البِنَاءُ الدِّرَامِيُّ لِمَسْرَحِيَّاتِ الْفَصْلِ الْوَاحِدِ عِنْدَ يُوسُف وَهْبِي

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

المستخلص

نشر يوسف وهبي عددًا من مسـرحيات الفصل الواحد في الدوريات المختلفة ولم يتناول أحد هذه الأعمال بالدراسة والتحليل، وجاءت هذه الدراسة لتقدم هذه الأعمال التي لم يجمعها وهبي نفسه، ولم يلتفت إليها أحد من خلال دراسة البناء الدرامي لها. وقدم وهبي من خلال هذه المسـرحيات عددًا من الأنواع الدرامية المختلفة من الميلودراما والکوميديا والمونودراما. وتحاول الدراسة الوقوف على البناء الدرامي لهذه المسرحيات ، وتنتهي الدراسة بأهم النتائج التي توصل إليها الباحث.

الكلمات الرئيسية


مقدمة:

نشر یوسف وهبی (14یولیو 1898 / 17 أکتوبر 1982) عددًا من أعماله المسـرحیَّة فی الدوریات المختلفة تحت عناوین منها "مسـرحیَّة فی فصل واحد" و"تمثیلیة فکاهیة" و"تمثیلیة إنسانیة" و"قصة بلا قتلى" و"تمثیلیة فی فصل واحد"، وعلى الرغم من الاختلاف الواضح فی محاولاته لتصنیف ما کان ینشره آنذاک، فإن المتأمل لما نشـره وهبی یجد نفسه أمام عدد من مسرحیَّات الفصل الواحد وإن اختلفت تسمیات وهبی نفسه، حیث تنطبق السمات العامة لمسرحیَّات الفصل الواحد على ما نشـره یوسف وهبی. 

وتأتی هذه الدراسة لتقف على البناء الدرامی لمسرحیَّات الفصل الواحد عند یوسف وهبی لنتعرَّف علی العناصر البانیة([i])  للنص الدرامی معتمدة فی ذلک على المنهج التحلیلی، کما تُقدم أیضًا عددًا من النصوص المجهولة لأحد رواد المسرح العربی.

ویشیر رولاند لوس إلى أحد أهم خصائص مسـرحیات الفصل الواحد بقوله: "فکاتب المسـرحیَّة ذات الفصل الواحد یعرض لحادثة واحدة، ویلقى الضوء علیها بشکل مکثَّف ودقیق، وعند قیامه بذلک فإنه یعمل على تبسیط صورة هذه الحادثة أو تجسید هذا الشعور بطریقة بارعة، وهو بذلک یقودنا إلى أفق صغیر ومؤقت لکنه من الأهمیة بحیث تتکشف من خلاله الحیاة بأکملها"([ii]).

"لذا لا بد وأن تعرض مسـرحیَّات الفصل الواحد لعناصرها الدرامیة بشکل سریع دون توقّف أو استطراد"([iii])، کما "ینبغی أن تحرص کل الحرص على وحدة الموضوع فلا تختار موضوعًا یمکن أن یکون له تفریعات أو ذیول، أو یحتاج إلى علاج طویل یمتد فی الزمان أو المکان سنوات طویلة أو تنتقل المسـرحیَّة إلى جهات متعددة"([iv]).

"ولیس أمام کاتب مسـرحیَّة الفصل الواحد وقت کبیر للتمهید للموقف الإنسانی الذی یسعى إلى إشراکنا فی الاهتمام به، وهو بهذا مضطر إلى أن یضغط هذا التمهید فی دقائق قلیلة تبدأ بها المسرحیَّة ولیس أمام هذا المؤلف فرصة الإکثار من الشخصیَّات"([v]).

وعلى الرغم من الاختلاف الواضح فی التقنیات المستخدمة لمسرحیَّات الفصل الواحد عن المسـرحیَّات الطویلة فإنها تطرح قضایا متمیزة تمامًا کما تفعل المسرحیَّات الطویلة، حیث إن لها هدفًا جوهریًّا یبرز من خلال تقنیاتها الخاصَّة التی یعتمد علیها الکاتب لإیصال هذا الهدف إلى الجمهور حیث یثیر اهتمامهم واستجاباتهم العاطفیة"([vi]).

وعلى هذا فهی "تمثیلیة قصیرة تتمیز بحبکة فردیة، أو حوادث مرکَّزة، وبتفاصیل دقیقة وحوار حی، وشخصیَّات محدودة العدد، وذروة قریبة من نقطة النهایة..."([vii]).

وتنطبق هذه السمات على ما نشـره یوسف وهبی فی الدوریات المختلفة، وقارئ هذه الأعمال یجد نفسه أمام عدد من الأنواع الدرامیة المختلفة بدایة من المیلودراما، والکومیدیا، والمونودراما، کما کتب مسرحیَّة بلا حوار یمکن أن نعدها شکلاً بدائیًّا لمسـرح الصورة مع تأثرها الواضح بالسینما الصامتة.

وبدایة فإن بین المسرح والجریدة فرقًا کوسیلتی عرض، فالأول یختاره المتلقی مستسلمًا لسلطته، أما الجریدة فتسعى لفرض هذه السلطة من جانبها؛ إذ إنها لیست معدة سلفًا لتقدیم المسـرح، لذا تلتمس عددًا من الوسائل لجذب المتلقی: أُولاَها العنوان الذی یجب أن یکون لافتًا لانتباه القارئ بشکل یطرح داخله عددًا من التساؤلات التی تجبره على التوقف لقراءة النص وتحلیل شفرات العنوان.

