الربط الصوتى فى القصص القصيرة لـ"يوسف إدريس"

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

جامعة القاهرة

المستخلص

يهدف هذا البحث إلى بيان مظاهر التماسک النصى من خلال الربط الصوتى ووسائله لوصف مظاهره ومحاولة تنظيم أطره ، وذلک فى القصص القصيرة ليوسف إدريس ؛ وذلک بتطبيق الربط الصوتى بالإضافة إلى المنهج الإحصائى .
وتنقسم الدراسة إلى قسمين :
1 – التنظير للربط الصوتى .    2 – تطبيق ذلک على القصص القصيرة ليوسف إدريس.
وقد استوعبت قصصه القصيرة کل وسائل الربط الصوتى .

الكلمات الرئيسية


مــقــدمـــة:

 

          تجلى دور الربط اللفظى فى بناء النص حیث إنه یعمل على تماسکها على مستوى البنیة السطحیة للنص ؛ إذ یعمل على ربط البنى الدلالیة والترکیبیة على نحو مباشر ، فهو جزء من النظام اللغوى لدوره فى عملیات فهم النص وتفسیره ، ومن وسائل الربط اللفظى الربط الصوتى هذه الوسیلة لم تحظ بدراسة لغویة کافیة کما حظیت بها وسیلتا الربط اللفظى الأخریان – المعجمى والنحوى – ویتوفر فى تراثنا اللغوى رصید ضخم للبحث والدراسة فى هذه الوسیلة اللغویة التى لها وظیفة هامة ومؤثرة فى الربط اللفظى للنصوص ومن ثم تماسکها .

         لذلک یهتم هذا البحث بدراسة الربط الصوتى فى الأعمال القصصیة لأحد  أهم کتّاب القصة القصیرة

فى العصرالحدیث وهو یوسف إدریس الذى شغل إبداعه القصصى الکثیر من الدراسات الأدبیة والنقدیة ، وتستأثر هذه الدراسة بالجانب اللغوى لهذه الأعمال المتمیزة وتدرس جزءًا من معیار الربط اللفظى – الذى هو واحد من معاییر النصیة السبعة – وهو الربط الصوتى ودوره فى تحقیق تماسک هذه النصوص وفاعلیته فى بنائها ، مع إحصاء لوسائل الربط الصوتى فى هذه النصوص وبیان أیها أکثر شیوعًا فیها ومدى تحقیقها للربط النصى فیها ، مع مراعاة خصوصیة لغة منتجها ؛ فقد استطاع یوسف إدریس (1991-1927) بهذا الرصید القصصى أن یسجل واقعًا مصریًا اجتماعیًا وسیاسیًا واقتصادیأ ؛ کما رصد فى هذه الأعمال ظواهر مجتمعیة سلبیة ، وشخّص الداء ووضع دواءَ لکل أزمة یعیشها المجتمع ؛ وکانت أعماله القصصیة خیر مُعبر عن المذهب الواقعى الذى کان أکثر المذاهب الأدبیة والنقدیة شیوعًا فى تلک الفترة ، فهو طالب کلیة الطب الذى شارک فى الاحتجاجات السیاسیة التى مهدت لثورة 23 یولیو1952، ضد الاحتلال البریطانى وفساد الملک وحاشیته ؛ وعاصر الحروب التى خاضتها مصر بعد ثورة یولیو ، وانفعل بکل تلک المؤثرات التى شکلت هذا الإبداع .

         وقد شملت رؤیته قضایا اجتماعیة وسیاسیة وکان جریئًا فى طرحها ووصفها فى مجموعاته القصصیة بدایة من أولى هذه المجموعات " أرخص لیالى 1954" ؛ والتى تابعها بإنتاج المزید من هذه المجموعات وبیانها کالتالى:

جمهوریة فرحات 1956، ألیس کذلک 1957، البطل 1957، قاع المدینة 1958 ،حادثة شرف 1958 آخر الدنیا 1961، لغة الآى آى 1965 ، النداهة 1969، بیت من لحم 1971، اقتلها 1980، أنا سلطان قانون الوجود 1982، وأخیرًا العتب على النظر1987؛ تناولتها الدراسات النقدیة والأدبیة والتاریخیة بالبحث والدراسة .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

      یهتم هذا البحث بدراسة أعمال یوسف إدریس القصصیة دراسة لغویة ؛ یتناول فیها الربط الصوتى ؛ کأحد وسائل الربط اللفظى  cohesionالذى یعد أحد المعاییر النصیة السبعة التى تُسهم فى تکوین النص کوحدة دلالیة تمکن القارئ/المتلقى من الفهم .

ویعد الربط اللفظىcohesion والربط الدلالى  coherenceطرفى تماسک النص ، وأوثقهما صلة بالنص

 " فالأول یُعنى بکیفیة ربط مکونات النص السطحی أى الکلمات والتماسک الدلالى المعیار الثانى ویعنیان به – دى بوجراند ودریسلر – الوظائف التى تتشکل من خلالها مکونات عالم النص ، وهکذا فالأول ربط بین علامات لغویة ، والثانى ربط بین تصورات عالم النص. " (1)

" فالحبک یؤدى إلى فهم أعمق للنص "(2)فیستطیع القارئ فهم هذه الکلمات المتجاورة فى نظم واحد لا ینفک به النص من أوله لآخره ، فلیس مقبولًا أن یکون الأداء اللغوى صحیحًا وهناک خلل فى أى مستوى من مستویاته الصوتیة و الصرفیة والنحویة والمعجمیة والدلالیة .

        وقد عنىَ علماء النص بوسائل الربط اللفظى " التى تتحقق بها الاستمراریة فى ظاهر النص surface text  – ویجعله – محتفظًا بکینونته واستمراریته. "(3)

إذن فمعیار الربط اللفظى یختص بالعلاقات النحویة و المعجمیة والصوتیة و التى تمثل العناصر الشکلیة – على سطح النص – وتشد أجزائه بعضها ببعض محققًا بذلک استمراریة الدلالة فى تتابع مفهوم یعیه المتلقى / القارئ ، وینتج عنه علاقة تواصلیة ناجحة بین القارئ و النص .

ووسائل الربط اللفظى هى المنوط بها أداء هذه المهمة .

       وسائل الربط اللفظى :

         هى الأدوات التى یتحقق بها تماسک بناء النص ؛ فـ " الوسائل اللغویة التى تشکل النص ما هى إلا أدوات معینة للقارئ على الوصول للمعنى أو عملیة الفهم العام للنص ، وهذه الوسائل "تشتمل على هیئة نحویة للمرکبات  phrases ، والتراکیب clauses  ، و الجمل ، وعلى أمور مثل : التکرار و الألفاظ الکنائیة  pro-forms،والأدوات والإحالة المشترکة  co-reference، والحذف والروابط junctions."(4)

فهذه الروابط " دورها ضرورى جدًا فى الربط بین الجمل بما یکون نصًا ، فالجمل بدون روابط بینها لیست نصًا حتى ولو کانت مأخوذة من کتاب یعلم قواعد اللغة العربیة ، فهى جمل صحیحة نحویًا ولکنها لا تتعلق بعضها ببعض."(5)

ولا تقتصر وظیفة وسائل الربط اللفظى على العمل على تماسک النص ، أو أنها وسیلة القارئ للمعنى فحسب ، ولکن " تقدم لنا هذه الوسائل عددًا من صور الإسهام فى الکفاءة منها :(1) ضغط البنیة السطحیة ،(2)حذف العناصر السطحیة (3)استبقاء العناصر التى یراد توسیعها أو تطویرها أوتعدیلها أورفضه، (4)الإشارة إلى المعلومة أو التمیز أو الهویة ،(5) التوازن المناسب بین التکرار والاختلاف فى البنیة السطحیة على حسب ما تتطلبه اعتبارات الإعلامیة ."(6)

فوظیفة هذه الوسائل مساعدة منتج النص على تحقیق معاییر النصیة بما یخلق التواصل بین القارئ والنص، ویسهم فى دفع الملل عن نفس القارئ أثناء متابعة النص ،" إذ إنها تصل بین المفردات ، وأجزاء الجمل ، وتعبر عن دلالات وعلاقات کثیرة کالتعلیل والاستدراک و التلازم والتتابع  و التعلیق وغیر ذلک ."(7)

           وتتنوع وسائل الربط اللفظى تبعًا لنوعه ، فالربط اللفظى ینقسم إلى :

1-     الربط المعجمى .             2 - الربط النحوى .            3 - الربط الصوتى .

     ویختص هذا البحث بالجانب النظرى للربط اللصوتى ووسائله ، وسیتناول الجانب التطبیقى لهذه الدراسة تطبیق هذه الوسائل على نصوص للقصة القصیرة مع مراعاة خصوصیة لغة منتجها د.یوسف إدریس .

 

 

الربط الصوتى :

لم یحظ الربط الصوتى بعنایة علماء لغة النص کعنایتهم بوسائل الربط اللفظى – المعجمى

و النحوى – الأخرى "وکانت هناک إشارة ضئیلة إلى مجموعة الوسائل الشکلیة formal devices  التى تؤدى إلى ترابط النص مثل : الوزن metre والقافیة rhyme والتنغیم intonation." (8)

فالصوت هو اللبنة الأولى التى یتکون منها الکلمات و التراکیب ، و من خلاله یظهر إبداع الکاتب باختیاره ما یجسد المعانى التى یقصدها فى النص ، واللغة العربیة تزین ألفاظها الموسیقى التى تحدث تأثیرًا فى نفوس المتلقین حیث یصبح الصوت مثیرًا للدلالة ، وبالتالى أحد الوسائل التى تعمل على تماسک النص واستمرار المعنى .

والمحاکاة الصوتیة أحد وسائل التعبیر المهمة التى توجد فى کل اللغات ، وتتنوع هذه المحاکاة على مستوى الکلمة المفردة إذا تضمنت صوتًا یحاکى الحدث، " وربما امتدت المحاکاة إلى جزء من السیاق وتوزعت على عدد من مفرداته بحیث تصور فى مجموعها الحدث تصویرًا عامًا."(9)

وقد تنوعت وسائل الربط الصوتى فى موضوع الدراسة مابین الجناس و السجع و التکرارالصوتى،  منفردة أو مجتمعة، وأشاعت فى نصوصها نغمة إیقاعیة کان لها أثرًا واضحًا فى ربط النص وتماسکه.

لذا سندرس الربط الصوتى کأحد وسائل الربط اللفظى تبعًا للخصائص الصوتیة التى تتمتع بها اللغة العربیة من خلال نصوص القصص القصیرة لیوسف إدریس .

