الأطفال مجهولى النسب داخل المجتمع المصرى بين المسؤلية الاجتماعية للدولة والواقع الحالى

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس مساعد بقسم اجتماع کلية الاداب - جامعة بنها

المستخلص

  يعتبر التماسک والتکافل الأسرى من بين أهم العناصرالتى تظهر فيها التأثيرات السلبية للتغيرات والتطورات الاجتماعية، فقد بدأت العديد من الأسر تتطلع إلى محاکاة  عدد من عناصر الثقافات الوافدة، واتجهت إلى استعارة أنماط ثقافية جديدة اندمجت مع مرور الوقت فى ثقافتها المحلية، وأصبحت جزءاً لايتجزأ منها. ففي مجتمعاتنا العربية بدأت تأثيرات ذلک ملحوظة على طبيعة البناء الأسرى وتماسکه، وانبثقت عنه مشکلات اجتماعية وأخلاقية وسلوکية مما أدى الى إفراز أطفال مجهولى الوالدين(النسب) لا ينعمون بطفولة طبيعية ، ثم شباب يعانون من نظرة اجتماعية جارحة رافضة يصعب معها اندماجهم وتکيفهم فى مجتمعاتهم التى يعيشون فيها.
  ويعيش معظم أبناء هذه الشريحة حياتهم فى مؤسسات خاصة بالرعاية الاجتماعية ، وقد تحمل هذه المؤسسات أسماء عديدة مثل ملاجئ الأيتام، أو دور الأطفال ،ودور الرعاية وغيرها. وقد تقوم بإدارة مثل هذه المؤسسات جهات حکومية أو جمعيات أهلية أو جهات خاصة يودع فيها الأطفال بسبب غياب أو فقدان الوالدين.
لذلک کانت رعاية الطفولة بشکل عام والأطفال مجهولى النسب بشکل خاص من المفترض أنها أولى اهتمامات الدولة،وأن هؤلاء الأطفال ليس لديهم عائل ولا کفيل سوى الدولة لأنهم من أکثر الفئات المحرومة والمهملة والمهمشه فى المجتمع، لذلک  يهدف البحث الحالى بعرض مشکلة الاطفال مجهولى النسب داخل المجتمع المصرى، و معرفة دور الدولة تجاههم، والعدد الفعلى لهؤلاء الاطفال فى جمهورية مصر العربية.

الكلمات الرئيسية


أولاً: المقدمة

    لا شک بأن هناک ظاهرة اجتماعیة ارتبطت بوجود الإنسان على وجه الأرض تتمثل فى إنجاب أطفال من قبل رجل و امرأة لا تربطهما علاقة زواج شرعیة أو عقداجتماعی متعارف علیه یطلق علیهم فى مجتمعاتنا العربیة الإسلامیه ( اللقطاء) أو مجهولى النسب،ویعیش معظم أبناء هذه الشریحة حیاتهم فى مؤسسات خاصة بالرعایة الاجتماعیة ، وقد تحمل هذه المؤسسات أسماء عدیدة مثل ملاجئ الأیتام ، أو دور الأطفال ، ودور الرعایة وغیرها. وقد تقوم بإدارة مثل هذه المؤسسات جهات حکومیة أو جمعیات أهلیة أو جهات خاصة یودع فیها الأطفال بسبب غیاب أو فقدان الرعایة الوالدیة.

    إن الافتراض القائم هو أن الأطفال مجهولى النسب یعانون من مشکلات تتعلق بطبیعة عیشهم واندماجهم فى المجتمع والتى من بینها نظرة بعض الأفراد لهذه الشریحة بنوع من الاحتقار المبنى على افتراض مسبق عندهم وهو (أن النسب والأصل هو عنوان الشرف)، فهذه النظرة الإقصائیة أنتجت هوة واسعة بین هذه الفئة وبقیة فئات وطوائف المجتمع، وأصبح المجتمع بأعرافه وثقافاته فى نقطة موازیة تماماً لهذه الشریحة ومن ثم تولدت المشکلة ( مشکلة عدم القبول وعدم القدرة على الاندماج والتکیف)، وهذا العجز عن التکیف والاندماج أنتج بدوره نتائج سلبیة ،على هذه الشریحة الاجتماعیة خصوصاً من الناحیة الاجتماعیة والنفسیة.

    فمشکلة المحرومین من الرعایة الأسریة مشکلة معقدة والجهود المبذولة من قبل الأسرة البدیلة (الحاضنة) فى دمج هذه الشریحة فى المجتمع تواجهها الکثیر من الصعوبات والعقبات منها ما یتعلق بالأسرة البدیلة نفسها ،ومنها ما یرتبط بمجهول النسب، ومنها ما یعود للمجتمع الذى یعیش فیه.لذلک تحاول هذه الدراسة إلقاء الضوء على هذه الظاهره داخل المجتمع المصرى وأن تساعد الباحثین والمتخصصین ومتخذى القرار قدر المستطاع فى إیجاد حلول وطرق لمعالجة ما تعانیه هذه الفئة من مشکلات تحول دون تکیفها واندماجها فى المجتمع،من خلا العرض الفعلى للبیانات الخاصة بهذه الظاهرة.

یتضح مما سبق أن تنمیة الأیتام اقتصادیاً واجتماعیاً أولى خطوات الأهتمام بمستقبل المجتمع،لأنهم من أضعف فئات المجتمع ،التى تفتقر إلى الرعایة والاهتمام. والأیتام (مجهولى النسب) أکثر فئات الأیتام معاناه:نتیجه حرمانهم من الأم والأب بل والأقارب،وهم بلا هویه تحاول الدولة أن توجد لهم هویه بعد ان لفظهم أقرب الناس إلیهم(أمل شمس،2017: 262).

    وعلى ذلک فإنه یمکننا القول ان المجتمع ککل له مصلحة هامة ورئیسیة فى حصول الأطفال على الرعایة الکاملة بأسلوب یشبع جمیع احتیاجاتهم الأساسیة بما یضمن عدم معاناتهم من أى وجه من أوجه النقص مستقبلاً (محمد ابراهیم آدم،2016: 15).

 

 

 

 

 

ثانیاً:إشکالیة الدراسة

   یعتبر التماسک والتکافل الأسرى من بین أهم العناصرالتى تظهر فیها التأثیرات السلبیة للتغیرات والتطورات الاجتماعیة، فقد بدأت العدید من الأسر تتطلع إلى محاکاة  عدد من عناصر الثقافات الوافدة، واتجهت إلى استعارة أنماط ثقافیة جدیدة اندمجت مع مرور الوقت فى ثقافتها المحلیة، وأصبحت جزءاً لایتجزأ منها. ففی مجتمعاتنا العربیة بدأت تأثیرات ذلک ملحوظة على طبیعة البناء الأسرى وتماسکه، وانبثقت عنه مشکلات اجتماعیة وأخلاقیة وسلوکیة مما أدى الى إفراز أطفال مجهولى الوالدین(النسب) لا ینعمون بطفولة طبیعیة ، ثم شباب یعانون من نظرة اجتماعیة جارحة رافضة یصعب معها اندماجهم وتکیفهم فى مجتمعاتهم التى یعیشون فیها.