ولجأ یوسف وهبی إلى عدد من الوسائل لتحقیق هذا الغرض، مثل الاعتماد على ما هو مألوف فی مسـرحه لجذب جمهوره الخاص لقراءة العمل، فاختار من رصید المیلودراما عناوین مثل "بنات الهوى"، و"القدر"، و"القربان"، و"الکافر"، کما اعتمد على العبارات الشائعة والمعروفة التی یکررها الناس مثل "مُکرَه أخاک"، و"عدة الشغل"، و"بدون کلام"، ومثل هذه العبارات التی یردِّدها الناس بشکل تقریری تجعل من النص حالة مألوفة، ومن ثم یُقبِلُون على قراءته، کذلک اعتمد على العبارات الموحیة، مثل "على مسـرح الحیاة"، و"الموعد"، واعتمد أیضًا على العناوین الفکاهیة مثل "محکمة الستات".

وفی جمیع الأحوال فإن العنوان هو أولى العتبات التی تثیر القارئ لمتابعة النص، ومن ثم حرص وهبی على إیجاد عَلاقة تفاعلیة بین النص والقارئ من خلال العنوان، وکثیرًا ما یلحق العنوانَ عباراتٌ توضیحیة کما فی بدایة مسـرحیَّة "أیها القاتل تمهل"حیث یقول: "هذه القصة أراد الأستاذ یوسف وهبی أن یجعلها خالیة من جرائم القتل خلافًا لما جرت به عاداته"([viii]).

وکذلک فی بدایة "مُکرَه أخاک": "طلبنا من الأستاذ یوسف وهبی، وقد اشتهر بکثرة القتلى فی مؤلفاته، أن یکتب تمثیلیة قصیرة شرط أن تخلو من الموت والقتلى"([ix]).

وتستهدف هذه الإشارات القارئ بشکل مباشر لتثیر فضوله حیث یقدِّم المؤلف - على خلاف ما عهده جمهوره - صورًا مختلفة لتکون بدیلاً عن خشبة المسرح ووسیلة یحفز بها المتلقی لتفسیر ما تحمله الصور، وکثیرًا ما تنقل الصور أکثر المواقف إثارة داخل النص، حیث نرى فی "على فکرة"([x]) صورةً للأب وابنته ورجل یختبئ فی خزانة الملابس، وتجسد الصورة المشهد الأخیر، ومن ثم تحثُّ القارئ على متابعة القراءة حتى النهایة.

وقد تلخِّص الصورةُ الفکرةَ العامة للنص المنشور کما فی "القربان"([xi])، حیث نجد الأب ممسکًا بتحویلة السکة الحدید ناظرًا إلى ابنته الملقاة على القضبان عازمًا على أن یضحی بها لینقذ رُکَّاب القطار، وقد تحمل الصورة مفارقة واضحة کما فی "محکمة الستات"([xii])، حیث نرى منصة المحکمة، وقد وُضعت علیها عطور وأدوات تجمیل، ووضعت ممثلة النیابة أمامها صورة لحبیبها، کذلک یجلس الممثل فی "مسرح الحیاة" على الکرة الأرضیة.

نخلص من ذلک إلى أن الجریدة کوسیلة عرض فرضت عناصر إضافیة تسهم فی خلق التشویق والإثارة، وقد التزم وهبی هذا الأسلوب فی معظم مسـرحیَّاته المنشورة فی الدوریات على اختلافها.

قدَّم وهبی من خلال هذه المسرحیَّات عددًا من الأنواع الدرامیة المختلفة، منها المیلودراما، والکومیدیا، والمونودراما، وسنقف بالدراسة على بیِّنة هذه الأنواع المختلفة فی مسرحیَّات الفصل الواحد عند یوسف وهبی.

أولًا: المیلودراما:

یعرِّفها إبراهیم حمادة بأنها "المسـرحیَّة التی تکتنفها أحداث مزعجة وتقوم على شخصیَّات مسطَّحة الدوافع وانفعالات مبالَغ فیها ومصادفات متعمدة وتستهدف إثارة التوتر..." ([xiii]).

ویصفها میلتون مارکس فیقول: "مسـرحیَّة جدیة أو کومیدیة تکون شخصیَّاتها أنماطًا لا أفرادًا ویبالَغ فی قصتها ومواقفها لدرجة تجعلها بعیدة عن الاحتمال أو محرکة لعواطف الجمهور کما یبالغ فی التوکید على لغتها، والانفعالات التی تصورها"([xiv]).

فإثارة الانفعالات وتحریک المشاعر أحد الأهداف الأساسیة للمیلودراما، وهو ما صرح به وهبی عند سؤاله عن أحد مواسمه المسـرحیَّة فقال: "روایات الدراما قویة التأثیر على الجمهور، وهی ذات عظات ومعانٍ سامیة، وهی تترک فی الجمهور أثرًا فعَّالاً"([xv])، فالتأثیر على الجمهور وإثارة انفعالاته وإعطاء الدروس والعظات أهم عناصر المسـرح عنده.

أ- الحبکة والصراع:

تتشابه القصة الأساسیة لمعظم هذه المسـرحیَّات حیث تدور فی إطار أسر مکونة من أب وأم وابن وحید یتعرض دائمًا للخطر، فیضحِّی "فتیحة المحولجی" بابنته التی عَلِقَت بشریط السکة الحدیدیة لینقذ رُکَّاب القطار فی مسـرحیَّة "القربان"، ویحکم على ابن الطبیب أمین بالإعدام فی "القدر"، وفی اللحظات الأخیرة یأتی إلیه رجل بابنه الوحید راجیًا أن ینقذه من الموت ویُجرِی له جراحة عاجلة لیکتشف بعدها أنه الجلاَّد الذی سینفذ حکم الإعدام فی ابنه بعد دقائق، ویکاد وطواطٌ یخطف ابنه دون أن یدری بعد خروجه من السجن، ویدفع الأب ابنه فی "الکافر" إلى السرقة لیسدد دیونه، ویتعرض الابن لحادثة یشاع على أثرها أنه مات، وتتزوج الابنة بالدائن العجوز لتنقذ أسرتها من الضیاع فی "أیها القاتل تمهل"، وینتهی معظم هذه المسـرحیَّات بموت إحدى الشخصیَّات.