       اهتم البلاغیون العرب الأوائل بدراسة علم البدیع الذى عُنى بالوسائل والظواهر الصوتیة الممیزة للغة العربیة من جناس وسجع وکلام موزون ومقفى ، هذه الموسیقی التى تمیز اللغة العربیة تدفع الملل عن النص الذى یتحلى بها شعرًا کان أو نثرًا، وتعمل على استمراریة النص وتماسکه .

والطبیعة الاشتقاقیة للغة العربیة ساعدت على تنوع ظواهرها الصوتیة التى تعین على الفهم والاحتفاظ بالمعلومات التى یقدمها النص وتسهل عملیة استدعائها واسترجاعها .

وسیهتم البحث بدراسة الظواهر الممیزة لموضوع الدراسة والتى أسهمت فى الربط الصوتى للنص ، مع الإفادة من جهود البلاغیین فى هذا السیاق .

        1 - الجناس :

هو من الروابط الصوتیة فى قصص یوسف إدریس ، وقد تناوله البلاغیون بکثیر من الدراسات ؛ فاللغة العربیة تتمتع بجمال صوتى یتجلى فى ظاهرة الجناس فهو " تکرار الملامح الصوتیة ذاتها فى کلمات و جمل مختلفة بدرجات متفاوتة فى الکثافة ، وغالبًا ما یهدف ذلک إلى إحداث تأثیر رمزى عن طریق الربط السببى بین المعنى و التعبیر ، حیث یصبح الصوت مثیرًا للدلالة ."(10)

والجناس : هو اتفاق اللفظین فى نوع الحروف و عددها وهیئاتها وترتیبها.

وأهمیة الجناس تبدو فى خلق سلاسل متتالیة من التشابه الصوتى فى النص من خلال ما تشیعه من إیقاع موسیقى"على علاقة بین البنیة الصوتیة ومجموعة من الفونیمات بصوت معین تحاکیه البنیة محاکاة مباشرة أوغیر مباشرة،وفى الحالة الأخیرة تثیر المحاکاة الصوتیة تجربة غیر صوتیة ، ومعنى هذا هو رصد العلاقة المتضمنة بین الشکل و الدلالة ."(11)

     أنواع الجناس :

            (أ )الجناس التام :

                    وهو اتفاق اللفظین فى أنواع الحروف وعددها وهیئاتها وترتیبها .( 12)

ومن أمثلة الجناس التام فى نصوص البحث ، ما یلى :

وهذا التماثل یعمل على تماسک النص من خلال استمراریة المعنى باستخدام نفس اللفظ مع غیر کبیر اختلاف سوى فى تشکیل أحد حروف اللفظین المتماثلین ؛ بالإضافة إلى أنه یجذب المتلقى لمتابعة النص بلا ملل ، فالقیمة الجمالیة للجناس تأتى من حسن السبک ، ودقة اختیار الألفاظ ، فیحدث إیقاعًا موسیقیًا للنص یربط أوصاله بعضها ببعض.

"ورغم تعلیمات بیل و تنبیهاته الیومیة فَقَد فَقَد أحد جنودنا المعسکرین فى شطانوف أعصابه ذات یوم وأطلق النار على فلاح کان یتتبعه بنظراته ، فقتله."(13)

الکلمتان من نوعین (فَقَد فَقَد ) الأولى حرف، والثانیة فعل ماض ٍ؛ ویختلف اللفظان فى تشکیل الحروف واختلاف المعنى .

ومثل :

- "ولکن ما لهذا اخترت الأَزهَر ، وما لهذا أُزهِر."(14)

الکلمتان من نوعین (الأَزهَر- أُزهِر) الکلمة الأولى اسم ، والثانیة فعل ، ویختلفان فى المعنى وتشکیل الحروف .

ومنه أیضًا :

 " ولأن لا طبیب بلا ممرضة فقد فقد ترقب همسة الأخت تریزا التى ستحدد الاسم."(15)

الکلمتان من نوعین (فَقَد فَقَدَ ) الأولى حرف، والثانیة فعل ماض ٍ؛ ویختلفان فى المعنى وتشکیل الحروف .

الجناس التام فى الأمثلة السابقة جاء فى صورة تتابع المتجانسین ؛ فأظهر التنسیق الصوتى الذى یعمل فى اتجاهین ؛ جذب القارئ بحُلى موسیقیة  تزین ألفاظ النص إضافة إلى ربط أجزائه وتماسکها، فالمجاورة بین اللفظین المتجانسین أسهم فی سبک النص وقوى نسجه ؛ فالجناس هنا یؤدى دورًا ثنائیًا فیربط أجزاء النص مع إشاعة إیقاع موسیقى بین أرجائه تدفع الرتابة عن متابعة النص .

ومثل :

"واللعبةطویلة مهما طالت لابد أن تنتهى کالدائرة المفرغة، مشکلة لاحل لها إلا بحلها."(16)

الجناس بین (حل لها- بحلها) الکلمتان متفقتان خطًا، مما یحقق تماسک النص بإدخال إیقاع غیر متوقع للقارئ، إذ یفاجئ ببعض الألفاظ المتجانسة التى تنشأ مع النص ، تجسد الصورة المتخیلة عن المعنى فى ذهن متلقیه ، کما تصور الحالة النفسیة للشخصیات أو الأحداث المرویة ویبعد الجمود الذى قد یصیب النص لسیره على نفس الوتیرة التى قد یمل القارئ منها ویفقد متابعته للنص؛  فما یحدثه الجناس التام من تناغم صوتى أدى إلى تماسک النص.

وقد بلغ عدد مرات الجناس التام بموضوع الدراسة ثمان (8) مرات.

      (ب) الجناس الناقص:

              هو اختلاف اللفظین فى العدد أو النوع أو الهیئة أو الترتیب.

وبلغ عدد مرات الجناس الناقص فى موضوع الدراسة مائتین وسبعًا و أربعین(247) مرة .

وقد ورد الجناس الناقص فى القصص القصیرة لیوسف إدریس فى عدة صور ؛ منها ما یلى :

1 -  الجناس الناقص باختلاف الحرف الأول ، مثل :

"وحین راحت السکرة و جاءت الفکرة وجدت أنى لست فقط مختلفًا تمامًا ."(17)

(السکرة -  الفکرة ) الکلمتان اختلفتا فى الحرف الأول منهما ( س ، ک ) والحرفان متقاربان مخرجًا ، والجناس الناقص هنا یربط النص بطریقین ، الأول : من خلال التشابه اللفظى بین مفردتین ، والثانى : من خلال دلالة هذین الللفظین على موضوع القصة الذى یصور معاناة کاتب قرر التخلى عن الکتابة وبعد کثیر من التفکیر یقرر العودة لممارستة الکتابة ثانیة .

ومثل :

" فى حین أن ما أرید تصویره ناعم موسیقى رقیق دقیق کأنه الذرات العالقة بشعاع الضوء."(18)

الجناس الناقص بین (رقیق - دقیق) من قصة " جیوکندا مصریة "اختلف اللفظان فى الحرف الأول (ر، د ) فقط حیث تقارب الحرفان مخرجًا واتفقا فى بقیة حروف الکلمتین، وهذا الاتفاق فى الألفاظ یشد أجزاء النص ویخلق الترابط فیما بینها لارتباطه بموضوع القصة الذى یحکى قصة حب بین مراهقین .

ومثل :

" والذى حدث أن أنیسة شحمت ولحمت وصارت حلوة على مر الأیام."(19)

الجناس الناقص بین (شحمت، لحمت ) من قصة " داووود" اختلف اللفظان فى الحرف الأول (ش، ل) فتقاربا مخرجًا واتفقا فى بقیة حروف الکلمتین ؛ حیث تتکرر الألفاظ مع اختلاف فى الحرف الأول منها

" فالجناس ظاهرة تکراریة ، إذ هو فى الحقیقة تکرار للفظ ما ، تکراراً تامًا أو تکرارًا لبعض حروفه."(20) هذا التکرارالموسیقى لبعض الألفاظ الواردة فى النص  یعمل على ربطه وتماسکه .

         2 - الجناس الناقص فى الوسط  :

            ومن أمثلته:

 "خلاصة الحیاة ..جماع کل ما هو قادر فیها وقاهر."(21)

الجناس بین اللفظین (قادر، قاهر) جاء فى نهایة قصة " سره الباتع " وله دلالة تؤکد على فحوى هذه القصة فأخیرًا توصل هذا الجندى من جنود الحملة الفرنسیة إلى سرالشعب المصرى الصامد الذى لا یقهر وتجلى ذلک من توحده فى مواجهة الفرنسیین بحبهم وحمایتهم لحامد الذى تعددت محاولات تصدیه لهم وحتى بعد نجاحهم فى القضاء علیه تمثل کل منهم شخصیة حامد واستمر فى المقاومة حتى ولوبالطوااف حول ضریحه والتماهى معه فى حلقات الذکر؛ فتوحدهم هو القدرة القاهرة لکل أعدائهم ، وهذا هو سر وخلاصة الحیاة .

    ومثل :

"ومضت تحقق مع حلمى وتسأل وتدقق عن الأسباب التى تدعونا للذهاب ، وحلمى یحاور یداور."(22)

الجناس بین اللفظین  (یحاور ،یداور) من قصة " الجرح " والقصة أحداثها مرویة بصیغة حواریة بین شخصیاتها لذلک فالجناس هنا له دلالة على الطریقة  التى تُروى بها القصة ، فالجناس الناقص فى هذا المثال یبرز دوره الرابط للنص من خلال التشاکل الصوتى بین الللفظین من جهة وعلاقة  ذلک بالصیغة الحواریة للقصة من جهة أخرى ، الجناس الناقص بتشابه اللفظین فى جمیع الحروف باستثناء الحرف المتوسط جعل النص متماسکًا ، وحقق ربط أجزاءه من خلال تکرار نفس الکلمة مع اختلاف فى أحد الحروف مما یعمل على استمراریة المعنى عبر أجزاء النص.

        3 - الجناس الناقص فى الآخر  :

             ومن أمثلته:

" أما إذا بلغ الإعجاب حد الإعجاز فحینئذ تتصاعد منهم التعلیقات رغمًا عنهم کلها متشابهة."(23)

الجناس بین (الإعجاب، الإعجاز)  من قصة " أبو الهول " تشابه اللفظان فى کل الحروف ماعدا الحرف الأخیر ، والجناس فى هذا المثال یرتبط بسیاق النص الذى یصورموقفًا مستمعى بطل القصة مما یقصه علیهم من مواقف غریبة علیهم ؛ فهذا التناغم الصوتى بین الکلمتین المتجانستین یحقق ربط النص واستمرار المعنى ؛ إذ یبرز کلمات معینة ذات صلة بموضوع القصة فـ"المقاطع أو الوحدات الصوتیة صنعت نوعًا من الربط المعنوى بین أجزاء النص."(24)

الملاحظ أن الصورة الشائعة فى الجناس الناقص - أیضًا – هى توالى اللفظین المتجانسین ، وهذا التوالى یشیع موسیقى بین جنبات النص محدثًا تماسکه .

