکات الحسیة التی تفسد علیه واقعه وتهدد أمانه فیه ، حینما یجسد صور حیواناته لا یعینه رسم تعریجات الخطوط أو أبعاد الفضاء أو المکان ولا حتى أن یتعمق فی تجسید حیز أو عمق بطریقة الخداع البصری أو أی شیء آخر . اکتفى بمجرد الخطوط المستقیمة ، وإذا عجزت تلک الخطوط المستقیمة عن التعبیر شکلَّ المنحنیات الدائریة . وبالتالی تکون الرسوم عبارة عن أشکال منتظمة مجردة تصور السطح والشکل الأصلی فقط دون أی حسیة مرتبطة بالواقع الحی أو المتمثلات الطبیعیة یقلد الواقع فی الشکل فقط ولیس فی الفکر ، الفکر من عقل الراسم والنموذج هو تناغم الأجزاء وانتظامها وخضوعها لمحور أساسی واحد وإذا من ثمة شیء ینقصها یستطیع الخیال إکماله وأن یراه شیئًا مکتملاً فی ذاته .

المهم أن الظاهر فی تصویره خاضع فی خطوطه الهندسیة لما تصوره فی ذهنه هو لا ما هو واقع ومحسوس ، نماذجه کلها خاضعة لها یرغم ویقهر الطبیعة علیه فی خیالاته ، تمامًا کما وجدنا فی الفن المصری القدیم الذی مثل الفن التجریدی فی أسمى حالته وصوره لإیمانهم بفکرة البعث والخلود ، عقیدة الأبدیة التی تجرد الأشیاء من کل ما نصفه بالحیویة de oraganicistion وتمنحها طابعها الخاص الممیز .

وقد یؤرخ بعض مؤرخی الفن لبدایة التاریخ الفعلی للصورة بالفن المصری القدیم ، والذی وصلتنا منه نماذج کثیرة من عصر ما قبل الأسرات من أوانی فخاریة مزینة بالصور ، ثم فی عصر الأسرات الرسم على حوائط المقابر والقصور حیث لا ینفصل عمل المهندس عن النحات ولا المصور ثم انفصال التصویر على الجدران فنًا مستقلاً عن النحت ، واستبدل الفرشاة بالأزمیل بعد أن غطى الجدران الخشنة بطبقة من الجص - خامة تصلح للتشکیل والنحت المباشر علیها لتنفیذ أعمالٍ لها صفة الدیمومة فی ظل ظروف أخرى مناسبة تتکون من مجموعة من المرکبات المعدنیة یحتل معدن الجبس Gypsum کبریتات الکالسیوم المائیة CaSo4. 2H2O المرکب الأساسی المکون لها إلى جانب بعض المعادن الأخرى – وهذه الطبقة رسم علیها الفنان المصری أشکاله بخطوط منتظمة بارزة أکثر تطورًا وأکثر وضوحًا ، استخدم فیها المربعات التقسیمیة لضبط النسب وشغل الفراغات وتلوینها بألوانها المناسبة .



[i]- د. شاکر عبد الحمید : العملیة الإبداعیة فی فن التصویر ، عالم المعرفة – 195 ، إصدار المجلس الوطنی للثقافة والفنون والآداب – الکویت ، إشراف : أحمد مشاری العدوانی ، ینایر 1987 ، ص 16 .

[ii]- غیورغیغاتشف : الوعی والفن – دراسات فی تاریخ الصورة الفنیة ، ترجمة : د. نوفل نیوف ، مراجعة : د. سعد مصلوح ، عالم المعرفة ، ص 146 ، إصدار المجلس الوطنی للثقافة والفنون والآداب – الکویت ، إشراف : أحمد مشاری العدوانی ، فبرایر 1995 ، مقدمة الترجمة ، ص 7 .

[iii]- سورة الانفطار ، الآیات : 6 ، 7 ، 8 .

[iv]-أ.د. عبد المنعم تلیمة : مقدمة فی نظریة الأدب، الهیئةالعامة للکتاب، القاهرة،2013م، ص161 ــ 162.