 إن الطفل غیر الشرعى  الذى یعانى من أثر طبیعة اجتماعیة صعبة ،هو فى الغالب وفى مجتمعنا العربى خصوصاً فرد غیر مرغوب فیه . وهؤلاء الأطفال یحتاجون إلى تقبل من أفراد المجتمع بحیث یعیشون أفراداً طبیعیین کغیرهم ، وهنا لابد من الاعتراف بأن هؤلاء الأطفال لا ذنب لهم ، ومن واجب المجتمع تقبلهم ورعایتهم والعنایة بهم.

وترجع خطورة هذا الموضوع إلى المعاناة التى عایشها هؤلاء الأطفال فى صغرهم ، والتى لاتنتهى عندما یکبرون وإنما تتواصل، وقد تکون أسوأ، فهم یعانون عند العمل، وعند التعامل مع الآخرین ، بل إنهم یعانون فى کل مرحلة من مراحل حیاتهم. فإن کثیرین یتعاملون مع من یتم العثور علیهم من الأطفال على أنهم أبناء علاقات غیر شرعیة مما یصمهم قبل أن ینطلقو إلى الحیاة.

لذلک فإن من واجب الجهات المعنیة فى الدولة، سواء أکانت رسمیة أو غیر رسمیة،توفیر ظروف مناسبة لهؤلاء الأطفال فى مرحلة الطفولة فلا یجوز معاقبة هؤلاء الضحایا على ذنب لم یقترفوه. فالکثیر من هؤلاء الشباب یعانون من التمییز،ویجدون أنفسهم فى مواجهة مع العدید من المؤسسات الحکومیة،والمعاناة ویعانون من التمییز فى المجتمع من قبل بعض الأفراد،وهذه الحقیقة تستوجب البحث عن حلول لهذه المشکلة.

ثالثاً:أهداف الدراسة

  1. عرض مشکلة الأطفال مجهولى النسب داخل المجتمع المصرى.
  2. معرفة مسؤلیة الدولة تجاه الأطفال مجهولى النسب.
  3. التعرف على العدد الفعلى لهؤلاء الأطفال فى جمهوریة مصر العربیة.

 

رابعاً: مفاهیم الدراسة

1)مفهوم المسئولیة الاجتماعیة  social Responsibility

  • المفهوم الکلاسیکى  للمسئولیة الاجتماعیة: یستند هذا المفهوم على أفکار الاقتصادى (آدم سمیث)، والتى تبلورت حول کون کافة المؤسسات تسعى لتقدیم أفضل الخدمات للمجتمع ککل مع تحقیق أعلى مستوى ممکن من الأرباح(تامر یاسر البکرى،2001: 22).
  • ویمکن تعریف المسئولیة الاجتماعیة بأنها مفهوم یقوم على مدى تحقیق مصلحة المجتمع مع تحقیق الأرباح على المدى الطویل. بمراعاة حاجات الأفراد وتلبیتها والمحافظة على البیئة واعتبارها مسئولیة الجمیع(ضیافى نوال،2010:18).

 

  • تعریف المسئولیة الاجتماعیة فى علم الاجتماع:هى تحمل الفرد تبعات أفعاله،وقیامه بالدور الاجتماعى المنوط بالمکانة الاجتماعیة التى یشغلها،وتقبله أداء واجبات وأعباء هذا الدور،داخل المؤسسات الاجتماعیة التى ینتمى إلیها ،بدءاً من دور الأسرة،وانتهاء بدوره تجاه المجتمع العام(نجلاء فرغلى ،2014: 49- 50).
  • التعریف الإجرائى للمسئولیة الاجتماعیة:هى المهام التى تکلف بها هیئة معینة أو شخص أوجماعة للقیام بها من أجل خدمة المجتمع مع تحمل عواقبها بشکل کامل.

 

2)مفهوم الأطفال مجهولى النسبUnknown parentage 

  • هم من لم یستدل على ذویهم، ویعیشون فى بیوت التبنى أو المؤسسات الاجتماعیة ویطلق علیهم اللقطاء(مها الکردى،1980: 113).
  • أما اللقیط فى اللغة: هو الطفل الذى یوجد مرمیاً على الطرق لایعرف أبوه ولا أمه(عبد الجواد خلف،2000: 11).
  • ویمکن تعریف الأطفال مجهولى النسب بأنهم هم مجهولى الأب والأم، کما أن هذه الفئة هى من أکثر الفئات إحساسا بالدونیة والعار والاکتئاب والقلق، وهم الذین یعتبرون أنفسهم قد جاءوا إلى هذه الدنیا بطریق الخطأ(عزازى اسماعیل،2012: 39).
  • التعریف الإجرائى للطفل مجهول النسب:هو کل طفل لم یستدل على والدیه ویعیش بدونهما داخل مؤسسة رعایة اجتماعیة أو فى الشارع.

 

خامساً:منهج الدراسة

ینتمى البحث إلى البحوث الوصفیة،والتى تضم جمع وتحلیل البیانات الظاهرة،والحصول على معلومات دقیقة تصور الواقع الاجتماعى ،وتسهم فى تحلیل ظواهره.

 

سادساً:الإطار النظرى

   کلمة وصمة stigma)) کلمة اغریقیه الأصل تشیر إلى العلامات الجسدیة التى وضعت لإظهار شئ شاذ أو سئ یتعلق بالوضع الأخلاقى لحاملها.هذه العلامات عبارة عن جروح أو حروق فى الجسم تعلن عن هویه حاملها سواء کان عبد أو مجرم أو خائن ینبغى تجنبه،خصوصاً فى الأماکن العامة . یحمل مصطلح الوصمة ومفرداته بین طیاته احتمال مزدوج: هل یفترض الشخص الموصوم أن الآخرین على علم مسبق بأختلافه أم أن اختلافه واضح للعیان؟ أو هل یفترض عدم معرفه الآخرین باختلافه وعدم إدراکهم اللحظى له؟(Erving Goffman,1963)

 

  ومماسبق فیما یتعلق بالوصم نلاحظ وجود علامة ازدراء تلصق بفرد معین عن طریق أفراد آخرین أو جماعة اجتماعیة، ویشیر هذا المصطلح إلى أى إجراء سلبى أوتعبیر عن استهجان لعدم الامتثال أو أى اختلاف غیر مرغوب یتمیز به فرد معین یحرمه من التأیید الاجتماعى أو التقبل الاجتماعى، لاختلافه عن بقیة الأشخاص فى خصائصه الجسمیة أو العقلیة أو الاجتماعیة أو النفسیة،والوصم النفسى هو کل مایمارس من ردود أو أفعال أو مسمیات تمنح بقصد أو بغیر قصد، تعبر عن الاستهجان والتحقیر وأحیانا الشفقة المبالغ فیها، وتشعر الإنسان بالدونیة، وتؤثر على ذاته وتحد من تفاعله الاجتماعى وتشعره بالنبذ والعزلة.وهذا ما یعانیه الأطفال مجهولى النسب داخل المجتمع من رفض وتحقیر وعدم التقبل الاجتماعى مما یولد لدى هؤلاء الأطفال ردود فعل تناسب هذا الرفض المجتمعى.