       4 -الجناس الناقص باختلاف اللفظین فى ترتیب الحروف :

         من أمثلته:

"الماء الذى استأنساه طویلًا وغلیناه وشربناه وبصقناه ومن فرط ما ألفتنا له نسیناه،الآن وهو ملایین ملایین من البصقات و القبصات والأکواب ها هو یحاول أن یرینا عینه الحمراء."(25)

الألفاظ المتجانسة (البصقات ،القبصات ) من قصة " حلاوة الروح " لم تختلف ألفاظها بزیادة حرف أو تغییره بل اختلفت فى ترتیبها ، وأحدثت ترابطًا نصیًا بین أجزاء النص فالربط هنا ذو شقین ؛ شق دلالى نابع من انسجام هذه الألفاظ مع موضوع القصة واتساقها مع النص، والشق الآخر ناتج عن تجانسها الذى أحدث تماسک النص .

ومثل:

" العمال الذین یقومون بالإعداد للألعاب یرتدون بدلًا لابد أن أصلها کان شیئًا آخر."(26)

الألفاظ المتجانسة (بدلًا ،لابد ) من قصة " أنا سلطان قانون الوجود " اختلف اللفظان فى ترتیب حروفهما ، فأحدثت ترابطًا نصیًا بین أجزاء النص  ، فالجناس بین اللفظین بقلب حروفهما وفى ذلک دلالة رمزیة على الوضع المقلوب الذى ترویه أحداث هذه القصة ویتضح ذلک فى هذا المثال المقتبس منها حیث تکشف عن مشهد شدید العبث فى مایجرى فى السیرک القومى بالعجوزة فى حادث مقتل المدرب محمد الحلونهشًا بأنیاب الأسد الذى یدربه، فکل من فیه یؤدى دورًا مختلفًا عن وظیفته الأصلیة ، حتى بدل العمال لم یکن هذا أصلها فهى لابد منقلبة عن شىء آخر .

توضح الأمثلة السابقة دور الجناس فى ربط النص صوتیًا بلا تکلف إذ "المعنى فى ألفاظه یکون مختلفًا ویحقق جرسًا موسیقیًا ینبه الآذان والعقول، وینبغى أن یستعمل على حسب الحاجة إلیه ،لأنه إذا کثُر فى الکلام صار صنعة متکلفة مفسدة لجماله."(27) فالإیقاع الصوتى الذى ینشأ عن الجناس نتج عن" الإعادة المنتظمة داخل السلسة المنطوقة لإحساسات سمعیة متماثلة تکونها مختلف العناصر النغمیة ."(28)

فالربط الصوتى بالجناس یجذب المتلقى / القارئ لمتابعة النص بلا ملل ، محققًا فى ذات الوقت تماسک النص وربطه ،  فبرغم تکرار الحروف فى اللفظین إلا أن اختلاف المعنى یعمل على استمراریة النص  فالجناس "ظاهرة تکراریة ؛ إذ هو فى الحقیقة تکرار للفظ ما ، تکراراً تامًا ، أو تکرار لبعض الحروف  ومع أن المعنى فى ألفاظه یکون مختلفًا فإنه یحقق جرسًا موسیقیًا ینبه الآذان والعقول ، وینبغى أن یستعمل على حسب الحاجة إلیه ، لأنه إذا کثر فى الکلام صار صنعة متکلفة مُفسدة لجماله ."(9 2)

وجمالیات الجناس تظهر ربط النص من خلال استمرار المعنى وهذا ناتج عن  التناسق الصوتى بین الألفاظ المتجانسة ؛ والأمثلة السابقة بدا منها دور الصوت فى دعم  الدلالة بالنص بالموازنة بین المعانى المتلائمة والألفاظ المتناسقة ، مما یحقق تماسک النص وتلاحمه ؛ وهذا ما أشارإلیه الزرکشى"واعلم أن من المواضع التى یتأثر فیها إیقاع المناسبة ؛ مقاطع الکلام وأواخره ، وإیقاع الشىء فیها بما یشاکله ، فلابد أن تکون مناسبة المعنى المذکور أولًا ، وإلا خرج بعض الکلام عن بعض ."(30)

وننتقل إلى النوع الثانى من أنواع الربط الصوتى فى موضوع البحث .

       2 – السجع :

               هو تواطؤ الفاصلتین من النثر على حرف واحد .(31 )

هذا الاتفاق بین فاصلتین من النثر على حرف واحد هو أحد وسائل الربط الصوتى التى کان لها دور فى تماسک النص، فـ"السجع ظاهرة لغویة معروفة فى کلام العرب ، ولها جمالیاتها إذا استعملت بلا تکلف ، وهو مبنى على انتهاء عدة جمل متقاربة بحرف واحد ، وفى ذلک شبه بالقافیة فى الشعر ، مع الفوارق المعلومة بینهما."(32)

و بلغ عدد مرات وروده بموضوع الدراسة ثلاث وأربعین(43) مرة، ، مماأظهر السبک الصوتى لنصوص الدراسة .

ومن أمثلة السجع فى نصوص البحث ، ما یلى :

"عدو الشراسة لیس الشراسة ؛عدوها الأکبر والأوحد هو الوداعة، کأنها کل الشجاعة."(33)

"والظاهر أننا ونحن أطفال نخجل من الفرار، أیضًا مثلما یفعل الکبار."(34)

یتضح الدور الذى یؤدیه السجع فى ربط النص ، فالوظیفة التأثیریة للسجع لا تنبع من الإیقاع فقط ، لکن تکون أکثر فاعلیة حین یشترک البناء اللغوى و الإیقاع الموسیقى لتحقیق التعبیر عن المعنى أو المعلومة التى یقدمها النص ؛ ومن ثم التأثیر على المتلقى .

ومثل :

       "وحتى لو وقع ؛ غیّر النیشان ، واضرب فى الملیان."(35)

       "ودققت فى ساعات الصمت ، وأنا أحاول بکل قواى أن أکتم الصوت."(36)

        "فقلنا: یا محنى دیل العصفورة ، عایزین نروح المنصورة."(37)

تغلغل الموجات الموسیقیة التى تحدث نتیجة للسجع  لاشک أنها تترک أثرًا واضحًا فى نفس المتلقى إذ الإیقاع انتظام وحدات صوتیة فى إطار موسیقى تشکل نسیجًا إبداعیًا یعطى النص قیمة فنیة جمالیة تؤدى إلى ربط النص واستمرار المعنى ؛ فالنغم المتوافق المتکرر فى النص یحدث إیقاعًا صوتیًا یأسر انتباه المتلقى ویزید القیمة الجمالیة للنص فـ"الإعادة المنتظمة داخل السلسة المنطوقة لإحساسات سمعیة متماثلة؛ تکونها مختلف العناصرالنغمیة."(38)

ومثل :

" کائن ضخم عملاق مثله له فى کل بیت جدار ،وذکره على ألسنة الناس باستمرار."(39)

"وفى خطوتین کان أمام الشاویش النبطشى فى قسم السیدة ، والحکایة أعادها ، وقد تمرن علیها وحبکها."(40)

السجع فى الأمثلة السابقة یکوّن نغمًا خفیًّا یسرى إلى نفس المتلقى مؤثرًا فى تولید الدلالة بالنص ؛ کما                      

أن توالى نغمة بعینها تعمل على سبک النص وتماسکه .

وأیضًا مثل :

"واستأذنت فى سرها ،وکأن جاءها لإذن..ففى خشوع وتسلیم ورغبة دخلت، وإلى المقام اتجهت."(41)             

"وخلع واحد جلبابه ورماه، ثم عاد وارتداه."(41)

" وتصبح له خطوة وجاه، وصاحب مدرسة واتجاه."(42)

تشابه النهایات التى تنشأ عن السجع هى بمثابة دعم صوتى ینتشر فى أرجاء النص محققًا تماسکه، بالإضافة إلى ما بین الکلمتین المسجوعتین من علاقة دلالیة تخلق صدى فى نفوس المتلقیین لهذه النصوص ؛ خاصة وأننا أمام نصوص قصصیة فهنا " السجع یمثل إحدى وسائل الإقناع التى یرضى بها المتلقى ، ویتقبل من خلالها قول الآخر ، فعرض الحکایة من خلال أقوال مسجوعة هدفه الحفاظ على قدر من الاستقرار السمعى للقارئ یساعد فى سرعة إدراکه للأخبار ، کما یقدم له فى نفس الوقت جوانب بلاغیة ثابتة فى تراثه النثرى یمثل غیابها کسرًا لعرف ثقافى ."(43)

الربط الصوتى للنص یشیر إلى مظاهر الانتظام الصوتى النابع من حرکة الإیقاع الموسیقى والمکونات الإیقاعیة التى تحول النص إلى نسیج إیقاعى منتظم وتظهر تتابعه وتوالیه على سطح النص فتحقق تماسکه وتحکم بنائه الصوتى ، دون تکلف للسجع فى النص " فللسجع جماله إذا تطلبه السیاق والمعنى،  فإذا ما جىء به لغرض التشاکل اللفظى دونما حاجة إلیه صار بغیضًا مرذولًا."(44)

والنوع الثالث من أنواع الربط الصوتى فى نصوص الدراسة هو :

       3 – التکرار الصوتى:

             ینشأ التکرار الصوتى حین یعطیه السیاق خاصیة إیقاعیة لها طاقة مؤثرة على المتلقى ، فتوالى الأصوات وتتابعها بنسق منتظم تألفه الأذن و ترتاح إلیه النفس له تأثیر فى تلاحم النص عبر شبکة الإیقاع الصوتى المتشعبة فى النص ؛ فـ"التکرار الإیقاعى هو کل تکرار یقصد به قصدًا إحداث الموسیقى اللفظیة ، وهذا اللون من التکرار کثیر فى العربیة فهى لغة إیقاعیة "(45)، "إذ إن القیم الصوتیة لجرس الحروف والکلمات عند التکرار لا تفارق القیمة الفکریة و الشعوریة المعبر عنها."(46)

وقد تعددت صور التکرارالصوتى فى موضوع البحث مابین تکرار له وزن وتکرار لیس له وزن إن هو إلا اتفاق نهایات کلمات متتالیة فى الحرف أو الحرفین الأخیرین لکل کلمة .

