قلَّما يُلتفَت إلى أثر أحكام التجويد ــ فونولوجيًّا ــ في دلالة النصّ القرآني، والقرآن الكريم مشحون بالأسرار الخفيّة، والمعاني العظيمة، صوتًا وصرفًا، ونحوًا، وسياقًا، فإنَّ كُلّ ما ذُكِرَ في هذا القرآن سواء أكان مكتوبًا أم منطوقًا، له أسرار ودلالات في المعنى.
وتُعدُّ أحكام التجويد خصيصة انماز بها النصّ القرآني من غيره من النصوص، فهي لا تقلُّ أهمّية عن الصرف والنحو في دلالة النصّ القرآني، ولا أعتقد أنَّ تأكيد هذه الأحكام من لدن العلماء خلفًا عن سلف، مردُّه قواعد صوتيّة مجرَّدة من دون سرٍّ في معنى من المعاني. وهذا العلم مختصٌّ بالقرآن الكريم دون غيره من الكلام العربي شعرًا كان أم نثرًا، أمـَّا استدلالهم بأنَّ القرآن الكريم أُنزل بلغة العرب، فهذا لا يدلّ على أنَّ أحكام التجويد أُخِذَت من كلام العرب، بل إنَّ أصواته، وألفاظه، وتراكيبه جاءت على سمت كلام العرب، لا غير.
وسيقف البحث على هذه الأحكام بالتأصيل لها بشكل موجز، ثــُمَّ يختار لكُلّ حكم منها مثالاً، أو مثالين، مستظهرًا معنى الحكم، ومبيّنًا أثره في دلالة النصّ القرآني من خلال الكلمة، أو السياق الذي وردت فيه فونولوجيًّا.