فالطفل مجهولى النسب حینما یتعرض لرفض المجتمع له یشعر بالدونیه والإستبعاد الاجتماعى مما یؤدى به إلى عدم الثقه فى النفس وعدم تقدیر الذات مما ینعکس علیه فیما بعد بالانجراف فى طریق الانحراف أو الضیاع داخل مجتمع لا یعترف به کإنسان.

سابعاً:مجهولى النسب بین قوانین حمایة الطفل والواقع

  وفقاً للمعاییر الإسلامیة والعالمیة لحقوق الطفل،من حق کل طفل أن ینشأ فى بیئه داعمة ومحبة تلبى احتیاجاته الفسیولوجیه والنفسیة والعقلیة والاجتماعیة. کل طفل له الحق فى معرفه نسبه والاعتزاز بهویته القومیة والثقافیة واللغویة والروحیة المتفردة.فکل طفل له الحق فى العیش فى بیئه آمنه وداعمة تحترم حقه فى الکرامة الإنسانیة والتعلیم وتطویر المهارات،فعند اتخاذ أى قرار یتعلق بالأطفال ومنها التبنى هو مراعاة ما هو أفضل للطفل(Muslim women`s Shura council,2011)

  إن الاعلان العالمى لعام 1990، لبقاء الطفل وحمایته ونمائه، قد وجه نداء عالمیا لتوفیر مستقبل أفضل لکل أطفال العالم،إذ إنهم ابریاء ضعفاء خاصة وأن ملایین الأطفال یعانون من ویلات الفقر والأزمات الاقتصادیة ومن الجوع والتشرد ومن الأوبئة والأمیة وتدهور البیئه، ومن ثم وجب الاهتمام بصحة الطفل وتعلیمه وتأهیله.وقد تضمن الأحکام العامة لاتفاقیة هیئة الأمم المتحدة لحقوق الطفل أربعة عشر حکماً هى (أحمد مجدى حجازى،2009: 184-185):

 

1)    سن الطفل فى نظر الاتفاقیة الدولیة هو کل إنسان لم یتجاوز الثامنة عشرة.

2)    ضرورة احترام الدول الأطراف لحقوق الطفل دون تمییز بینهم، بسبب لونهم، جنسهم،لغتهم،دینهم،أصلهم القومى أو الجتماعى أو ثروتهم أو عجزهم أو مولدهم.

3)    تفضیل مصالح الطفل فى جمیع الإجراءات التى تتعلق بالأطفال.

4)    حق الطفل فى الحیاة والاسم والجنسیة والحفاظ على الهویة وجنسیته واسمه وصلاته العائلیة على النحو الذى یقره القانون.

5)    حق الطفل فى حریه الرأى والتعبیر والفکر والعقیدة(حقه فى التعبیر عن رأیه،وحقه فى الفکر والوجدان والدین).

6)    حق الطفل فى الحفاظ على حیاته الخاصة وتشجیع وسائل الإعلام لصالحه.

7)    منع إساءة معاملة الأطفال ووقایتهم من المواد المخدرة.

8)    إجازه التبنى فى الدول التى تجیز أو تقر نظام التبنى، وهو غیر جائز فى الشریعة الإسلامیة وقانون الطفل.

9)    حمایة الطفل اللاجئ والطفل المعاق.

10) حق الطفل فى التمتع بأعلى مستوى صحى.

11) حق الطفل فى التعلیمعلى أساس تکافؤ الفرص وضرورة جعل التعلیم الابتدائى إلزامیا ومجاناً للجمیع،والعمل على تطویر التعلیم الثانوى سواء العام أو الخاص.

12) حق الطفل فى الراحة ووقت الفراغ واللعب وحقه فى التمتع بثقافته.

13) حظر توقیع عقوبة الإعدام على الأطفال أو السجن مدى الحیاة أو اعتقالهم.

14) حمایة الأطفال من النزاعات المسلحة والحروب.

  وتتنافى إتفاقیة حقوق الطفل مع ما یحدث فى بعض الدول مثل(باکستان) فى اسلام آباد ففیها لا تصدر الهیئة الوطنیه لقواعد البیانات والتسجیل بطاقات هویة لأمثال (محمد) من أبناء مؤسسات الرعایة فى کافة أنحاء البلاد،رغم بلوغهم السن القانونى،ورغم إدراجهم فى قوائم تعداد السکان،ورغم إصدار بطاقات هویة لذوى اضطرابات الهویة الجنسیة ومنحهم حق التصویت والمیراث بموجب قرار المحکمة العلیا العام الماضى،یظل الأیتام من لا أوصیاء لهم محرومون من هذه الحقوق،لأن الهیئه الوطنیة لقواعد البیانات والتسجیل تشترط وجود البیانات المتعلقه بنسب الطفل ومهما یکن لا ینبغى أن یحرم هؤلاء الأطفال من حقوق المواطنه والهویة(children of unknown parentage face identity crisis-newspaper,2017)

 

 

  وفى ضوء قوانین حمایة الطفل یأتى قانون الطفل المصرى وینص على مجموعة مواد خاصه بضمان حیاة کریمة للطفل منها(قانون الطفل المصرى رقم 12 لسنة1996 والمعدل بالقانون 26 لسنه 2008):

مادة (1):تکفل الدولة حمایة الطفولة والأمومة،وترعى الأطفال،وتعمل على تهیئة الظروف المناسبة لتنشئتهم بشکل صحیح من کافه النواحى فى إطار من الحریة والکرامة الإنسانیة.

مادة(2):یقصد بالطفل فى مجال الرعایة المنصوص علیها فى هذا القانون کل من لم یتجاوز سنه الثامنة عشره سنه میلادیة کاملة.

مادة(3):یکفل حق الطفل فى الحیاة والبقاء والنمو فى کنف أسرة متماسکة ومتضامنه والحمایة من أى نوع من أنواع التمییز بین الأطفال، بسبب محل المیلاد أو الوالدین،أو الجنس أو العنصر أو الإعاقه،أو أى وضع أخر.