وبلغ عدد التکرار الصوتى فى موضوع الدراسة ثلاثمائة واثنتین وسبعین مرة (372).

    1 – تکرار الوزن :

          هذا النمط من الربط الصوتى یهتم بالتشاکل الصوتى الإیقاعى للکلمات الناشئ من تکرار لبعض الأوزان ، هذا التماثل فى الوزن أحدث إیقاعًا داخل النص کان له أثرًا واضحًا فى تماسکه و الربط بین أجزائه ، وقد ورد فى عدة أنماط فى موضوع البحث  .

     ( أ ) وزن فاعل / فاعلة :

          ومن أمثلة هذا النمط :

" والرجل لیس الحلو وحده، الرجل هو کل ما تضمه الخیمة لاعبًا أوعاملًا وعازفًا ومتفرجًا."(47)

تکرار وزن (فاعل) فى الکلمات(لاعبًا - عاملًا -عازفًا) یصور الحرکة فى المشهد ، أو الشخصیات المتحرکة والفاعلة التى تحرک أحداث القصة أو المشهد وبها ینمو الحدث بالقصة ؛ لذلک فتکرار هذا الوزن یلائم تصور قصة " أنا سلطان قانون الوجود " التى ترصد جانبًا من جوانب الإهمال التى أودت بحیاة بطلها – محمد الحلو مدرب الأسود  بالسیرک القومى – فعذا الإهمال الذى طال الحلو لیسس ببعید عن أى حاضر بالخیمة سواء کان لاعبًا أوعاملًا وعازفًا ومتفرجًا ، فالإهمال لا یستثنى أحدًا ، وتکرار وزن فاعل فى هذه الکلمات یلفت انتباه المتلقى إلى الفکرة التى یرید تجسیدها .

ومثل:

     "واغتاظ  فتحى جدًا فأفرغ کل ما فى فمه من ماء وراح یبصق بشدة حتى أتى على کل ما أحدثه الماء من بلل وریق ، وعاد إلى حیث کان فى الصالة وفى صدره تصمیم مانع قاطع أن یثبت لأمه ولکل الناس أنه رجل وأنه قادر على تحمل الصوم مثلهم ."(48)

تکرار الوزن مع نفس الصوت (مانع قاطع ) یجسد وجدان الطفل بطل قصة " رمضان " وما تنطوى علیه نفسه من وصراع نفسى - یدور داخله – بین إصراره على الصوم وضعفه أمام الماء ، فیأتى تکرار الوزن و الصوت مصورًا هذا الصراع محققًا التناغم الصوتى بین جنبات النص و بالتالى تماسکه .

( ب ) وزن مفعول / مفعولة:

ومن أمثلة هذا النمط :

 " فالطالب لا یستیقظ إلا مقروصًا أو معضوضًا أو مطروحًا أرضًا ثم یدفع إلى المدرسة   

      دفعًا."(49)

تکرا وزن مفعول فى الکلمات المتتالیة (مقروصًا أو معضوضًا أو مطروحًا) من قصة " التمرین الأول "یمثل شخصیاتها طلبة ثالثة رابع غیر المنفذة لرغباتها فى حصة التربیة الریاضیة بل یتحکم فى أفعالها مدرسالتربیة الریاضیة ؛ فهى شخصیات غیر فاعلة بل مفعولة ، لذلک فتکرار هذا الوزن یربط أجزاء النص من خلال دعم دلالته .

 ومثل :

    "وأفظع خجل هو الذى أحسته فاطمة وهى تدلف إلى بیت الناظر لامطلوبة ولامرغوبة."(50)

تکرار وزن مفعول فى الکلمات المتتالیة (مطلوبة - مرغوبة) یدل على فقد فاطمة  بطلة قصة

" حادثة شرف " أى دور فاعل فى حیاتها  حتى ولو کان دفاعًا عن اتهامها بالخطیئة ، فهى على مدار الأحداث بالقصة یتحکم فى شئونها أخوها ثم أهل العزبة ، فهى مفعول بها ولیست فاعلة .

نلاحظ تکرار وزن مفعول فى نصوص البحث حیث  یؤثر الوزن و الصوت فى تلاحم النص من خلال حملهما لدلالة الکلمات ، مما یحدث اتساقًا للنص بتعانق الصوت والوزن و الدلالة ، لأن " المعانى أوسع مدى من الألفاظ ، وهذا یستدعى إعادة الألفاظ على أوجه مختلفة من الهیئات أو الدلالات المجازیة والرمزیة لاستیفاء المعانى "(51) فهذا الترابط الصوتى الذى أحدثه توافق الأوزان بین الکلمات والنهایات الصوتیة  نتج عن التوافق الصوتى لألفاظ النص ودلالتها فهذا هو "أداة التأثیر الحسى بما یوحیه من السامع باتساق اللفظة وتوافقها مع غیرها من الألفاظ فى التعبیر".(52)

      (جـ ) وزن فعول:

           ومن أمثلة هذا النمط :

"ورحت بدورى أحدق فى المرآة وأحاول أن أستشف ما فى رقبتى من شذوذ أو بروز یکون قد أوحى للأسطى زکى بما قاله."(53)

- "ویروح الکل یأکل فى نهم ، والأیدى تتسابق بلقم کالفئوس تفرغ الغموس فى ومضة."(54)

توافق الوزن والصوت وتکرارهما (شذوذ بروز؛ کالفئوس – الغموس ) یحقق تلاحم النص من خلال تکرار الإیقاع الصوتى لبعض الکلمات فى جنبات النص ، بالإضافة إلى أنه  یثیر انتباه القارئ فى غیر تکلف یفسد جمال إیقاعه ، بل یقوى ویحکم نسج النص وتماسکه .

     ( د) وزن فعیل / فعیلة :

         ومن أمثلة هذا النمط :

"وبهت الرجل کمن طعن غیلة. ونظر إلى أنیسة نظرة المروع المستنکر . کان هذا آخر ما یتوقعه منها وعهده بها ألیفة أنیسة ."(55)

تکرار الوزن " فعیلة " – وهو أحد صیغ المبالغة – لوصف القطة أنیسة ؛ إذ أوثق صفة لطط هى أنها حیوان ألیف ، وإضافة صفة أخرى بنفس الوزن – أنیسة – وهو نفس اسم القطة فى قصة

" داووود" له دلالة فى هذا السیاق الذى على النقیض منه تحولت هذه "الألیفة الأنیسة " إلى شرسة مخیفة حین قام صاحبها بأخذ أبنائها منها وإخراجهم من المنزل للتخلص منهم ، هذه الصفات تکررت بذات الأوزان لتدعم قضیة النص بربط أجزاءه وتلاحمها .

ومنه:

"وأکاد آخذ السلطان حامد کالقضیة المسلم بها ، ولاأهتم به أو بقضیته إلا کما یهتم أهل بلدنا بها ، ولا یکاد یخطر لى إلا إذا مررت على الجبانة مثلًا و لمحت مقامه رمادیًا وحیدًا بعیدًا."(56)

هذا المقام اتصف بصیغتى المبالغة (وحیدًا بعیدًا) للدلالة على شدة بعده المکانى ، و سبب إقامته ذات بعد زمانى ارتبط بأحداث تاریخیة قدیمة فأحدث التوافق الصوتى الناتج عن هذا الوزن ربطًا للنص .

 

 

 

ومثل :

       "الغریب أمامى قصیر صغیر الید قوى الذراع."(57)

التناقض بین هذه الصفات (قصیر صغیر) وهى على وزن المبالغة ؛و( قوى الذراع ) لبطل قصة "الغریب" هذا القاتل ابن اللیل الذى کان یرهب بلدته کلها ، فهنا دلالة رمزیة تتضح من خلال هذا التناقض بین دقة حجمه الشدیدة وقوته التى ترمز إلیها قوة ذراعه .

الإیقاع الموسیقى الذى أحدثه وزن (فعیل /فعیلة) فى الأمثلة السابقة  لیس جزءًا شکلیًا بل یوزع وینظم النص ویعمل على تلاحمه  بتکرار ملامح صوتیة متوافقة متتابعة تمهد للمعنى وتوحى به محققة تماسک النص وتناسقه "فجمال وقعها فى السمع واتساقها الکامل مع المعنى ، واتساع دلالتها لما لا تتسع له عادة دلالات الکلمات الأخرى "(58)هو ما یحقق ربط النص صوتیًا.

"فالأثر الممتع للإیقاع ثلاثى : عقلى وجمالى ونفسى؛ أما العقلى فلتأکیده المستمر أن هناک نظامًاودقة وهدفًا فى العمل ، وأما الجمالى : فلأنه یخلق حالة من التأمل الخیالى الذى یستبقى نوعًا من الوجود الممتلئ فى حالة شبه واعیة على الموضوع کله، وأما النفسى فإن حیاتنا إیقاعیة : المشى والنوم والشهیق والزفیر."( 59)

    2 - نهایات صوتیة متتالیة مشترکة:

         هذا النمط یعرض لبعض الکلمات المتتالیة بنهایات متماثلة بلا اتفاق فى الوزن ؛ وهو الأکثر نسبة فى نصوص هذا البحث ، والأنماط التالیة توضح الربط الصوتى بهذه النهایات المشترکة .

       (أ) النهایة الصوتیة (ات):

             ومن أمثلة هذا النمط :

" لفته مرة أخرى انبثقت دولارات لیرات ، دینارات ، ورقات بعشرات الجنیهات ."(60)

"وکان لصاحب الأرض سرایة تطل على السوق ، کلها مشربیات وشرفات وسلاملیکات وأشیاء من هذا القبیل ."(61)

ومنه :

"ولکنها إشاعات وحکایات لاتفسر ولاتوضح ..وبعضها یقال للترویح عن النفس لا غیر."(62)

"وحدثت حرکة تنقلات وترقیات بین أصحاب الأمکنة وحاول کل منهم أن ینتهز الفرصة ویحتل المکان الذى طالما حلم به."(63)

الملاحظ فى الأمثلة السابقة اشتراک مجموعة متتالیة من الکلمات فى نهایة صوتیة مشترکة هى ( ات) بالإضافة إلى اشتراک هذه الکلمات فى دلالة واحدة :

فالمثال الأول  (دولارات لیرات ، دینارات ، ورقات بعشرات الجنیهات )

 المثال الثانى ( إشاعات وحکایات )

المثال الثالث (تنقلات وترقیات)

فتتابع نهایة صوتیة واحدة  لمجموعة من الکلمات تشترک فى دلالة معینة یثمر النص وینمیه محققًا له الاستمراریة التى هى أساس التماسک ؛ مع خلق حس موسیقی  ینتشر فى النص من خلال الجمع بین حسن الإیقاع ودقة الدلالة ، مما یجعل النص متناسقًا متلاحم الأجزاء.