ویبنی وهبی حبکته على أساس المبالغات والمصادفات والتأثیر على الجمهور.

وتعتمد حبکة میلودراما الفصل الواحد عند یوسف وهبی على المبالغات إذ یختار لحظة استثنائیة فی حیاة شخصیَّاته ویلقی الضوء علیها، مثل عامل السکة الحدیدیة الذی یختار بین إنقاذ ابنته الوحیدة وقتل رُکَّاب القطار، والطبیب الذی ینقذ الابن الوحید للجلاد الذی سینفذ حکم الإعدام فی ابنه الوحید، واللص الذی یخطِّط لخطف ابن أحد الأطباء لیکتشف أنه ابنه، وتمثل المصادفات عاملاً أساسیًّا فی بناء حبکة هذا النوع من المسرحیَّات، ففی "الکافر" یقرر الابن سرقة الشرکة التی یعمل بها لیسدد دین والده، وفور خروجه من المنزل تصدمه سیارة أحد الأثریاء لیقدم مساعدة مالیة للأسرة تحول دون سرقة المال، کذلک یکتشف الطبیب أمین فی نهایة المسرحیَّة أنه أنقذ ابن الجلاَّد الذی سینفِّذ حکم الإعدام فی ابنه الوحید، فعندما یسأله عن وظیفته..

الرجل: کنت سجان قبل کده یا دکتور، إنما دلوقت رقُّونی.. بقیت جلاد..

أمین: (فی جزع شدید) إیه؟!

الرجل: (خجلاً) هی شغلانة مزعجة شویة لکن أعمل إیه یا دکتور؟ المعایش. دلوقت عن إذنک بقى أحسن فیه واحد اسمه فتحی رایحین ننفذ فیه حکم الإعدام بعد نص ساعة.

(یخرج الرجل وزوجته حاملة طفلها)

أمین: (یقف مذهولاً لحظة ثم یسقط على الأرض مغشیًّا علیه) حکمتک یا رب([xvi]).

ویتشکَّل الصراع داخل الشخصیَّات وتتحدد معالَمه من خلال رؤیتنا للعناصر المختلفة التی تتصارع داخل البطل، کالصراع بین الواجب والعاطفة، وهذا النوع من الصراع یزید من تجاوُب القارئ معه إذ ینعکس صداه داخله([xvii])، ویبدو ذلک بوضوح فی "القربان"، إذ یوضَع عامل السکک الحدیدیة بین خیارین، إما أن یضحِّی بابنته وإما أن یقتل معظم رُکَّاب القطار، ویُعلِی وهبی من شأن الواجب أمام العاطفة، ویدفعه لیضحی بابنته، ومن ثم یتأکد لنا القول إن "مراعاة العدالة الأخلاقیة أحد أوضح معالَم المیلودراما"([xviii]).

وتأتی نهایة "الکافر" لتؤکِّد ذلک، فبعد أن یعلن عبد الصبور کفره بکل القیم التی تبناها طول حیاته أمام عجزه عن توفیر مئة جنیه یسدد بها دینه وینقذ منزله المرهون، تصدم سیارة أحد الأثریاء ابنه الوحید الذی قرر أن یسـرق هذا المبلغ، ویشاع أن الابن قد مات، إلاَّ أنه سرعان ما یعود إلى الحیاة ویعطیهم هذا الثری مئة جنیه، کأن القدر یکافئه على قیمه وأخلاقه التی کفر بها، ومن ثم تتحقق العدالة المفقودة التی کان یبحث عنها، تمامًا کما فی الحکایات الشعبیة، فالخیر جزاؤه الخیر. والأمر نفسه فی "الموعد"([xix]) إذ یکتشف اللص وطواط أن رجل الأعمال الذی ینوی سرقته هو من احتضن ابنه الوحید وأنقذ أسرته من الضیاع، ومن ثم یقرر الاختفاء نهائیًّا من حیاة أسرته.

وهکذا یدور الصـراع بین العاطفة والواجب، لینتصر الإیجابی دائمًا، وتعلو مصلحة الجماعة بانتصار الواجب لیتخلص الإنسان من فردیته وأنانیته ولو ضحى بأغلى ما یمتلک.

وکانت السخریة من المبالغات التی تعتمد علیها المیلودراما بنْیة أساسیة لحبکة کثیر من أعمال وهبی المنشورة فی الصحف، وربما تأثر فی ذلک بما کان یقدمه فنان الارتجال الشعبی آنذاک، حیث کانت السخریة من المسرح الجادِّ، ومن المبالغات التی کان یعتمد علیها هذا المسـرح، مادَّةً خصبة لخیال الفنان الشعبی وکانت أحد أهم تقالید المسرح المرتجل آنذاک([xx]).

ویبنى مسرحیَّة "بنات الهوى" التی نشرها فی مجلة الفنون على هذا الأساس، حیث یقتل محسن والده، دفاعًا عن شرف فاطمة الغانیة التی قررت أن تتوب، وتراه "الغسالة" فیقتلها فی نفس الوقت، وتُتَّهم فاطمة فیذهب لزیارتها فیقتل السجَّان أیضًا، ویصف مشهد القتل: "یهجم فی زمارة رقبة السجَّان، ویخنقه ثم یلقیه على الأرض، وتبرق عیناه، فتصـرخ فاطمة، ویظل محسن یشخر وینخر وتبرق عیناه إلى أن یصـرخ کالأطفال فی الصالة ویغمى على بعض السیدات من المتفرجات"([xxi]).

ویأتی مشهد النهایة لیؤکِّد سخریته من المیلودراما بشکل عامٍّ، إذ تنتحر جمیع الشخصیَّات بمن فیهم الملقِّن.