مادة(4):للطفل الحق فى نسبه إلى والدیه الشرعیین والتمتع برعایتهما،وله الحق فى إثبات نسبه الشرعى إلیهما بکافه وسائل الإثبات بما فیها الوسائل العلمیة المشروعه وعلى الوالدین أن یوفر الرعایة والحمایة الضروریة للطفل وعلى الدولة أن توفر رعایة بدیلة لکل طفل حرم من رعایة أسرته ویحظر التبنى.

  وبین القوانین المعلنه السابقه والتحدث عن حقوق الطفل سواء داخل القانون المصرى أو فى القوانین الأخرى فى بعض دول العالم نجد أن الواقع الحالى للأطفال مجهولى النسب مؤلم جداً، ویصاحبه مستقبل غامض بکل المعانى أمام هؤلاء عند بلوغ سن الثامنه عشرة، فعند ذلک السن یدق ناقوس الخطر بالنسبه لهؤلاء الأطفال ،فهم حینها یکونوا على مشارف حیاه غیر مرسومه وبدون عمل وبدون سکن ودائماً بدون هویة،حینها یخشى هؤلاء الوصول إلى هذا العمر، لأنهم لا یستطیعون مواجهه المجتمع بکل فئاته.

  فالطفل مجهول النسب فى المستقبل یصبح شاب لابد وأن یواجه المجتمع ویتعایش معه ولا یتحقق ذلک بدون تقبل المجتمع لهذه الفئه،والتقبل لایعنى العطف أو النظر لهم نظرة شفقه ولکن یعنى عدم إحتقارهم واحترامهم وتقدیر الظروف المختلفه التى أدت إلى وجودهم،وذلک لا یتحقق بین غمضه عین وانتباهها ولکن یحدث مع مرور الزمن،ومع اهتمام الدولة بالانفاق على هذه الفئة واحترامها وتوفیر کل الأمکانیات المادیة والمعنویة لهم سواء داخل المؤسسات الاجتماعیة أو حینما یتخرجون منها، فلابد من أن نتحمل المسئولیة جمیعاً ونتعاون مجتمع مع الدولة حتى نصل بهؤلاء الأطفال إلى بر الأمان.

  فالواقع الحالى داخل مؤسسات الرعایة الاجتماعیة (دور الأیتام) مریر جداً فمن جهه نجد أن میزانیه الانفاق السنوى على کل دار تقدر بحوالى(40000)ألف جنیه فقط والمطلوب أن یتم توفیر متطلبات کافة الأبناء من (أکل- شرب- ملبس- تعلیم- رعایه اجتماعیة- صحه نفسیه- تدریب- تأهیل) فأى عصى سحریة تستطیع ان توفر کل هذه المتطلبات بهذه النفقه الضئیلة، فالمؤسسة الاجتماعیه(مؤسسة الرعایة الاجتماعیة بنین ببنها) موضوع الدراسة تحتوى على حوالى (39) طفل من الذکور، ویوجد لکل طفل دفتر توفیر به مبلغ معین یضعه له المتبرعین ویعیش هؤلاء الأطفال بشکل أساسى على تبرعات أفراد المجتمع ولولا ذلک لکان الواقع أشد مرارة، بجانب أنه یحتاج إلى هیکل وظیفى متکامل مؤهل من مجموعة من الأخصائیین الاجتماعییین المؤهلین للتعامل مع هؤلاء الأبناء ویشترط فیهم الکفاءه ویتم ذلک طبعاً بمعرفه وزارة التضامن الاجتماعى،وتوفیر أخصائى نفسى بأعلى الدرجات العلمیه یتعاون مع الهیکل الوظیفى ویعاونه طبیب بشرى متواجد بأستمرار داخل عیاده صحیة فى الدار.

  ولابد وأن تزود دور الرعایة الاجتماعیه على مستوى الجمهوریه بمساحه کبیره یوجد بها ورش صغیره لتعلیم أبناء المؤسسه حرف فى اجازة الصیف لتفریغ طاقاتهم بها ومن ناحیه أخرى لتعلیمهم مهارات تفیدهم فى المستقبل عند التخرج من الدار وتفید من ناحیه أخرى فى تزوید المؤسسه بدخل مادى ینفق علیها ویغطى بعض احتیاجات الأبناء.

ثامناً:حجم ظاهرة الأطفال مجهولى النسب داخل المجتمع المصرى

    إن ظاهرة الأطفال مجهولى النسب حقیقة موجودة داخل المجتمع المصرى ولا یمکن إغفالها أو الاستخفاف بها، فبناء على تقریر على لسان د/ غادة والى وزیرة التضامن الاجتماعى صرحت أن عدد الأطفال مجهولى النسب ولدى الأسر البدیلة بلغ 12,336 ألف طفل حتى الآن،علاوة على وجود 9729 طفلاً ب 468 مؤسسة إیوائة بالأعمار المختلفه،وقالت الوزیرة أنه یتم التنسیق مع مصلحة الطب الشرعى والأحول المدنیة ،مطالبة بضرورة عمل حملة توعیة داخل أقسام الشرطه، خاصه أنه بمجرد العثور على طفل مجهول النسب یتم تسلیمه لأقرب قسم شرطة، مما یتطلب ضرورة أفراد الشرطة أماکن تسلیم هؤلاء الأطفال التابعة لوزارة التضامن،مشیرة إلى التنسیق مع وزارة الخارجیة لتسجیل بیانات الأطفال مجهولى النسب فى حالة اصطحاب الاسر البدیلة للأطفال خارج مصر حتى یتم المتابعة ومعرفة أحوال هؤلاء الأطفال بشکل مستمر وکذلک محاسبة الموظفین عن آداء دورهمwww.elyom new.com/ news/) ).

 

عدد الأطفال مجهولى النسب فى جمهوریة مصر العربیة(عزة محمد الطنبولى،14:2017)

جدول رقم(1)

السنة

عدد الأطفال

2000

10653

2002

12334

2004

14526

2006

17635

2008      

19758

2010

21881

2012

23981

 

 

  ویتضح من الجدول رقم (1) تدرج فى تزاید عدد الأطفال مجهولى النسب من عام 2000 کان عدد الأطفال (10653 )وتزاید بالتدریج حتى أصبح(23981) طفل عام 2012وهذا إن دل على شئ یدل على الخطورة التى تهدد کیان مجتمع بل تهدد کیان دولة بالکامل،ومازال التزاید مستمر فى اعداد الأطفال مجهولى النسب ومن ثم إنشاء العدید من المؤسسات الإیوائیة لرعایة هذه الفئة تأمیناً لسلامة المجتمع وتدعیماُ له وفى نفس الوقت إمداد المجتمع بطاقات إنتاجیة ذات قیمة.