      (ب) النهایة الصوتیة (ان):

           ومن أمثلة هذا النمط :

"وإیمانه الراسخ  أن الضارب والمضروب حیوانان بهیمان لا یستحقان قلب الإنسان."(64)

"ولکن النجار کان قاسیًا وکان هو کثیر السرحان والتوهان ."(65)

انتقاء أصوات محددة لنهایة بعض الکلمات ذات الدلالة المشترکة  یبرز فکرة محددة ، ففى المثال الأول من قصة " سیف ید " (حیوانان بهیمانیستحقان - الإنسان ) تتابع صوتى و دلالى للکلمات - باستثناء الکلمة الثالثة – تبرز قضیة النص عن نبذ العنف وأن الضارب والمضروب کلاهما لا یتحکم عقله فى تصرفاته ، بل یسرع باستخدام القوة والعنف فى تصریف أموره .

أما فى المثال الثانى من قصة " أمه " (السرحان والتوهان ) أیضًا نجد التتابع الصوتى والدلالى للکلمتین ؛ لتُظهر قضیة سلبیة فى المجتمع هى طفل الشارع الذى یقسو علیه النجار بعد أن قرر زوج أم الطفل أن  یعمل عنده ، فکان نتیجة ذلک أن یسرح ویتوه من واقعه المؤلم لعالمه الخاص .

وفى هذا إحکام لربط النص باتجاهین یحققان تماسک النص واستمراریة المعنى معًا .

 

(جـ) النهایة الصوتیة (ــــه / ــــة /ها) والماضى المختوم بتاء التأنیث :

ومن أمثلة هذا النمط :

"حین جاءت سیرة نعسة العرجة وانبرى أکثر من واحد یغمزها و یلمزها ".(66)

بعض الکلمات انتهت بـ(ـــة) "سیرة نعسة العرجة" ؛ وبعضها انتهى بـ(ها)" یغمزها  ویلمزها"بالإضافة إلى ما فیها من جناس وتوافقدلالى بین بعضها (یغمزها  ویلمزها ) وهذا یدعم ربط النص بأکثر من وسیلة من وسائل الربط الصوتى .

ومثل:

"رماها بفردة حذاء ولم تحاول هى أن تتجنب القذیفة فأصابتها وأوقعتها ، وقامت واسأنفت غدوها ورواحها ولم تسکت."(67)

المثال اشتمل على أکثر من نهایة صوتیة مشترکة لعدة کلمات متتالیة فبعضها انتهى بـ (تها)

(فأصابتها وأوقعتها) ، وانتهت کلمات أخرى بـ(ها) "غدوها ورواحها " بالإضافة إلى التضاد ، وأخیرًا انتهت (وقامت واسأنفت ) بتاء التأنیث ؛ وتعدد وسائل الربط الصوتى فى هذا المثال یدعم  تنوع ربط أجزاء النص ببعضها البعض .

ومنه:

" مغامرة لذیذة رائعة أن یضبط شهرت بنفسه ویضبطها متلبسة ، ویراقب انفعالاتها بدقة، ویرى ارتباکها و رجفتها وإنکارها ."(68)

التکرار الصوتى لنفس النهایة لعدة کلمات متتالیة فى هذا المثال الذى اشتمل على تکرار نمطین من النهایات الصوتیة المتمثلة فى (ة) " مغامرة لذیذة رائعة – متلبسة – بدقة "، و(ها) " انفعالاتها - ارتباکها ورجفتها وإنکارها " المثال یجمع بین دقة انتقاء الأصوات المناسبة للوصول للمعنى المراد الذى یتناسب مع السیاق النفسى لشخصیة من شخصیات قصة  " قاع المدینة"، بتوظیف البنیة الصوتیة لبعض الکلمات بإیقاعها ودلالتها لربط النص وتماسکه.

ومثل:

" کأنه دائمًا یقول أنا البطل ، حتى من غیر أن یقولها کان یقولها بنظراته ، یقولها بمشیته ، بقهقهاته ، بالعاملین من حوله."(69)

النهایة الصوتیة المتکررة للکلمات المتتابعة (بنظراته، بقهقهاته ، بمشیته ، حوله) کلها إحالات قبلیة لبطل قصة " أنا سلطان قانون الوجود " ، وتکرار الهاء الذى یحیل إلیه یؤدى رسالة للمتلقى بالاهتمام بمحور القصة – بطلها – محمد الحلو ؛ هذا التکرار الصوتى حقق ربط النص وتماسکه .

ومثل:

"والدور الثانى لاهو دور ولا هو ثان ، عروق عاریة کضلوع هیکل عظمى تصنع السقف، بینها مهاوى وحفر، وحیطان شاخت ومالت وانحنت ."(70)

تاء التأنیث المتصلة بالأفعال الماضیة وتکرارها فى الأفعال المتتالیة بالإضافة إلى الترادف التدریجى بین المفردات الثلاث یُظهر الحالة المتردیة للبناء الموصوف بالمثال فى إطار موسیقی یربط أجزاء النص ببعضها البعض.

ومنه :

" فى هذا النزف الهادر الذى انهمر داخله ولایزال متزایدًا متعاظمًا یقربه فى سرعة رهیبة من النهایة .. نهایته .

وینتهى حامد الذى یعرفه ینتهى تمامًا نهایة مفاجئة غادرة تتربص به وراء اللحظة التالیة .

وهو یعلم تمامًا أنه غیر قادر الآن على قتل بعوضة ، وبعد غمضة عین لن یکون قادرًا على أى شىء بالمرة .

ولکنها نهایة لا رعب فیها ولا خوف متزاید من خطر ساحق ماحق یقترب فى سرعة خرافیة ."(71)

المثال من قصة " النداهة " تتوالى فیه مجموعة من الکلمات تنتهى بنفس النهایة الصوتیة "ة" أو" ه" ولها دلالة رمزیة  - تتعلق بموضوع القصة – على النهایة التى لا یوجد أى بدائل عنها ؛ فحامد بعد أن صُعق بمشهد وقوع امرأته فى ِشباک غوایة أحد سکان العمارة التى یحرسها ؛ جعله یشعر بنهایته هو ولا یستطیع توقع أى بدیل آخر عن هذه النهایة المحتومة لخلاصه من هذا الموقف المتأزم ؛ وهذا ما یتوافق مع تکرار نهایة صوتیة واحدة هى " ة " أو" ه " التى لاتتصل بشىء بعدها إذ هى النهایة لأى کلمة تتصل بها، فهى نهایة مغلقة تغلق الکلمة عن الاتصال بحرف آخر ، وهذه النهایة تلائم الالة النفسیة الشعوریة لـ " حامد " فحالته الآنیة هى النهایة لما یشعر به وتنغلق بها حیاته ولا یستطیع أن یتصل أویتواصل مع الحیاة بعد هذا المشهد الذى رآه ، بالإضافة  إلى نهایات صوتیة مشترکة متتالیة لبعض الکلمات الأخرى بهذا المثال (متزایدًا متعاظمًا)تشترک  الکلمتان فى نهایة صوتیة واحدة هى التنوین المنصوب مع  اشتراکهما فى نفس الدلالة  و(ساحق ماحق) تحقق الربط الصوتى بـ ( السجع والجناس ) معًا ، تعدد وسائل الربط الصوتى وشیوعها بالنص یحقق تماسکه واستمراریة المعنى ؛ فـ "الصوت المتآلف فى الفاصل ناتج عن ترابط الحروف فى الوتیرة الصوتیة ، لأن الأصوات تقوم بقرع بعضها البعض فى اللفظ فینتج تقارعها سُلم موسیقى منتظم فى الترتیب ویشکل حسن الإیقاع.(72)

تکرار التاء المربوطة کنهایة صوتیة أکثر من مرة لمجموعة متتابعة من الکلمات یوحى للمتلقى بدلالات محددة تتصل بالفکرة العامة التى یعالجها النص لأن " الإنسان المنفعل الذى یدخل فى حالة یأس أو بؤس أو حزن أو ضیاع ولو لعارض مفاجئ ؛ لابد أن تنقبض له نفسه فینعکس ذلک على جملته العصبیة وتبعًا لذلک لابد أن ینقبض لها بدنه بما فى ذلک جوف الصدر ."(73)

اشترک تکرار النهایة الصوتیة فى هذا النص أکثر من مرة مع وسیلة أخرى هى التوازى الترکیبى فى الربط الصوتى لنصوص البحث.

      التوازى الترکیبى والربط الصوتى :

            التوازى الترکیبى syntactic parallism هو " تکرار نفس البنیة الترکیبیة مع ملئها بمحتوى مختلف ، فنحن نعید استخدام سلاسل متشابهة ولکن الأحداث فیها متنوعة ."(74) فمن خلال تکرار البنى النحویة بمحتوى مختلف ینشأ التوازى الترکیبى الذى یتولد عنه التوازى الصوتى إذ " ینتج عن التوازى النحوى – حتمًا – التوازى الصوتى ، بل أعلى درجات التوازى الصوتى ، حیث إنه یکون على مستوى الترکیب لا المفردة " (75) " فمبدأ التوازى یقوم على المجاورة والتماثل (الانسجام الصوتى ) بین بنیتین فأکثر، ولا سیما فى النثر؛ وقد تتساوى البنى المتجاورة فى الطول والشکل والنهایات ؛ وقد لا تحقق انسجامًا فى الترکیب النحوى أو الصرفى أو البلاغى،فهو تألیف یقوم على أساس التماثل الذى لا یعنى التطابق."(76)

لذلک" فالتوازى یؤدى – فى النثر – الأثر نفسه الذى تؤدیه القافیة فى الشعر، نظرًا لامتلاکهما الوظیفة الجمالیة نفسها الناتجة عن وجود مبدأین متلازمین ؛ هما:

مبدأ التجانس الصوتى : أى اتفاق الفواصل فى الحرف .

ومبدأ التجانس الخطى : أى اتفاق الفواصل فى الوزن ".(77)

فـ " إذا کانت الموازاة إحدى وسائل السبک النحوى فهى لا تختص بشروط الصحة النحویة فى الجملة ، بل تبحث فى کیفیة وجود روابط من نوع خاص بین الجمل تتمثل فى التشابه الترکیبى المدعم بالتماثل الصوتى لنهایاتها، وهذا التشابه بین مجموعة من التراکیب المتوازیة یخلق نوعًا من التوحد یشى بترابط النص." (78)

والتوازى الترکیبى فى موضوع البحث جاء مقترنًا بالسجع فحقق الربط الصوتى فى نصوص البحث.