محسن: أنا القاتل، أنا قتلت والدی وأنا قتلت عدیلة الغسالة وأنا قتلت السجَّان.. الدنیا دی ملیانة بالغلطات.. آدی القاتل طلیق.. الفقیر بیتهان.. التموین بایظ.. الفقیر هو المظلوم والبشوات والأغنیا هما اللی واکلینها.. أنا القاتل هه هه.. (یخنق نفسه) هخ هخ هخ

فاطمة: (تراه هکذا فتخنق نفسها هی الأخرى) هخ هخ هخ

عفاف: وأنا حاعیش أعمل إیه (وتخنق نفسها) هخ هخ

رئیس المحکمة: رُفعت الجلسة..

(یخرج الملقِّن من الکمبوشة ویخنق نفسه هو الآخر) هخ هخ..

ملحوظة: هخ هخ هو صوت المختنق فی أثناء العملیة([xxii]).

وعلى الرغم من الصورة الکاریکاتیریة التی أراد أن یرسم بها هذا المشهد فقد حمل مغازلة واضحة ومباشرة لمشاعر الجمهور، فهو لا یبحث عن أسباب الفقر وإنما یقر ما یعرفه الجمهور سلفًا، ویأتی خروج الملقِّن إمعانًا فی السخریة من المیلودراما، ومفاجأة للجمهور أیضًا.

وتحمل النهایة فی "مُکرَه أخاک" سخریة من منطق الصـراع فی المیلودراما، وتدور الأحداث بین الزوج والزوجة والعشیق، إذ یضبط الزوج زوجته فی أحضان العشیق، فیسمح للعشیق بالانصـراف قائلًا له: "اغرب عن وجهی"، ثم یقف عاجزًا عن قتل زوجته التی تؤکِّد له أنه لن یستطیع قتلها..

الزوج: لا بد أن أقتلک..

الزوجة: قلت لک إن موقفک لا یسمح لک بقتلی..

الزوج: لقد خنتِنی..

الزوجة: هذا صحیح..

الزوج: لقد أهدرتِ شرفی ودُسْتِ کبریائی..

الزوجة: هذا صحیح..

الزوج: أوَلیس لی الحق فی أن أقتلک؟

الزوجة: نعم، ولکنک لن تفعل..

الزوج: ولم لا..

الزوجة: لأن القصة لا بد أن تنتهی بلا دماء..

الزوج: إذن سأذهب..

الزوجة: إلى أین؟

الزوج: إلى المؤلف؟

الزوجة: لماذا؟

الزوج: لکی أقتله..([xxiii]).

وینهی وهبی مسـرحیَّة "أیها القاتل تمهل" بشکل عبثی، فبعد أن تخضع الابنة لابتزاز العجوز المرابی الذی اشترط على والدها أن یتزوجها لیعفیه من دینه، نراه یموت بعد أن یتزوجها مباشرة..

الابنة: واحنا خارجین من عند المأذون..

الزوجة: هیه؟

الابنة: اتزحلق فی قشرة موز فوقع..

الزوج: وجرى له حاجة؟

الابنة: مات..([xxiv]).

وفی إطار السخریة من المیلودراما تأتی مسرحیَّة "بدون کلام"، لتمثل إحدى أهم مسرحیَّاته المنشورة من حیث الأسلوب، حیث یتخلص فیها من الحوار تمامًا ویعتمد بشکل عامٍّ على وصف الحرکة والمؤثرات المختلفة، وظهر تأثره بالسینما الصامتة واضحًا بدایةً من العنوان، وتأتی أهمیة النص فی تجاوزه أشکالَ الکتابة المسرحیَّة السائدة بشکل یقرِّبنا إلى حد کبیر من مفاهیم مسرح الصورة.

ویصف النص لقاءً غرامیًّا بین سوسو هانم وعشیقها إبراهیم، وفجأة یحضـر الزوج حشمت بک، وترفض أن تفتح الباب له فیدخل من الشرفة، ویطلق النار على الزوجة والعشیق ثم ینتحر، وعندها یظهر الملقِّن..

الملقِّن: "یبرز رأسه من الکمبوشة ویوجِّه حدیثه إلى الجمهور قائلاً:"

أعتقد أنه لا داعی أیها السادة لإسدال الستار..([xxv]).

وقاریء النص یستدعی معه کثیرًا من مشاهد السینما الصامتة، حیث یصف وهبی المشهد الذی یفاجئ فیه الزوج زوجته بنفس الأسلوب الذی یتحرک به ممثلو السینما الصامتة..

"تتوالى الدقات على الباب الأیسـر بأکثر شدة..".

سوسو: (تحاول أن تجد طریقًا للخلاص من المأزق فتتلفت حولها باحثة عن لا شیء بینما یشتد خوف إبراهیم، ولکنه یتذکر العقد فیستعیده من ید سوسو ویعیده إلى العلبة ثم إلى جیبه، وبعدئذ یحاول التسلُّل إلى الشرفة فتجذبه سوسو من ذیل سترته، بینما تضع إصبعها على فمها داعیة إیاه إلى الصمت والسکون..."([xxvi]).

وتشکِّل المسرحیَّة لوحة ساخرة من أسلوب المیلودراما فی معالجة القضایا المختلفة حیث یکون القتل هو الحل الأمثل فی أغلب الحالات ویستغنی وهبی عن الحوار مستعیضًا عنه بالإرشادات لتشکِّل المسرحیَّة کاملة.