  وتتنافى هذه الاحصائیة عن عدد الأطفال مجهولى النسب فى جمهوریة مصر العربیة مع آخر إحصائیة من وزارة التضامن الاجتماعى فى 4/2018 حیث نجد إن العدد تضاءل بشکل کبیر من عام 2012 حتى عام2018 وذلک إن دل على شئ فیدل على عدم مصداقیة البیانات ودقتها. ویدل على عدم مصداقیة هذه البیانات الجدول التالى :

وطبقا لأخر الاحصائیات التى صدرت من وزارة التضامن الاجتماعی بخصوص عدد الأطفال مجهولى النسب فى محافظات جمهوریة مصر العربیة بتاریخ 1/4/2018من وزارة التضامن الاجتماعى"مرکز المعلومات ودعم القرار" یتضح الآتى:

 

 

 

جدول رقم(2)

المحافظة

عدد الأطفال مجهولى النسب

اسوان

9

اسیوط

50

الاسکندریة

639

الاسماعیلیة

128

الاقصر

80

البحیرة

104

الجیزة

1155

الدقهلیه

450

السویس

21

الشرقیه

286

الغربیة

431

الفیوم

38

القاهرة

1907

القلیوبیة

290

المنوفیة

201

المنیا

21

بنى سویف

57

بورسعید

48

جنوب سیناء

10

دمیاط

47

سوهاج

67

شمال سیناء

27

قنا

17

کفر الشیخ

144

 مرسى مطروح

19

الاجمالى

6246

 

  یتضح من الجدول رقم (2) أن عدد الأطفال مجهولى النسب یزداد بشکل کبیر فى محافظة القاهرة حیث بلغ عددهم(1907) وذلک لزیادة عدد سکانها وتعدد طبقاتهم الاجتماعیة، ویلیها محافظة الجیزه حیث بلغ عدد الأطفال مجهولى النسب حوالى(1155) تلیها محافظة الاسکندریة حیث بلغ عددهم (639) ثم تأتى محافظة الدقهلیة ویبلغ عدد الأطفال (450) طفل وتأتى محافظة الغربیة لیقل فیها العدد إلى (431) طفل مجهول النسب ثم تأتى محافظة الدراسة وهى محافظة القلیوبیة حیث یبلغ عدد الأطفال مجهولى النسب حوالى (290) طفل ثم تأتى محافظة الشرقیة لیبلغ فیها عدد الأطفال (286) طفل تلیها محافظة المنوفیة یبلغ فیها عدد الأطفال(201) طفل ثم تلیها محافظة کفر الشیخ لیبلغ العدد فیها(144) طفل ثم محافظة الإسماعیلیة یبلغ عدد الأطفال (128) طفل ثم تلیها محافظة البحیرة لیبلغ عددهم (104) ثم محافظة الاقصر بعدد(80) طفل ثم محافظة سوهاج بعدد (67) طفل ثم محافظة اسیوط بعدد (50)طفل مجهول نسب ثم تأتى محافظة بنى سویف لیبلغ عدد الأطفال (57) ثم محافظة بورسعید بعدد (48) طفل ثم محافظة دمیاط بعدد (47)طفل ثم محافظة الفیوم بعدد (38)طفل ثم یقل عدد الأطفال فى محافظة شمال سیناء لیصبح عددهم (27) ثم محافظة المنیا والسویس یکون فیها العدد (21) طفل ثم یتضاءل العدد فى محافظة مرسى مطروح لیصبح (19)طفل ثم تاتى محافظة قنا وصبح عددهم (17) طفل ،واخیرا تأتى محافظة جنوب سیناء لیصبح العدد فیها (10) طفل ثم تتصدر محافظة اسوان الترتیب الاخیر فى عدد الأطفال مجهولى النسب لیصبح العدد فیها (9) طفل فقط.

یتضح من بیانات الجدول رقم (2) أن الأطفال مجهولى النسب یزادا عددهم فى المحافظات الحضریة المتکدسه بالسکان(القاهرة- الجیزه- الاسکندریة) وذلک لتعدد وتنوع السکان فیها ،بینما یقل العدد فى المحافظات التى یغلب علیها الطابع الریفى ( الغربیة- القلیوبیة- الشرقیة- المنوفیة- کفر الشیخ- الاسماعیلیة- البحیرة- الاقصر- سوهاج- أسیوط- بنى سویف – بورسعید- دمیاط- الفیوم- شمال سیناء- المنیا- السویس – مرسى مطروح- قنا- جنوب سیناء- أسوان ) والتى تنتشر فیها العادات والتقالید حیث التمسک بالدین وتعالیمه ،ویساعد على ذلک قلة عدد السکان بهذه المحافظات مقارنه بالمحافظات التى یزید فیها عدد السکان.

إذن بالمقارنه بین الجول رقم (1) والجدول رقم (2) یتضح أن عدد الأطفال مجهولى النسب فى السنوات من عام 2000 إلى 2012 وصل إلى( 23981 ) طفل ،بینما فى الجدول رقم (2) وصل عدد الأطفال مجهولى النسب بتاریخ 1/4/2018 فى جمیع محافظات جمهوریة مصر العربیة (6246 ) طفل مما یؤکد أن هناک تناقض بین البیانات الموجوده فى وزارة التضامن الاجتماعى، والبیانات الموجوده فى المصادر الاخرى وذلک إن عبر عن شئ فإنه یعبر عن عدم دقة البیانات الخاصة بهذه الظاهرة فى المجتمع المصرى نظراً للتنامى السریع للظاهرة داخل المجتمع.

 

بیان بعدد المؤسسات الإیوائیة على مستوى الجمهوریة 2016-2017م(وزارة التضامن الاجتماعى،الإدارة المرکزیة للرعایة الاجتماعیة،الإدارة العامة للأسرة والطفولة،إدارة المؤسسات):

                                                         جدول رقم (3)

م

المدیریة

عدد المؤسسات

عدد المستفیدین

السعة

العدد الفعلى للجهاز الوظیفى

الجهاز الوظیفى وفقاً للأئحة

1

القاهرة

222

4278

5151

1661

-

2

الجیزة

59               

1248

1706

552

-

3

القلیوبیة

13

327

488

135

192

4

الاسکندریة

24

294

604

295

-

5

الغربیة

24

490

1045

237

358

6

الدقهلیة

12

319

540

183

301

7

السویس

2

26

76

22

34

8

الاسماعیلیة

5

197

425

166

166

9

المنوفیة

7

197

375

-

-

10

دمیاط

2

67

150

38

56

11

کفر الشیخ

2

50

100

31

31

12

الشرقیة

13

400

570

198

222

13

بورسعید

6

136

210

72

111

14

البحیرة

18

291

395

221

146

15

بنى سویف

11

207

338

-

-

16

المنیا

12

151

410

121

-

17

الفیوم

4

126

270

99

116

18

قنا

12

67

160

-

-

19

سوهاج

4

98

266

58

65

20

اسیوط

6

355

658

88

152

21

الاقصر

8

163

305

110

54

22

أسوان

3

182

90

-

-

23

الوادى الجدید

لایوجد

لا یوجد

لا یوجد

لا یوجد

لا یوجد

24

مرسى مطروح

1

18

24

11

18

25

شمال سیناء

1

30

200

10

15

26

جنوب سیناء

1

10

15

3

10

27

البحر الأحمر

1

2

10

5

8

الإجمالى

 