     *السجع والتوازى الترکیبى :

           الإیقاع الناشئ عن التوازى الترکیبى بالإضافة إلى ما یشیعه السجع من موسیقى فى أجزاء النص تعمل بالضرورة على اتساق النص وتماسکه  "فهذا الإیقاع المتناوب یثیر فى السجع انسجامًا صوتیًا ویثرى دلالة کل بنیة ، فضلًا عن تأثیره فى المتلقى نفسیًا وجمالیًا " (79) فیتجلى المعنى من تشکیل النص بعناصر بنائیة  قد تتضمن السجع أو الجناس وصور بلاغیة وتضاد وترادف" فى إطارین جامعین : إطار ترکیبى یوفره استخدام الموازاة، وإطار دلالى frame یجمع معانى هذه الجمل حول مفهوم واحد ".(80)

ومن أمثلة  اشتراک السجع مع التوازى الترکیبى فى ربط النص ؛ ما یلى :

- "نعم یا سیدى، البطاقات؟ هذه بطاقتى، وهذه رخصة قیادتى."(81)

التوازى الترکیبى فى المثال یتمثل فى : " هذه + خبر (ینتهى بـ تى ) [ بطاقتى ، قیادتى ]

"وقبل أن تسمع سیدى ..اکبر أیها الحجم! وتضخم أیها المکان! وتضخم أیها الزمان!"(82)

التوازى الترکیبى فى المثال یتمثل فى : فعل أمر + أیها + منادى (ینتهى بـ ان )

"ولم ترد الفتاة هذه المرة .. ولکنها خفضت رأسها واحمر وجهها."(83)

التوازى الترکیبى فى المثال یتمثل فى : فعل ماض + فاعل منتهى بـ " ها "

الربط الصوتى فى الأمثلة السابقة نشأ من تکرار قوالب ترکیبیة أنتجت إیقاعًا موسیقیًا أسهم فى ربط النص وتماسکه ؛ فتکرار الصوت یعطى بُعدًا موسیقیًا هو أحد مکونات البنیة الصوتیة داخل الترکیب ؛ هذا التکرار یتأسس على "علاقة بین البنیة الصوتیة أو مجموعة من الفونیمات بصوت معین تحاکیه البنیة محاکاة مباشرة أو غیر مباشرة وفى الحالة الأخیرة تثیر المحاکاة الصوتیة تجربة غیر صوتیة،ومعنى هذا هو رصد العلاقة المتضمنة بین الشکل والدلالة"(84) ومن خلاله یتحقق الربط الصوتى للنص،وبالتالى استمرارالمعنى.

        اشترکت النهایة الصوتیة المتکررة (اء) مع التوازى الترکیبى فى الربط الصوتى للنص مثل :

" ومبنى النافى کبیر صامت مشتعل بالأضواء ، والسماء سوداء فى لون الماء ، والماء فى لون السماء."(85)

التوازى الترکیبى فى المثال یتمثل فى : مبتدأ + فى + مضاف + مضاف إلیه ، مع تکرار نفس النهایة للکلمات "اء" .

تتنوع النهایة الصوتیة المشارکة للتوازى الترکیبى فى ربط النص ، والمثال التالى للنهایة الصوتیة (ته):

" فى اللیلة التالیة ساءت حالته ، وارتفعت درجة حرارته."(86)

التوازى الترکیبى فى المثال یتمثل فى : فعل ماض + تاء التأنیث + مفعول به منته بـ "ه ".

ومنها النهایة الصوتیة المتکررة (ار) ، مثل :

" أو حتى ربما لنظل من أهل اللیل أو النهار، عن طواعیة واختیار."(87)

التوازى الترکیبى فى المثال یتمثل فى : حرف جر + اسم مجرور + حرف عطف + معطوف منتهٍ بـ "ار".

نلاحظ أن الأمثلة السابقة التوازى فیها  " قائم على التنسیق الصوتى عن طریق توزیع الألفاظ فى العبارة أو الجملة أو القصیدة الشعریة ، توزیعًا قائمًا على الإیقاع - سواء للفظ أو الصوت – المنسجم ."(88)  فالإیقاع المتکرر یحدث مع السجع انسجامًا صوتیًا یحقق ربط النص نظرًا لامتلاکه وظیفة جمالیة تثرى دلالة النص، بالإضافة  " إلى الأثر الذى یترکه فى نفس المتلقى النابع من الموسیقى الداخلیة للترکیب الناشئة من تکرار البنیة النحویة – وإن تماثلت و لم تتطابق – والتقطیعات الصوتیة التى تظهر جمال النص فى غیر تکلف یفسد جماله " فالتوازى یهتم کثیرًا بالتنسیق الصوتى، والإیقاع المتناغم ، سواء عن طریق اللفظ المفرد، أو الجملة المرکبة ، أو التناسق الدلالى."(89)

        التوازى الوارد فى موضوع البحث اشترک مع السجع فى أنه غیر متکلف ؛ فالتوازى إذا جاء غیر متکلف" فإنه یساعد على إبراز الناحیة التوقیعیة النابعة من الموسیقى الداخلیة للترکیب الفنى والمنبعثة فى مثل هذه الأمثلة من التکرار والتقطیعات الصوتیة التى تشبه القوافى الداخلیة التى تبرز جمال الشعر ."(90)

"وجملة القول فى التوازى أنه تکافؤ صوتى تکرارى : ترجیع ، تماثل ، انسجام ، وهذه کلها تدل على الإیقاع الثابت أو المتغیرفى وحدة الوزن ."(91)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

إحصاء الربط الصوتى فى القصص القصیرة لیوسف إدریس:

المجموعة القصصیة

السجع

الجناس

التکرار الصوتى

أرخص لیالی

7

26

14

النداهة

2

28

45

لغة الآى آى

-

6

3

بیت من لحم

9

25

16

قاع المدینة

3

17

33

حادثة شرف

3

19

53

آخر الدنیا

1

34

34

أنا سلطان قانون الوجود

2

19

52

اقتلها

4

33

27

ألیس کذلک

8

14

26

العتب على النظر

2

17

26

جمهوریة فرحات

-

10

30

البطل

2

9

13

المجموع

43

257

372

تحلیل إحصاء الربط الصوتى فى القصص  موضوع البحث :

ترتیب المجموعات القصصیة من حیث عدد الروابط الصوتیة بکل منها :

1 -  مجموعة حادثة شرف  حیث بلغ مجموع الروابط الصوتیة بها – السجع والجناس والتکرار الصوتى – مائة مرة (100).

2 - مجموعة النداهة فقد بلغ مجموع الروابط الصوتیة (75 ) خمسًا وسبعین مرة .

3 – مجموعة أنا سلطان قانون الوجود بلغ مجموع الروابط الصوتیة بها ثلاث وسبعین مرة (73).

4 – مجموعة اقتلها بلغ عدد الروابط الصوتیة بها (64) أربعًا وستین مرة .

5 – مجموعة أرخص لیالى بلغ مجموع الروابط الصوتیة بها (57 ) سبعًا وخمسین مرة .

6  - مجمووعة قاع المدینة بلغ عدد الروابط الصوتیة بها (53) ثلاثًا وخمسین مرة .

7 – مجموعة ألیس کذلک عدد الروابط الصوتیة بها (48 ) ثمان وأربعین مرة .

8 – مجموعة العتب على النظر عدد الروابط الصوتیة بها (45 ) خمسًا وأربعین مرة .

9 – مجموعة بیت من لحم عدد الروابط الصوتیة بها (50) خمسین مرة .

10 – مجموعة جمهوریة فرحات عدد الروابط الصوتیة بها (40) أربعین مرة .

11 – مجموعة البطل عدد الروابط الصوتیة بها (24 ) أربع وعشرین مرة .

12 – مجموعة لغة الآى آى عدد الروابط الصوتیة بها ( 9 ) تسع مرات .

 

              التکرار الصوتى أکثر وسائل الربط الصوتى استخدامًا بقصص البحث ؛ یرجع ذلک إلى طبیعة النص القصصیة التى ترتکز على سمة التکثیف وقد ساعدت هذه الوسیلة على الاقتصاد اللغوى فى نصوص البحث ، تلاها الجناس الذى ظهر فى النصوص غیر متکلف وأدى وظیفة الربط الصوتى فیما ذکر من مواضع وروده کتنبیه لأهمیة ما یعرض بهذه النصوص .

        وأخیرًا السجع أقل الروابط الصوتیة بنصوص البحث فطبیعة نصوص البحث لا تستدعى کثرة السجع لذا جاء السجع کوسیلة ربط نصیة  أولًا ؛ وکوسیلة إیقاعیة تثرى دلالة النص وتقوى نسجه ثانیًا .

تفاوت نسبة الروابط الصوتیة من مجموعة قصصیة إلى أخرى یرجع إلى اختلاف سیاق کل منها عن الأخرى .

تناثروتنوع  وسائل الربط الصوتى عبر المجموعة الواحدة بما تبدو معه کل قصة غیر منفصلة عن سابقتها أو لاحقتها ، وإنما تکوّن لبنة من لبنات هذا النص ، یُظهر فى النهایة النص کوحدة واحدة غیر متفککة الأجزاء ، بدا هذا واضحًا بدءًا من بدایة کل قصة فى المجوعة وانتهاءً بآخر کلمة فى القصة الخاتمة للمجموعة .

 

* نموذج للربط الصوتى فى إحدى القصص القصیرة موضوع البحث:

سنتناول إحدى القصص القصیرة لیوسف إدریس کنموذج للربط الصوتى ؛ وهى قصة  :

" العصفور والسلک" من مجموعة " بیت من لحم " تنوعت وسائل الربط الصوتى فى هذه القصة ؛ فهى تنقل أحد مشاهد حیاة عصفور یقضیها فوق سلک تلیفون مستمتعًا بحیاته وحریته فى التنقل فى الفضاء متشبثًا بمخالبه بهذا السلک الذى یمثل أحد وسائل حرکة العصفوررغم ثبات السلک فى مکانه.

من خلال هذا النموذج سنحاول رؤیة کیفیة عمل الربط الصوتى فى بناء وربط نسیج النص .

    دور وسائل الربط الصوتى فى بناء القصة :  

       ( أ ) التوازى الترکیبى  :

        القصة لها دلالة رمزیة فهى تعبر عن الحریة ؛ والإحالات فیها تعود إلى مرجعین رئیسیین هما : العصفور والسلک فهى تعرض لفکرة الحریة من خلال حرکة العصفور الدائبة المستمرة فى کل وأى مکان من خلال المزج بین حرکة العصفور ووضع السلک بوسیلة التوازى الترکیبى الذى ورد ثلاثًا وستین مرة بالقصة (63) ؛  فحرکة العصفور رد فعل لتحرک السلک بسبب الریح .