[v]- د. سید توفیق : تاریخ الفن فی الشرق الأدنى القدیم – مصر والعراق ، مطبعة جامعة القاهرة والکتاب الجامعی ، الناشر : دار النهضة العربیة ، القاهرة ، ط1987م ، ص 23 ، نقلاً عن جون أ. هامرتن ، تاریخ العالم ، مترجم بالقاهرة ، 1948 ، جـ1 ، ص 253 .

[vi]- د. ریاض عوض : مقدمات فی فلسفة الفن ، جرَّوسْ یرسْ ، طرابلس – لیبیا ، ط1 ، 1415 هـ / 1994م ، ص 67.

[vii]-غورغیغاتشف : الوعی والفن ، ص 14.

[viii]-أنظر شتراوس ، کلود لیفی : الفکر البری، ترجمة وتعلیق: نظیر جاهل، ط3،1428ه ــ 2007م، ص 33 وما بعدها.

[ix]-أ.د.عبد المنعم تلیمة : مقدمة فی نظریة الأدب ، ص143.

[x]-أ.د. عبد المنعم تلیمة، مقدمة فی نظریة الأدب، 170.

[xi]-  أرنولد هاوز : الفن والمجتمع عبر التاریخ ، ترجمة : فؤاد زکریا ، دار الکتاب العربی للطباعة والنشر ، مصر ، ط1969 ، جـ1 ، ص 18.

[xii]-  د.ریاض عوض: مقدمات فی فلسفة الفن،جروس برس، طرابلس ــ لبنان، ط1، 1994ــ1415هـ، ص 68.

[xiii]-  أحمد حمدی محمود : ما وراء الفن ، الهیئة المصریة العامة للکتاب ، 1993م ، ص 153.

[xiv]-  أحمد حمدی محمود : ما وراء الفن ، ص 157.

[xv]-  أحمد محمود حمدی : المرجع السابق ، ص 157.

المصادر والمراجع:
 
(1) القرآن الکریم،سورة الانفطار.
(2)  أحمد حمدی محمود : ما وراء الفن ، الهیئة المصریة العامة للکتاب ، 1993م.
(3) د. ریاض عوض : مقدمات فی فلسفة الفن ، جرَّوسْ یرسْ ، طرابلس – لیبیا ، ط1 ، 1415 هـ / 1994م.
(4)  د. سید توفیق : تاریخ الفن فی الشرق الأدنى القدیم – مصر والعراق ، مطبعة جامعة القاهرة والکتاب الجامعی ، الناشر : دار النهضة العربیة ، القاهرة ، ط1987م ، ص 23 ، نقلاً عن جون أ. هامرتن ، تاریخ العالم ، مترجم بالقاهرة ، 1948 ، جـ1.
 (5) د. شاکر عبد الحمید : العملیة الإبداعیة فی فن التصویر ، عالم المعرفة – 195 ، إصدار المجلس الوطنی للثقافة والفنون والآداب – الکویت ، إشراف : أحمد مشاری العدوانی ، ینایر 1987م.
 (6) أ.د. عبد المنعم تلیمة : مقدمة فی نظریة الأدب، الهیئةالعامة للکتاب، القاهرة،2013م.
(7)  أرنولد هاوز: الفن والمجتمع عبر التاریخ، ترجمة: فؤاد زکریا، دار الکتاب العربی للطباعة والنشر، مصر، ط1969، جـ1.
 (8) أرنولد هاوزر: فلسفة تاریخ الفن، ترجمة رمزی عبده جرجس، مراجعة زکی نجیب محمود، تقدیم سعید توفیق، المرکز القومی للترجمة، 2008م.
(9) رینیه ویج: الفن، والنور، واللوحات ومصر ملتقى الشرق والغرب، ترجمة: د. عبد الرحمن بدوی، البنک الأهلی المصری، مطبعة المعهد العلمی الفرنسی للآثار الشرقیة، القاهرة، 1965م.
(10) غیورغیغاتشف: الوعی والفن – دراسات فی تاریخ الصورة الفنیة ، ترجمة: د. نوفل نیوف ، مراجعة : د. سعد مصلوح، عالم المعرفة، ص 146، إصدار المجلس الوطنی للثقافة والفنون والآداب – الکویت، إشراف: أحمد مشاری العدوانی ، فبرایر 1995، مقدمة الترجمة.
 
(11) A.P. Laurie, Methods of resting minute quantities of material from pictures and work of Art, in the Analyst, L VIII (A93).