473

 

9729

 

14581

 

4316

 

2055

 

 

  یتضح من جدول رقم (3) أن عدد المؤسسات الإیوائیة على مستوى جمهوریة مصر العربیة یتصدر القمة فى محافظة القاهرة بعدد (222) مؤسسة لإستیعاب العدد الضخم من المستفیدین، تلیها محافظة الجیزة بعدد (59)مؤسسة إیوائیة تلیها محافظة الاسکندریة والغربیة بعدد (24) مؤسسة ،ثم تأتى محافظة البحیرة بعدد(18)مؤسسة ثم تأتى محافظة الدراسة وهى محافظة القلیوبیة وتحتوى على (13) مؤسسة إیوائیة ویتساوى معها محافظة الشرقیة فى عدد (13) مؤسسة ،ثم تأتى الدقهلیة وقنا والمنیا بواقع (12) مؤسسة ثم محافظة بنى سویف بعدد (11) مؤسسة ثم الأقصر بعدد (8) مؤسسات ثم المنوفیة بعدد (7) ،وتأتى بورسعید واسیوط بعدد (6) مؤسسات وتتضاءل المؤسسات فى کل من الاسماعیلیة بعدد (5) مؤسسات والفیوم وسوهاج بعدد (4) ثم اسوان بعدد (3) وتتلاشى فى السویس ودمیاط وکفر الشیخ بعدد (2) مؤسسة وباقى المحافظات مثل مطروح وشمال وجنوب سیناء والبحر الأحمر بعدد مؤسسة واحدة فقط،ویقل عدد المؤسسات فى هذه المحافظات نظراً لقلة عدد الأطفال مجهولى النسب فیها وقلة عدد السکان.

  وتدل الارقام السابقة سواء فى عدد الطفال مجهولى النسب أو فى عدد المؤسسات الإیوائیة على مستوى جمهوریة مصر العربیة على تجسید حجم المشکلة داخل المجتمع وتدق الاجراس لسرعة الانتباه لما سوف یحدث فى المستقبل من تهدید لمستقبل دولة کاملة ،فلابد من التعامل مع المشکلة ودراسة ابعادها جیدا حتى نستطیع السیطرة علیها ،لأن التزاید فى اعداد الأطفال مجهولى النسب خلال الفترة الاخیرة یدل على خلل اخلاقى ومجتمعى فى آن واحد ویصاحبة تقصیر من جانب المجتمع والدولة فى حق لعدم توفیر الامکانیات المادیة والمعنویة لهؤلاء حتى ینشأو هؤلاء الأطفال فى بیئة صحیة تمدهم للخروج لمجتمع ربما یرفض واقعهم المریر فلابد الربط بین القوانین المعلنة وماهو قائم بالفعل حتى نعبر جمیعا إلى بر الأمان.

 

تاسعاً: أسباب ظاهرة مجهولى النسب

   یعتبر الأطفال مجهولى النسب من الفئات التى تعانى من الحرمان منذ لحظة المیلاد بل قد تعانى تلک الفئة من الحرمان فى مرحلة ما قبل المیلاد وهى مرحلة الجنینیة والتى تکون فیها الأم فى حالة نفسیة سیئة تؤثر على الجنین حیث أکدت الدراسات أن الحمل غیر الشرعى یؤدى إلى اضطرابات نفسیة خطیرة حیث تشعر الأم بالإثم المرتبط بالحمل والضغوط الاجتماعیة وتهدید المستقبل وقد یؤدى ذلک إلى عدم التوافق مع الحمل مما یؤثر بدوره على نمو الجنین(عزه محمد محمود،مرجع سابق: 14).

  الأطفال هم ثروات البلاد الحقیقیة،والرکیزة التى تحقق تنمیتها وازدهارها،ولکن قبل أن یبلغ هؤلاء الأطفال سن العطاء والنضج،،یمرون بمراحل عدة فى حیاتهم،أهمها مرحلة الطفولة ذاتها.وتلعب العلاقات الأولیة مع الأم والأب أو من ینوب عنهما،دوراًمهما فى تکوین البنیة النفسیة لدى الطفل الذى سیصبح رجل المستقبل،وذلک وفقاً لما یدرکه من أمن نفسى واهتمام واحترام وضوابط من الوالدین،وأى خلل فى هذه العلاقات یمکن أن تترتب علیه آثار سلبیة من بینها تعرضه للاضطراب النفسى أوالتشرد والانحراف(رضوى فرغلى،2012: 57 ).

ویمکن تلخیص أهم أدوار الوالدین فى الأتى (أمل صلاح الدین محمد،2011: 10-11):

الأم مصدر للأمن:

فوجودها فى محیط الطفل یشعره بالأمان والأطمئنان وقیامها بتلبیه مطالبه وحاجاته فى سنواته الأولى والتى یکون فیها معتمداً علیها اعتماداً تاما یشعره بالراحة والسعادة وهو ما أکده(فروید) حیث أوضح أن توتر وإحباط الفرد ینجم عن طبیعة علاقته بالأم فى سنوات عمره الأولى.

 

 

الأم مصدر للحب والعطف:

فمداعبة الم خلال الرضاعة وحمله وهدهدته لینام تغذى شعوره بالدفء،وروحه بالعطف والحنو فینعکس ذلک علیه فى صورة رضا وسرور وعند حدوث العکس یظهر لدیه القلق والغضب والخوف.

الأم مصدر إکساب الطفل سلوکه الاجتماعى:

فمن خلال مواقف التفاعل الیومى بین الطفل وأمه یتعلم الطفل أن یتمثل لما یلقن له من قیم وعادات ویلتزم بقبول واجبات ومسئولیات من قبل الأم وذلک لیحوز رضاها عنه.

دور الأب فى تکوین الذات العلیا(الضمیر):

من خلال ما یقدمه من قدوة ومثل صالح. وعن طریق أسلوب المعاملة الوالدیه المتبع(التسلط- التساهل- الاعتدال)تتحدد فکرة الطفل عن الذنب والمغفرةوالخیر والشر،وبالتالى تتشکل معاییره وقیمه التى تکون ضمیره فیما بعد.