وتأتی النهایة على لسان الملقِّن، وهو أسلوب اتبعه وهبی فی عدید من مسرحیَّاته لإحداث مفاجأة ضاحکة وتأثُّرًا بفنون الفرجة الشعبیة التی سعت لخلق مساحات تفاعلیة مع الجمهور، وتکرر هذا الأسلوب فی أکثر من عمل، حیث یتوجه بالحدیث المباشر إلى الجمهور فی "قصة بلا قتلى" و"أیها القاتل تمهل"، وتظهر شخصیَّة الملقِّن فی نهایة مسـرحیتَی "بنات الهوى" و"بدون کلام". وتظهر شخصیَّة المؤلف على لسان الشخصیَّات فی "قصة بلا قتلى"، وتتشابه هذه التقنیات مع ما قدَّمه المسرح الملحمی من الخروج عن المألوف لکسـر إیهام الحائط الرابع، وربما انتقل بعض هذه التقنیات إلى مسرح وهبی من مشاهداته واطِّلاعه على المسرح الغربی، إلَّا أنها لم تحمل نفسه الهدف الذی سعى المسـرح الغربی إلى تحقیقه، بقدر سعیها إلى خلق السخریة والمفاجآت الضاحکة.

ب- الشخصیَّات:

تعتمد المیلودراما على "سلسلة من الشخصیَّات النمطیة حیث إن عالَم المیلودراما مبنی أساسًا على الثنائیات الضدیة"([xxvii])، فشخصیَّاتها "لا تبدو إلَّا من بُعد واحد فقط، وبذلک تتحرک تلک الشخصیَّات بسـرعة من عاطفة إلى أخرى"([xxviii])، فهی مجموعة من النماذج الثابتة المبالَغ فیها، وبذلک تخرج الشخصیَّة عما هو مألوف ومعتاد، فالشخصیَّات المسرحیَّة هی شخصیَّات واقعیة حقیقیة وأفعالها منطلقة من أسباب مؤثرة، فإذا قرَّر شخص ما ارتکاب جریمة فلا بد من مسوِّغ قوی وعمیق لارتکابها، فالجریمة لیست هدفًا فی حد ذاتها"([xxix])، وهذا ما لا نجده فی کثیر من میلودرامیَّات وهبی، حیث تتحول الجریمة فی بعض الأحیان إلى هدف، وهو ما دفع بعض الصحف إلى السخریة من مسرحه وتصویره فی کثیر من رسوم الکاریکاتیر على أنه قاتل مخبول.

وتغلب النمطیة على بنْیة شخصیَّات هذه المسـرحیَّات، إذ تنحصـر فی إطار الأسرة الواحدة حیث نجد أنفسنا أمام أب فقد صوابه نتیجة ظرف ما، وأم حنون تحاول أن تهدئ من روعه وابن یتسبب فی حدوث المشکلات، بغضِّ النظر أکان هو السبب فیها أم ساقته الأقدار إلیها، ویتکرر هذا النموذج فی "الکافر" و"القدر" و"الموعد" و"أیها القتل تمهل" و"القربان"، وتأتی الأسماء لتؤکِّد نمطیة الشخصیَّات، فاللص فی الموعد "وطواط"، وعبد الصبور فی الکافر هو الأب الذی یفقد صبره أمام محنته، وأمینة هی الزوجة المؤمنة، وعوض هو الابن الذی سیکون إنقاذه من الموت عوضًا لهما، کذلک یطلق بعض الأسماء العامة التی تستهدف إبراز صفات معینة للشخصیَّات، ویصبح الاسم هو المحدد الکلی للشخصیَّة حیث تنحصـر داخله، مثل الشاب الثری، والزوجة، والابنة، والرجل، والمرأة، وغیرها من الأسماء العامة التی تحوِّل الشخصیَّة إلى صفة محددة تنحصـر فی إطارها، وتمثل المرأة العنصر الإیجابی فی معظم میلودرامیَّات الفصل الواحد عند یوسف وهبی، إذ یؤکِّد المؤلف من خلالها القیمَ الإیجابیة داخل المجتمع، فتقف فی "الکافر" على الجانب الآخر من الزوج لتؤکِّد ضرورة التمسک بالقیم.

أمینة: لا یا عبد الصبور.. إنت اتغیرت خالص.. أصبحت آراءک جنونیة.. قوم صلی رکعتین لله وادعی إنه یغفر لک ذنوبک.. ربنا موجود ولا بیظلمش حد.. یعطی للی یستحق.. ویحرم اللى مایستحقش.. أستغفر الله العظیم..([xxx]).

فهی ترکن إلى التفسیر القدری وترى أن التغیر الذی یحدث لحیاتهما نتیجةٌ لکفره بالقیم التی آمن بها طوال حیاته، وتأتی النهایة لتعضد من موقفها.

وتعتمد الزوجة أیضًا فی "القدر" على الوازع الدینی لحسم صراع زوجها بین العاطفة والواجب، فعندما یتردد فی إجراء الجراحة العاجلة للطفل تستحثُّ إیمانه:

عزیزة: (إلى أمین) ماتنساش إیمانک بالله یا أمین، ربنا یقدر یغیث کل ملهوف.

وتؤکِّد ضرورة التضحیة أما الواجب:

عزیزة: أرجوک یا أمین تنسى کل شیء فی سبیل واجبک([xxxi]).

فهی تطلب منه أن یتجاوز محنته الشخصیَّة ویتخلص من الأنانیة التی یفرضها علیه شعوره..

عزیزة: معلهش یا أمین.. ما تخلیش الأنانیة تتغلب على ضمیرک.. إذا کانت الرحمة نسیتنا فمش لازم ننزعها من قلوبنا([xxxii]).

ودائمًا ما یکون الابن وحیدًا لزیادة التأثیر على الجمهور، فبفقد هذا الابن أو الابنة یصل الانفعال إلى أقصاه، ویبدو ذلک واضحًا فی حوار "القربان" الذی یکشف مدى بساطة هذه الأسرة المترابطة کما یبدو من خلال الحوار مدى تعلُّق الأب والأم بابنتیهما، ورغم ذلک تأتی نهایة العمل على خلاف ما قد یتوقعه الجمهور بهدف الإعلاء من قیم الواجب والتضحیة وأیضًا إثارة الانفعالات:

فتحیة: ربنا معاها.. واحدة بدال الکل.. ارحمنی یا رب..