" هبت الریح وصفر السلک ..تمایل ، تشبث أکثر."

 التوازى الموجود یتمثل فى ترکیبین متشابهین تتکون بنیتهما من :

[ فعل ماض + فاعل ظاهر ] وهذا الترکیب یحیل إلى " السلک " ، أما الترکیب الآخر هو :

[فعل مضارع + فاعل ضمیر مستتر] یحیل إلى "العصفور " الذى حرکته دائمًا مفاجئة .

" فجأة تأتى ، فجأة تحدث ، فجأة تبلغ أقصى المدى ، فجأة شقشق ، فجأة تلفت ، فجأة رفرف ، فجأة صوصو ،انتشى فجأة ، طار ، حام ، حوّم ، تشبث ، تلفت ."

یشتمل  هذا الترکیب على أکثر من شکل من أشکال الموازاة ، وفى کل موازاة نجد العناصر البنائیة تسهم فى بناء المعنى بالنص فى إشارة إلى فکرة الحریة، وتقدمها فى سلاسة ؛ والتوازى السابق یتکون من:

[فجأة + فعل مضارع / فعل ماض+ الفاعل الضمیر المستتر العائد على حرکة العصفورالمستمرة ]

هذه الحرکة ناسبها الأفعال المضارعة المتکررة فى تسلسل یستحضر الصورة ویجددها .

 أما الأفعال الماضیة فقد جاءت بعد المضارعة لتدلل على تحقق حریة العصفور فى الحرکة التى تعددت أشکالها ما بین( تلفت ورفرفة وصوصوة ) ثم تغیر الترکیب إلى أفعال ماضیة فقط مع فاعلها الضمیرالمستتر العائد على العصفور فى دلالة تبرز توحد العصفور مع حرکاته المفاجئة غیر المتوقعة التى تعبر عن نشوته بتملک حریته فى الحرکة والطیران والتحویم والتشبث و التلفت ؛ فکلها حرکات أصبحت متوقعة عبرت عنها الأفعال الماضیة .

              وتنتقل القصة إلى صورة أخرى من صور الحریة التى یتمتع بها العصفور وهى حریة مشاعره فى الحب فـ " على مقربة لمح الألیفة ، رفرف ، رفرفت ، اقترب ، اقتربت ، صوصو ، شقشقت ."

        الترکیب یتضمن توالى الأفعال الماضیة المتدرجة المتتابعة التى تعود على العصفور وألیفته التى یصدر عنها نفس ردود الأفعال السریعة الصادرة من العصفور التى تعبر عن حبه لها ( رفرف ، رفرفت ، اقترب ، اقتربت ، صوصو ، شقشقت).

والتراکیب السابقة تعود على المرجع الأول بالقصة وهو " العصفور " و ألیفته التى تتجاوب معه بإبدائها نفس أفعاله الدالة على مبدالتها له نفس مشاعره نحوها ، هذه الدلالات الناتجة عن الأفعال الماضیة تعمل على ربط النص وتماسکه واستمرار المعنى .

أما المرجع الآخر " السلک " فتشترک النهایات الصوتیة الواحدة مع التوازى الترکیبى فى الإحالة علیه ، وقد وردت نهایة صوتیة واحدة  بالقصة هى ( ات ) وقد بلغ عدد مرات تکرارها (28) ثمان وعشرین مرة جاء فى عدة صور متنوعة .

     ( ب ) التوازى الترکیبى  + النهایة الصوتیة الواحدة "ات" :

تکررت هذه النهایة الصوتیة فى أغلب مفردات النص بالإضافة إلى التوازى الترکیبى ، مثل :

" فى الداخل تدور عوالم وأکوان .. سلامات ، احتجاجات ، تحیات ، صفقات ، وداعات، استغاثات ، أرض تباع ، بلاد تباع ، أصوات غلاظ ، صوصوات رقیقات ، تختلط الکلمات ، تتمازج ، تتوحد ، کلها فى النهایة تصیر- مادیًا -  إلکترونات . شحنات متجانسات – متشابهات ."

المثال یشتمل على نهایة صوتیة واحدة هى " ات ": [.. سلامات ، احتجاجات ، تحیات ، صفقات ، وداعات ،استغاثات، صوصوات رقیقات ، الکلمات، إلکترونات ، شحنات متجانسات – متشابهات ]

+ توازى ترکیبی یتمثل فى : مبتدأ  " أرض ، بلاد "+  خبر جملة فعلیة فعلها مضارع "تباع"

بالإضافة إلى توظیف علاقة التضاد  لخدمة الربط الصوتى :" أصوات غلاظ ، صوصوات رقیقات".

وکذلک علاقة الترادف : " تتمازج ، تتوحد" سواء انتهت بنفس النهایة الصوتیة (ات) کما فى التضاد ؛

أو کما فى الترادف .

وتکررت النهایة الصوتیة (ات) مع التوازى الترکیبى فى هذه القصة بأنماط متعددة منها ما یلى :

" فى ومضة بحرکتها تتغیر مصائر ، تجهز مشاریع ، تنتهى وتبدأ حیوات واتجاهات ."

" ومضات وتتم موافقات، وتبرم صفقات ، وتدبر مؤامرات ، بالکلمات ، بنفس الکلمات الطیبات ."

المثالان یشملان التوازى الترکیبى : [ فعل مضارع + فاعل " بصیغة المبنى للمعلوم " ، أو

فعل مضارع + نائب فاعل " بصیغة المبنى للمجهول "] + انتهاء الکلمات بالنهایة الصوتیة "ات "

(حیوات واتجاهات ، ومضات ،موافقات ،  صفقات  ، مؤامرات ،  بالکلمات  ، الکلمات الطیبات)

فى المثالین تم توظیف التقابل بین المفرد والجمع لخدمة الربط الصوتى " ومضة ، ومضات " ، فهذا التنوع یشمل کل الحالات التى یتعرض لها السلک وما یجرى أو یسرى داخله من کلام .

التأرجح بین الکلمات المتضادة أحیانًا والمترادفة أحیانًا وتوظیفها فى الربط الصوتى للنص یسهم فى تنوع الدلالات الناشئة عن هذا التعدد لوسائل الربط الصوتى المنتشرة بین جنبات النص ؛ وتتمثل فى :

" کلمة الحب لها نفس شحنة البغض ، کهارب الصدق هى کهارب الکذب . الصراحة کالنفاق ، اللوعة کاللعنة ، اللیل کالصبح کالنهار ، الحرام کالحلال ، النضال کالخیانة کالکفاح ، البطولات کالنذالات . کلمات ! شحنات ! إلکترونات ! ، متحفزات ، متحرکات !."

نلاحظ أن علاقة التضاد : " الحب ، البغض – الصدق ، الکذب – الصراحة ، النفاق – اللوعة ، اللعنة – الحرام ، الحلال ....إلخ  " + النهایة الصوتیة " ات " " النذالات ، الکلمات ، ....إلخ "، تمتزج مع علاقة

الترادف المتمثلة فى : " النضال ، الکفاح – الصبح ، النهار. " وتوظیف النهایة الصوتیة (ات) مع العلاقتین - التضاد والترادف - لمزید من سبک النص وترابطه .

       وتتوالى الإحالة إلى العصفور بالأفعال المضارعة التى تصف حرکته وحیاته :

" وقوف کلما فرغ صبره منه فجأة یتقافز ، یرفرف ، یشقشق ، یطیر ، یحوم ."

نجد أیضًا هنا علاقة التضاد بین حرکة ووقوف العصفور التى یقطعها بحرکته المفاجئة بالقفز أو الرفرفة

أو الشقشقة أو الطیران أو التحویم ، والتعبیر عن هذه الحرکات المتنوعة المتغیرة بالأفعال المضارعة التى تجسد الصورة وتستحضرها وترسمها بواقعیة معاشة یعبر عنها قیام العصفور بهذه الأفعال باستمرار .

             وتأتى الإحالة الأخیرة فى القصة إلى العصفور والسلک معًا کما بدأت القصة بدایة من عنوانها ؛ فهذا السلک الثابت لایتحرک بإرادته بل بفعل غیره سواء الریح أو العصفور ، وإن بدا ثابتًا فى مظهره الخارجى إلا أن الکلام یتحرک ویسرى بداخله ، ومع ذلک یبقى ثابتًا کالزمن :

"وبالنشوة خالى البال یتبرز بصقة براز صغیرة بیضاء على السلک ، نفس السلک ،کالزمن، کالصدأ تتراکم ." ( * )

 

 

 

 

القصة السابقة هى نموذج لتعدد وسائل وأنماط  الربط الصوتى ، وهذا یلائم موضوع القصة الذى یصف حیاة عصفور أهم ما یمیزه هو"صوته " فهو یُصدر أصواتًا موسیقیة تملأ الکون جمالًا ، لذلک کان أقرب ما یعبرعن هذا الکائن ذو الصوت الممیز هو الربط الصوتى بوسائله المتعددة والمتنوعة لتلائم کل  حرکاته وتعبر عن انطلاقه فى الکون بحریة ، إذا اعتبرنا النص مجموعة من الکلمات یجمعها ویضمها خیط واحد ، هذا الخیط هو الربط الصوتى الذى بدأ بربط عناصر النص ومکوناته بدءً من عنوان القصة وأحکم ربط النص مع آخر کلماته .

           وقد  بدا جلیًا تماسک النص وتلاحمه بانتشار الروابط الصوتیة المتنوعة التى تشد أجزاء النص بعضها ببعض؛ وتثرى النص بما تحمله من ألفاظ لها دلالات مختلفة حققت استمراریة المعنى ولها اتصال بفکرة النص ودعم قضایاه ؛ إذ أن عناصر اتساق النص غیر الکافیة تؤثر سلبیًا علی جودة النص وکفاءته ، فـ " للسبک درجات ، وهى تتوقف على عدد الوسائل المستخدمة ، فکلما ازداد عدد الوسائل السابکة فى نص ، ارتفعت درجة السبک فیه ، ومن ثم درجة النصیة، والعکس صحیح.  کما أن هذه الدرجة تتفاوت داخل النص الواحد ، فقد تزید فى جزء وتقل فى آخر ، کما أنها قد تکون عالیة داخل الفقرات ، وهابطة فیما بین هذه الفقرات ، أو العکس ."(92)

 

خـــــــــــاتـــــمـــة :

 

         حاول البحث وصف دور الربط الصوتى فى العمل على تماسک نص القصة القصیرة ومعرفة کیف یترابط النص بصفة عامة ؛ وعند منتج نصوص الدراسة بصفة خاصة ؛ والنتائج التالیة هى ما توصلت إلیه الدراسة :

1 – شملت نصوص الدراسة کل أنواع الربط الصوتى من جناس وسجع و واشتملت على الجناس والسجع بأنواعهما المختلفة ، وکذلک التکرار الصوتى على مستوى الأوزان والنهایات الصوتیة المشترکة والمتکررة ؛ بالإضافة  إلى دور التوازى الترکیبى الذى نتج عنه توازٍ صوتى ممیز فى نصوص الدراسة ، أسهم کل ذلک فى ربط النص وبناء نسیجه بدقة .