دور الأب فى تنمیه المسئولیة الخلقیه والاجتماعیة:

فالأب کمصدر للسلطة یفرض القواعد ویشجع على إتباعها خلال عملیة التفاعل العائلى،وهى قواعد تتفق ومعاییر الجماعة ویتبعها الطفل فى وجود وعدم وجود مصدر السلطة وهو الأب سعیا منه للحصول على الثناء وتجنب الأذى.

دور الأب فى عملیة التنمیط الجنسى:

یسعى کل مجتمع إلى غرس معتقداته واتجاهاته فى أطفاله والتى تتفق والدور المنوط به وفقاً لجنسه،ویسعى الوالدین وباقى أفراد الجماعة، وکذلک خوفا من النبذ والعقاب إذا ما أساء التصرف فى هذا الدور.وتتم عملیة التنمیط الجنسى عندما یتوحد الطفل مع الوالد من نفس النوع.

دور الأب فى نمو المهارات الاجتماعیة والمعرفیة:

أنه بدراسة تفاعلات الأطفال المحرومین من الرعایة الأسریة مع أقرانهم اتضح أنهم أقل اجتماعیة،وأکثر تمرکز حول الذاتویرجع ذلک إلى أن غیاب الأب عن المشارکة فى رعایة الطفل والتفاعل معه جعله أقل قدرة على مواجهة التوتر فى المواقف الجدیدة وغیر قادر على خوض التحدیات.

إذن العلاقة بین الطفل والوالدین علاقه حساسه جداً تنشأ منذ الصغر وبناءاً علیها تتحدد شخصیه الطفل إما ان یکون إنساناً سوى یتمتع بصحة نفسیه جیدة ویملک کل مقومات الشخصیه الثابته الغیر مهزوزه،أو یکون شخصیه تتمتع بکل معانى الحرمان النفسى والاجتماعى مما یؤدى به إلى الفشل فى الإندماج داخل المجتمع.فظاهرة الأطفال مجهولى النسب لها جذور اجتماعیة ونفسیهأدت فى النهایه إلى میلاد هذه الکارثة المجتمعیه فکلها عوامل وأسباب تکاتفت معاً لتنبأ بخطر قادم یهدد أستقرار وسلامة المجتمع ،وطفل الیوم هو فى المستقبل شاب ونحن من نحدد إذا کان شاباًنافع للمجتمع أم یکون مشروع مجرم خطیر یهدد نفسه أولاً ثم مجتمعه ثانیاً.

 

 

أسباب انتشار ظاهرة الأطفال مجهولى النسب(سعد الدین بوطبال،عبد الحمید عشوى،2016: 220-223):

إن الطفولة مجهولة النسب هى نتاج علاقات جنسیة غیر شرعیة(خارج إطار الزواج)وهى تتزاید من سنة لأخرى بفعل جملة من العوامل خاصه لدى الشباب وهى:

1)عوامل نفسیه

أ- الاندفاعیة: یتمیز الشباب عامة بالاندفاعیة فى سلوکیاتهم بصفة عامة،وهو ما ینطبق على سلوکیاتهم الجنسیة والتى تتسم بالمخاطرة وعدم أخذ الحذر،فنجد بعضهم یقیمون علاقات جنسیة غیر شرعیة ومتعددة،الشئ الذى ینتج عنه حمل غیر شرعى.

ب-محدودیة الخبرة الاجتماعیة: یتسم الشباب والمراهقون بمحدودیة الخبرة الاجتماعیة فى التعامل مع المشکلات والقضایا التى تعترض سبیلهم فى حیاتهم الشخصیة والاجتماعیة، ومنها المشکلات الجنسیة، حیث یتورطون فى علاقات جنسیة متعددة وخطرة تؤدى بهم إلى التسبب فى الحمل غیر الشرعى.

ج-حب المغامرة: ومن بین المغامرات التى یقوم بها الشباب العلاقات الجنسیة غیر الشرعیة، بهدف التنفیس عن الکبت الجنسى الذى یعانونه، لکنهم فى نفس الوقت یغفلون الآثار الناجمة عن هذه المغامرة والتى تنتهى غالباً بولادة طفل غیر شرعى.

2)عوامل اجتماعیة

أ- الدور السلبى لوسائل الإعلام:أصبحت بعض القنوات الفضائیه تقدم برامج فیها کثیر من الإثارة الجنسیة والتى بدورها أصبحت تستهوى جیل الشباب لتفریغ المکبوتات الجنسیة، زیادة على اکتسابهم لنماذج فى کیفیات القیام بالعلاقات الجنسیة عن طریق الملاحظة والاقتداء، مما یؤدى إلى التهیج لدى الأفراد نتیجه مشاهدتهم لهذه البرامج،وهو ما قد یدفعهم إلى الممارسة الفعلیة للعلاقات الجنسیة خارج إطار الزواج،مما قد ینجم عنه حمل غیر شرعى.

ب-ممارسة الدعارة:تتکرر الأخبار بصفة شبه یومیة عن تفکیکمصالح الأمن لشبکات ممارسة الدعارة،أى ممارسة العلاقات الجنسیة بأجر مادى وفى إطار غیر شرعى،وهى مصدر لکثیر من الطفولة مجهولة النسب.

ج-ضعف الوازع الدینى:تمثل تعالیم دیننا الحنیف نبراسا نهتدى به فى حیاتنا الاجتماعیة، وقد حرمت فى مجملها العلاقات الجنسیة غیر المشروعة،وجعلتها من الکبائر والموبقات.

د-عدم متابعة الأسرة للأبناء والتفکک الأسرى:یعود التفکک الأسرى بالآثار الوخیمة على المراهقین والشباب، مما یجعلهم یغادرون منازلهم بالشارع کمتنفس عن الضغط النفسى الاجتماعى الذى یعیشونه فى منازلهم،إلا أن الشارع یفاجئهم بمشاکل أکبر،أولها ظاهرة الاعتداءات الجنسیة خاصة بالنسبة للفتیات.

ه-سلبیة العولمة والغزو الثقافى:

أفرزت العولمة عدة سلبیات باعتبارها تسعى إلى نشر ثقافة اجتماعیة عالمیة نابعة من خصائص البلد الرائد ثقافیاً وعلمیاً والمتحکم فى السیاسة الدولیة،وقد برزت حدة هذه السلبیات خاصة على الدول الإسلامیة،حیث تدعو العولمة إلى (حریة المعتقد، حریة التصرف، حریة التصرف فى الجسد) دون الأخذ بعین الاعتبار خصوصیات الثقافه الاجتماعیة السائدة فى کل بلد.