(یدیر مفتاح التحویلة وهو یبکی فی ثورة نفسیة)

(القطار یمر بسـرعة وهو یصفر.. فتختلط صرخة الابنة مع صرخة الأم.. ویغشى على الجمیع.. ثم تُسدَل الستارة)([xxxiii]).

ج- الحــوار:

اعتمد وهبی على الحوار واستخدام مفردات بعینها لتأکید المبالغات التی صاغ من خلالها میلودرامیَّاته، ففی مسـرحیَّة "الکافر" نرى عبد الصبور فی مونولوج طویل یصور من خلاله معاناته الشخصیَّة، ویعقد مقارنة تُظهِر فساد المعاییر والأخلاق:

عبد الصبور: کان افتکرنا لما بعنا تلات تربع العفش.. حتة ورا حتة.. علشان نعرف نعیش فی جحیم الغلا الفظیع ده.. ماعرفش حکمة ربنا من کدة إیه! راجل زیی قضى 35 سنة من عمره فی خدمة الحکومة کنت فیها مثال الأمانة التامة والإخلاص المتناهی لعملی، أقوم مالقاش فی أواخر أیامی إلاَّ معاش ما یبلِّش الریق... مع إنی أعرف موظفین من زملائی کانوا خباصین وحرامیة ومرتشین لما طلعوا ع المعاش کانت العزب والتفاتیش فی انتظارهم.. کإن الأمانة صبحت جرم.. والإخلاص والتفانی فی العمل صبحوا عملة قدیمة ما تمشیش فی العصر ده([xxxiv]).

ویطرح من خلال هذا المونولوج ضرورة الاهتمام بأصحاب المعاشات وإعادة النظر فی أحوالهم، ویعرض من خلال الحوار فی مسرحیَّة "القدر" لرفض أمین للمسلَّمات التی یردِّدها الناس، تمامًا کما فعل عبد الصبور لیضع القارئ فی حالة من الحیرة والصدمة لیعید بعدها التفکیر:

أمین: شجاعتی؟ إیمانی؟ دی ألفاظ بنخفی بیها ضعفنا بعض الأحیان یا عزیزة.. أی شجاعة وأی إیمان وأنا منتظر اللحظة اللی حینقطع فیها أملنا فی الحیاة؟ أی شجاعة وأی إیمان ینفع قدام الکارثة اللی حلّت بیتنا اللی کانت السعادة بترفرف علیه؟([xxxv]).

ویجعل من الحوار أداة لخلق التشویق والإثارة لیدفع قارئه إلى ترقب ما سیحدث، ویأتی الحوار فی نهایة "القربان" لتصبح المبالغات التی اعتمد علیها وهبی أسلوبًا أساسیًّا فی صیاغة مسرحیَّاته لإثارة انفعالات الجمهور، وهو ما رفضه کثیر من نقاد عصره انطلاقًا من أن هذا الفن لا یمثِّل واقع الحیاة بما فیها من دموع وابتسامات، وهو فن ذو أثر مؤقَّت لأن مؤلفیه مضطرُّون إلى المزایدة على أنفسهم وعلى بعضهم البعض فی سبیل الحصول على أثر أقوى وأقوى([xxxvi]).

وحرص وهبی على تأکید العبرة والعظة من خلال حوار میلودرامیَّاته وبخاصة فی کتاباته التی نشرها بعد ثورة یولیو 1952، لیؤکِّد التحوُّل الذی حدث داخل المجتمع، ففی مسـرحیَّة "القدر" تطلب عزیزة من زوجها أن یسعى لدى البعض لإنقاذ ابنه:

عزیزة: إنت دکتور کبیر فی البلد یا أمین.. کلمتک مسموعة.. والجمیع یتمنوا یخدموک.. جرب واتصل بأصحاب الحل والربط.. یمکن یدونا فرصة والحظ یساعدنا..

ویسوق وهبی هذه العبارات على لسان عزیزة لیؤکِّد التحول القیمی داخل المجتمع:

أمین: بتقولی إیه یا عزیزة؟ عهد الوساطات والشفاعات انتهى أجله.. ثم ده حکم قضائی یستحیل التردُّد فیه.. ولا فیش أی قوة تقدر تحول بین فتحی وبین مصیره التعس([xxxvii]).

ویُعلِی أمین من قیمة العدالة والقصاص داخل المجتمع، ویؤکِّد التحول الذی حدث لمصـر بعد ثورة 1952، ومن ثم یصدر حکمًا على ابنه مُعلِیًا من شأن العدالة أمام العاطفة:

أمین: صحیح موجود.. لکن الله لن یغیر من الأمر شیئًا.. لأن فتحی ارتکب جریمة قتل.. وطبیعی ساعتها ماکانش بیفکَّر فی الله.. واللی زیه ما ینتظروش إن ربنا یفکَّر فیهم وهم قدام حبل المشنقة یا عزیزة([xxxviii]).

وتکرِّر أمینة فی نهایة "الکافر" نفس الجملة التی أنهى بها أمین "القدر"، وهی: "حکمتک یا رب"، لتأکید الحکمة والعظة، ویقف عبد الصبور وأمینة لیقدما موعظة طویلة فی نهایة المسرحیَّة:

أمینة: حکمتک یا رب!

عبد الصبور: (یفیق من ذهوله).. أی حکمة.. وأی درس؟ کنت قبل دلوقت بدقائق على حافة هاویة.. کفرت برحمة الله فی الوقت اللى کانت رحمته بتجری علشان تخلَّصنی وتنقذنی من الهاویة السحیقة.. صحیح ربنا مابینساش حد.. اللهم غفرانک لذنبی العظیم (وینخرط فی البکاء).. ابنی کان على وشک ارتکاب جریمة.. وأنا کنت على حافة الجحیم علشان دی (یعبث بالمئة جنیه بین أصابعه) علشان میت جنیه.. ما کنتش أعرف إن العبد فی تقدیر والرب فی تدبیر.. کنت أعمى.. کنت أعمى.