2 – الربط الصوتى فى هذه النصوص کان مقصودًا لدعم بناء النص وترابط أجزاءه.

3– کان للتکرارالصوتى  النصیب الأکبر فى الربط الصوتى لنصوص الدراسة ؛ إذ بلغ عدد مرات وروده بها ثلاثمائة واثنین وسبعین مرة ، وفى ذلک دلالة على رغبة الکاتب فى التأکید على أهمیة القضایا التى عالجها فى هذه النصوص .

5 – جاء الجناس  بتعدد أنماطه فى الترتیب التالى للتکرارالصوتى  لدفع الملل والرتابة عن نفس المتلقى من متابعة هذه الأعمال ، وخلق إیقاع للنص یجذب القارئ ویعمل على تماسک النص فى آنٍ واحد .

6- بالرغم من ورود السجع بأقل نسبة فى هذه النصوص إلا أن دوره کان مؤثرًافى الإسهام فى تماسک النص ؛ بسبب النغمة التى یحدثها السجع فى النص فهى بمثابة صدى لأفکار الکاتب عبر النص لذا تحقق التماسک النصى .

7 - کان لکل وسیلة من وسائل الربط اللفظى دورفى العمل على تماسک النص وتلاحم أجزائه ، والجمع بین أکثر من وسیلة من وسائله لربط الوحدات النصیة بعضها ببعض ، مما یُحکم العلاقات بین أجزاء النص ویسهم فى ترابط قضایاه .

 8– أدى التوازى الترکیبى فى نصوص الدراسة إلى إحداث التوازى الصوتى ، الذى نتج عن المجاورة والمماثلة فأحدث انسجامًا صوتیًا ممیزًا أبرز خصوصیة  اللغة فى هذه النصوص ومعالجة قضایا واقعیة تتعلق بسمات الشخصیة المصریة  التى تألف کل مایُحدث إیقاعًا أو نغمًا .

9 – الوظیفة التأثیریة لهذه النصوص تکمن فى تضافر البناء اللغوى والإیقاع الموسیقى مما یحقق التواصل بین المتلقى والنص بالإضافة إلى إسهامه فى تماسک النص.

10 – أضفى الإیقاع النابع من أنماط الربط الصوتى المتعددة قیمة جمالیة ومقومًا فنیًا على هذه النصوص .

11 – أحدثت  أنماط الربط الصوتى بهذه النصوص نغمًا ممیزًا ووحدة صوتیة کوّنت نسیجًا مبدعًا.

12 – الانسجام الصوتى الصادر عن التوازى الترکیبى والتکرار الصوتى بتنوعاتهما أحدث نوعًا من النغم المتوافق والإیقاع الذى یجذب المتلقى ویحکم بناء النسیج النصى کأثر واضح لهذه النقرة الصوتیة المتکررة.

13 – جاء التکرار الصوتى أعلى نسبة فى الروابط الصوتیة للنصوص البحث ، تلاه الجناس ثم السجع ، وذلک یلائم طبیعة النص القصصیة  وسماته .

14 – کان للجناس دور کوسیلة ربط صوتى للنص بفاعلیة - بلا تکلف- مما  دعم تأثیره کرابط لنصوص البحث .

15 – أسهم السجع فى ربط أجزاء النص بفاعلیة لانتظام وحداته الصوتیة عبر النص .

16 – أحدثت أنماط الربط الصوتى بتنوعاتها مؤثرات صوتیة خلقت نغمًا خفیًا فى جنبات النص یحسه المتلقى ویدعم ترابط النص على کل المستویات وأبرز مظاهر التناسق والانتظام بین وحداته الصوتیة المتکررة عبر النص ، تؤثر فى نفس المتلقى وتجذبه لمتابعة هذه النصوص بتشوق ، وعلى الجانب الآخر أسهمت فى إحکام تماسک نسیج النص ، متوافقة مع أهم سمات لغة القصة القصیرة و هو التکثیف.

 

أولًا :  المصادر:
1 - یوسف إدریس : أرخص لیالى ، مجموعة قصصیة ، نهضة مصر ، 2009.  
 2 - جمهوریة فرحات ، مجموعة قصصیة ، نهضة مصر ، 2009.  
3 - ألیس کذلک ، مجموعة قصصیة ، نهضة مصر ، 2009.  
4 - البطل ، مجموعة قصصیة ، نهضة مصر ، 2009.  
5 - قاع المدینة ، مجموعة قصصیة ، نهضة مصر ، 2009.  
 6 - حادثة شرف ، مجموعة قصصیة ، نهضة مصر ، 2009.  
7 - آخر الدنیا، مجموعة قصصیة ، نهضة مصر ، 2009.  
8 - لغة الآى آى ، مجموعة قصصیة ، نهضة مصر ، 2009.  
 9 -  النداهة ، مجموعة قصصیة ، نهضة مصر ، 2009.  
10 - بیت من لحم ، مجموعة قصصیة ، نهضة مصر ، 2009.  
11 - اقتلها ، مجموعة قصصیة ، نهضة مصر ، 2009.  
12 - أنا سلطان قانون الوجود ، مجموعة قصصیة ، نهضة مصر ، 2009.  
13 - العتب على النظر، مجموعة قصصیة ، نهضة مصر ، 2009.  
ثانیًا  : المراجع العربیة:
1 - د.أحمد عفیفى  : نحو النص اتجاه جدید فى الدرس اللغوى ، ، مکتبة زهراء الشرق ، طـ2001.
2 - د. إبراهیم خلیل : الأسلوبیة ونظریة النص ، بیروت ، المؤسسة العربیة للدراسات والنشر
3 - أسامة بن منقذ: البدیع فى البدیع فى نقد الشعر؛ تحقیق :عبد .آ .على مهنا ، بیروت ، 1987.
4 - بدر الدین الزرکشى : البرهان فى علوم القرآن  ، تحقیق:محمد أبو الفضل إبراهیم ، دار التراث -1990 .
5 - بکرى شیخ أمین :التعبیر الفنى فى القرآن الکریم ،دار العلم للملایین ،بیروت ،ط1، 1994.
6 - توفیق الزیدى : أثر اللسانیات فى النقد العربى الحدیث ، الدار العربیة للکتاب ، تونس ،ط،1984.
7 - جمال عبد المجید: البدیع بین البلاغة العربیة و اللسانیات النصیة ، الهیئة المصریة العامة للکتاب ، القاهرة ،2006.
8 -  حسن عباس : خصائص الأصوات العربیة ومعانیها  ، منشورات اتحلد الکتاب العرب ، دمشق 1998.
9 - حسن ناظم ،البنى الأسلوبیة ،المرکز الثقافى العربى ، الدار البیضاء ، المغرب،2002.
10 - الخطیب القزوینى:
الإیضاح فى علوم البلاغة – تحقیق وتعلیق لجنة من أساتذة کلیة اللغة العربیة بالجامع الأزهر مطبعة السنة المحمدیة – د.ت ، ج1 /382 : 388.
11 - د. سعید حسن بحیرى : علم لغة النص المفاهیم والاتجاهات،لونجمان ، 1997.
12 - – د. سید خضر : التکرار الإیقاعى فى اللغة العربیة –دار الهدى للکتاب ، بیلا کفر الشیخ – ط1 1998.
13 - د. عبد الواحد حسن الشیخ : البدیع و التوازى، مکتبة ومطبعة الإشعاع الفنیة ، الأسکندریة ،
ط 1 ، 1999.
14 - د.عبده عبد العزیز قلقیله : البلاغة العربیة ، دار الفکر العربى – 1989.
15 - عز الدین إسماعیل:الأسس الجمالیة فى النقد العربى (عرض وتفسیر ومقارنة) ، دار الشئون الثقافیة العامة – بغداد – ط 1986.
16 - عز الدین على السید : التکریر بین المثیر والتأثیر ، المطبعة المحمدیة،مصر،1978.
17 -  ماهر مهدى هلال : جرس الألفاظ ودلالتها فى البحث النقدى عند العرب ، دار الرشید للنشر،بغداد، ط1980.
18 - مجید عبد الحمید ناجى:الأسس النفسیة لأسالب البلاغة العربیة ، المؤسسة الجامعیة للدراسات والنشر والتوزیع ، بیروت ، ط أولى ، 1984.
20 - د.محمد العبد :حبک النص؛ منظورات من التراث العربى، بحث منشوربمجلة فصول،عدد159، ربیع 2002.
ثالثًا  : المراجع المترجمة :
1 - روبرت دى بوجراند :النص و الخطاب والإجراء ، ترجمة د.تمام حسان ، عالم الکتب ، ط2007.
2- رومان یکبسون : قضایا شعریة ، ترجمة محمد الولى مبارک حنوز؛ دار توبقال للنشر ، المغرب، ط أولى ، 1988.
رابعًا : أبحاث و دوریات :
1 - د.سعید حسن بحیرى :اتجاهات لغویة معاصرة فى تحلیل النص ، بحث منشور بمجلة علامات ، جزء38 ، مجلد 10 ،دیسمبر 2000.
2 - د.سعد مصلوح :نحو أجرومیة للنص الشعرى، دراسة فى قصیدة جاهلیة – مجلة فصول ؛المجلد العاشر ، العددان الأول والثانى ، یولیو 1991، الهیئة المصریة العامة للکتاب ، القاهرة
3 - د. فاطمة کریم رسن :التوازى فى النهج البلاغى دراسة فى الدلالة الترکیبیة ، جامعة بغداد ، کلیة التربیة ، ابن رشد، قسم اللغة العربیة ،مجلة العمید – مجلة فصلیة محکمة – العدد السادس – شعبان 1434هـ- حزیران 2013.
4 - د.محمد السید سلیمان العبد :من صور الإعجاز الصوتى فى القرآن الکریم ، المجلة العربیة للعلوم الإنسانیة ،مجلد 9 ، عدد 36، 1989.