و- ضعف التواصل الأسرى: حیث لا یمکن للمراهق أو الشباب أن یتحصل على معلومات ومعارف حول الحیاة الجنسیة والسلوکیات الجنسیة السویة فى الوسط العائلى، لأنها تعتبره من المواضیع التى لا یمکن التحدث فیها ومناقشتها،هذا ما یجعل کثیراً من الشباب یأخذون معلومات مغلوطة عن العلاقات الجنسیة.

ز-الخیانه الزوجیة.

خاتمة

  تعتبر ظاهرة الأطفال مجهولى النسب ظاهرة خطیرة داخل المجتمع المصرى واخذت تزداد فى الفترة الاخیرة نظرا لأسباب کثیرة ،وما یجب ان تقوم به الدولة أن تتکفل هؤلاء الأطفال من کل النواحى سواء کانت مادیة من خلال إمداد دور الرعایة الاجتماعیة على مستوى الجمهوریة بالامکانیات المادیة التى تضمن لهؤلاء الأطفال :(العیش بکرامة - توفیر الملبس الملائم – التعلیم المناسب). وإمداد الملاجى بالامکانیات المعنویة :(توفیر الجو النفسى والاجتماعى المناسب لنمو هؤلاء الأطفال – تقبلهم کما هم لا کما یجب أن یکونو).

  لکن الواقع الموجود فى الوقت الحالى داخل دور الرعایة الاجتماعیة واقع مؤلم جدا من حیث دعم الدولة لهذه الفئة فهو قلیل جدا لا یوفى جمیع  الاحتیاجات لهم ،ولکن تقوم التبرعات الیومیة من الجمهور بکل فئاته بالوفاء باحتیاجات هؤلاء الأطفال من حیث (الملبس – التعلیم – الترفیه- المأکل ) وعیر ذلک من الأمور التى کان یستوجب على الدولة القیام بهذه الاعمال دون الحاجه لتبرعات من أفراد المجتمع.

  ویجب على الدولة ایضاً توفیر فرص عمل لهؤلاء الأطفال فى المستقبل بعد تخرجهم من الدار حتى یجدو منفذ لتوفیر احتیاجاتهم الاساسیة وتکوین أسرة ،ویجب توفیر سکن خاص بهؤلاء الشباب تدعمة وزارة التضامن الاجتماعى منعاً لانحرافهم بعد الخروج من دور الرعایه الاجتماعیة،ولکن الواقع الحالى داخل مؤسسات الرعایة الاجتماعیة هو تخرج الشاب عند استکمال تعلیمه وبعدها یواجه المجتمع دون عمل ودون سکن ودون اسرة مما یفتح امامه ابواب الانحراف والتخریب والانتقام من المجتمع بکل فئاته لأنه یعتبره المسؤل عن ما هو فیه الأن.

  لذلک لابد أن نتکاتف جمیعا (المجتمع والدولة) لدراسة هذه الظاهرة ومحاولة سد الثغور التى تؤدى بهذه الفئة إلى الانحراف ولیس الانحراف یکون خاص بفئة معینة فقط ولکن أنحرافهم یعنى انحراف مجتمع بأکمله واعوجاجهم عن المسار هو تهدید لمستقبل دولة بالکامل ،فلابد من العمل على ایجاد حل لهذا الخطر الکبیر الذى یهدد أمن وسلامة المجتمع.

 
1) أحمد مجدى حجازى(2009): المواطنه وحقوق الإنسان فى ظل المتغیرات الدولیة الراهنة،الدار المصریة السعودیة للطباعه والنشر،القاهرة.
 
2) أمل صلاح الدین محمد السید(2011): فاعلیه برنامج أنشطة فنیة لخفض العدوانیة لدى أطفال دور الرعایة الإیوائیة الملتحقین بالمدرسة الابتدائیة،رسالة دکتوراه غیر منشورة،معهد الدراسات التربویة،قسم ریاض الأطفال والتعلیم الابتدائى،جامعة القاهرة.
 
3) أمل شمس،مستقبل التمکین الاقتصادى والاجتماعى للأیتام:عرض لتجربة جمعیة رسالة فى مصر،المجلة العربیة لعلم الاجتماع،العدد20، 2017.
 
4)رضوى فرغلى(2012): أطفال الشوارع الجنس والعدوانیة"دراسة نفسیة"،الدار العربیة للکتاب،القاهرة.
5) سعد الدین بوطبال(2016): عبد الحمید عشوى، العنف الموجه نحو الطفل مجهولى النسب من منظور اجتماعى إسلامى،مجلة البحوث الاسلامیه.
6)  ضیافى نوال(2010):المسئولیة الاجتماعیة للمؤسسة والموارد البشریة،رسالة ماجستیر،کلیة العلوم الاقتصادیة ،جامعة أبو بکر بلقاید.
 
7) عبدالجواد خلف(2000):اللقیط وأحکامه بین الشریعة والقانون،دار البیان للطباعة والنشر،القاهرة.
8) عزازى اسماعیل(2012):الحاجات النفسیة والاجتماعیة المرتبطه بقلق المستقبل لدى المراهقین مجهولى النسب من المنظور التربوى دراسة حالة،رسالة ماجستیر غیر منشورة،معهد الدراسات التربویه،قسم الإرشاد النفسى ،جامعة القاهرة.
9) عزه محمد محمود الطنبولى (2017): الاستبعاد الاجتماعى مجهولى النسب نموذحاً،دار الوفاء للنشر والتوزیع ، الاسکندریة،الطبعة الأولى.
10)     قانون الطفل المصرى رقم 12 لسنة1996 والمعدل بالقانون 26 لسنه 2008 .
11)           محمد إبراهیم آدم (2016): تنمیة السلوک الاجتماعى بمؤسسات الأطفال الأیتام،القاهرة ،المکتب الجامعى الحدیث.
12)           مها الکردى(1980):التوافق والتکیف الشخصى الاجتماعى لدى الأطفال بالملاجئ واللقطاء، المجلة الاجتماعیة القومیة، مجلد 17،العدد302 مایو/سبتمر،المرکز القومى للبحوث الاجتماعیة والجنائیه، القاهرة.
 
13)  نجلاء فرغلى عبد العال (2014):المحددات الاجتماعیة والثقافیة للمسؤلیة الاجتماعیة دراسة على عینة من الشباب المصرى فى الریف والحضر،رسالة دکتوراة غیر منشورة،قسم علم الاجتماع،کلیة الآداب،جامعة القاهرة.
 
                                                                                                                           
 
 
المراجع الاجنبیة
1)   Children of unknown parentage face identity crisis-newspaper, 2017.
2)   Muslim women's shura council, American society for Muslim advancement, august 2011.
3)   ERVING GOFFMAN (1963), stigma, prentice Hall, INC, Englewood cliffs, N.J Library of congress.                                                                                
مواقع الانترنت:
1)    www.elyom new. Com
2)    www .protection  project.org/wp-egypt-child-law-complete-2008