أمینة: (تتجه إلیه وتربت على کتفه) الحمد لله یا عبد الصبور.. وبحیاتنا بل بحیاة ابننا عوض.. لکن الشـیء الوحید اللى ما کنتش أقدر أتحمل التضحیة به.. هو إیمانک بالله.

عبد الصبور: الحمد لله رب العالَمین.. عمری ما کنت معتقد فی رحمة الله قد دلوقت یا أمینة.. بدی أکفر عن خطئی.. بدی أستغفر عن کفری.. هاتی لی سجادة الصلاة([xxxix]).

کما لعبت الإرشادات دورًا مهمًّا فی أعمال وهبی على اختلافها، حیث حملت إلینا وصف المشاهد المختلفة وبدایة الأحداث وختامها وحالات الشخصیَّات المختلفة وقدمت أیضًا أحکامًا على بعض الشخصیَّات بشکل تقریری ومباشر، وجاءت مسرحیَّة "بدون کلام"، لتُصاغ بالکامل من خلال الإرشادات، ومن هنا أدرک وهبی أهمیتها وإمکانیة صیاغة الأحداث من خلالها.

ثانیًا: الکومیدیـا

نشر وهبی ثلاث مسرحیَّات تحت عنوان "تمثیلیة فکاهیة": "محکمة الستات" و"على فکرة" و"عدة الشغل".

والکومیدیا بشکل عامٍّ "ترکز دائمًا على أخطاء الإنسان التی یمکن إصلاحها"([xl])، وهو ما دفع أرسطو إلى وصفها بأنها "محاکاة للأدنیاء"([xli])، وتمثل عادة تلک العیوب أخطاء فی الترکیب أو البناء الاجتماعی والعلاقات البشریة التی تشوبها أخطاء یمکن تلافیها سواء کانت أخطاء فی الأفکار والمفاهیم أو أخطاء تقلیدیة توارثها المجتمع أو أخطاء تواضع علیها المجتمع فترة زمنیة معیَّنة، أو أخطاء أعمق من هذا أی أخطاء فی النوازع البشریة نفسها"([xlii]).

أ- الحبکة والصراع:

تقف المسرحیَّات الثلاث على أشکال مختلفة من الأخطاء المضحکة، حیث تعرض لخطأ فی أسلوب الأب تجاه ابنته فی "على فکرة" إذ یرفض أن یزوجها، وفی "عدة الشغل" نقف أمام خطأ فی النوازع البشریة یتمثل فی فرض السلطة من قِبَل المخرج ورغبته الدائمة فی السیطرة والتحکُّم، ویعرض وهبی فی "محکمة الستات" لخطأ متخیَّل فی البناء الاجتماعی، إذ یفترض وصول المرأة إلى المناصب القیادیة العلیا، واعتمد وهبی على بعض الأسالیب المختلفة لبناء حبکة مسرحیَّاته الکومیدیة.. ومنها:

أ- القلب: یصف برجسون القلب فیقول: "تخیلوا بعض الشخصیَّات فی موقف ما فإذا جعلتهم المواقف تنقلب وجعلتهم الأدوار تنعکس حصلتم على مشهد هزلی.. على أنه لیس بضروریٍّ أن یمثَّل المشهدان المتناظران على مرأًى منا بل یکفی أن نرى أحدهما شریطة أن یضمن انصـراف أذهاننا إلى الآخر، وعلى هذا الأساس یُضحِکُنا المتهم الذی یحدِّث القاضی فی الأخلاق، والطفل الذی یلقی دروسًا على أبویه، وکل ما یندرج تحت عنوان [العالَم المقلوب]"([xliii]).

ونرى ذلک العالَم المقلوب فی مسـرحیَّة محکمة الستات، حیث ینتقد وهبی الدعوات التی تنادی بالمساواة بین الرجل والمرأة رغم إعلانه أن المسـرحیَّة لا تهدف إلى السخریة من تلک الدعوات، حیث قال فی بدایتها: "هذه الفکاهة تفترض أن السیدات قد تساوین فعلاً بالرجال فی تولی المناصب العامة، وتصوِّر ما قد یصادف مباشرتهن للمهام الرسمیة من طرائف، ولیس المقصود منها معارضة فکرة مساواة المرأة بالرجل، ولکن القصد منها هو مجرد تصویر فکاهی یرتدی ثوب الخیال البحت"([xliv]).

وتسهم هذه المقدمة فی خلق نوع من المفارقة، إذ تؤکِّد الأحداث عدم کفاءة النساء لتولی المناصب العامة، فبمجرد مطالعة الرسم المصاحب للنص ندرک ذلک تمامًا، حیث نرى هیئة المحکمة وقد وضعن أمامهن أدوات الزینة، لیتنافى ذلک مع الوقار المفترض أن تکون علیه هیئة المحکمة. کما تُبنَى الأحداث على أساس "القلب" بالمفهوم الدرامی، حیث حرص وهبی على تأکید کل ما هو إنسانی لیعقد قارئه مقارنة بین هذه المحاکمات والمحاکمات الأخرى، حیث یصدم أحد الأثریاء رجلاً فقیرًا بسیارته ویبدو للوهلة الأولى أن الأمر محسوم للفقیر المجنی علیه، إلاَّ أن هیئة المحکمة تقع فی أسر جمال المتهم الذی یدرک ذلک فیتلاعب بهن، لیتحول المتهم إلى مجنی علیه ویصبح المجنی علیه متهمًا وتطالب النیابة بتوقیع أقصى عقوبة علیه:

ممثلة النیابة: (تنهض واقفة) نحن یا حضرات القضاة أمام جریمة بشعة تقشعر لهولها الأبدان، جریمة ارتُکبت فی وضح اللیل، حیث کان المتهم (تنظر إلیه وتتحول لهجتها إلى الرقة) یقود سیارته الکادیلاک المکشوفة فی شارع الجبلایة الهادئ، حیث القمر یرسل ضوأه على أغصان الشجر فیسحر العقول ویبهر الأنظار، وفرید الأطرش یغنی: أنا وانت.. أنا وانت.. أنا وانت...".

الرئیسة: (تدق على المنصة) من فضل النیابة توجه مرافعتها إلى المحکمة.

ممثل النیابة: متأسفة یا حضرة الرئیسة (تواصل المرافعة)، وإذا بمجرم أثیم یلقی بنفسه أمام عجلات السیارة لکی یموت، ثم یصرف تعویضًا مالیًّا من هذا المتهم المسکین الرقیق الجمیل اللى الطربوش یاکل من حاجبه حتة...".

"لذلک: أنا أطالب بمعاقبة المجنی علیه بأقصى عقوبة قانونیة، ویا حبذا لو حکمتم علیه بالإعدام حتى لا یعود إلى فعلته مرة أخرى"([xlv]).

إننا أمام عالَم مقلوب، تتحول فیه وظیفة النیابة وتطالب بمعاقبة المجنی علیه، وهکذا یعلن وهبی عدم صلاحیة المرأة للقضاء لسیطرة عواطفها علیها بشکل واضح، ویُمعِن وهبی فی تجسید مفردات هذا العالَم المقلوب لتأتی النهایة على صوت رضیع یصرخ:

ممثلة النیابة: یوه.. ده.. حمادة.. ابنی حمادة.. لازم یا روح ماما جعان وعایز یرضع..

الرئیسة: إذن رُفعت الجلسة لکی ترضع ممثلة النیابة طفلها([xlvi]).

فالشخصیَّات هنا تتحرک عکس السیاق العامِّ ومن ثم تنبع الفکاهة من المفارقات الناتجة عن هذه العلاقات. "إنه نوع خاصٌّ من عکس الحسِّ العامِّ، قوامه أن یکیِّف المرء الأشیاء وفقًا لفکره عنها لا أن یکیف أفکاره وفقًا للأشیاء، قوامه أن نرى أمامنا ما فیه نتفکر لا أن نتفکر فی ما نرى"([xlvii]).

فالشخصیَّات وقعت أسیرة لما تراه فخرجت عن السیاق، حیث انحصرت داخل نفسها وعکست احتیاجاتها من خلال مناقشتها المتهم فأصبح مجنیًّا علیه وحُکم على المجنی علیه بالإعدام، وهو ما یمثل مفارقة ضاحکة أراد أن یؤکِّد من خلالها وهبی عدمَ صلاحیة المرأة للمناصب العامة.

ب- التعارض: أحد أهمِّ آلیَّات صناعة الفکاهة، ویتجسد فی "تعارض الواقعی والمثالی وتعارض ما هو کائن وما کان ینبغی أن یکون، وهنا أیضًا یمکن النقل فی الاتجاهین المتعاکسین، فتارة تقول ما ینبغی أن یکون متظاهرًا بالاعتقاد بأن هذا هو الکائن، وتارة یقضـی فی عکس هذا الاتجاه فتصف ما هو کائن أدقَّ الوصف بأن هذا ما ینبغی أن تکون علیه الأمور"([xlviii]).

ویبنی وهبی حبکة "عدة الشغل" على أساس هذا التعارض، حیث یستغرق المؤلِّف فی وصف مجموعة من الأحداث لیقنع المخرج أنها واقع حقیقی، وذلک محاولة منه لإقناعه بقصته بعد أن أبدى اعتراضه علیها.

ویفتتح وهبی مسـرحیته لنرى تسلُّط المخرج:

المخرج: هییه.. على الله تکون خلصت الروایة کلها.

المؤلِّف: طبعًا.. تحب تشرب قهوة؟

المخرج: لا.

المؤلِّف: طیب شای؟

المخرج: برضه لأ.. إلاَّ إذا کانت روایتک من النوع اللی ینیِّم([xlix]).

وینطلق وهبی من الصورة المألوفة للعَلاقة بین المؤلِّف والمخرج، ویبدأ المؤلِّف فی عرض قصته فیبادر المخرج بالاعتراض على وجود التلیفون والمسدس على خشبة المسرح معتبرًا أن هذه الأدوات حیل غیر درامیة یلجأ إلیها المؤلِّف کعربة الإسعاف التی تنقذه من المواقف لتصل به إلى حل العقدة، وبذلک نشهد تعارضًا بین التصوُّر الواقعی الذی یُقِرُّه المؤلِّف، وتصوُّر مثالی یطمح المخرج إلى الوصول إلیه، عندها یبدأ المؤلِّف فی رسم سلسلة من الأحداث یقنع بها المخرج بضـرورة استخدام التلیفون والمسدس، فیخبره بأنه على عَلاقة بزوجته ومن ثم یلجأ إلى استخدام التلیفون لیتأکد من صحة قوله، وعندما یغالی المؤلِّف فی وصف تلک العَلاقة یمسک المخرج بالمسدس، وعندها یخبره المؤلِّف:

المؤلِّف: کل اللی عایز أقوله لک إن التلیفون ضروری، والمسدس کذلک([l]).

وینتقد وهبی أسلوب الکتابة المعتمد على الحیل التی تبتعد عن البناء المتصاعد للأحداث من خلال نقده شخصیَّة المؤلِّف الذی سعى من خلال الزوج والزوجة والعشیق لإقناع المخرج بوجهة نظره، وهو ما یمثل شکلاً من النقد الذاتی لأشکال الکتابة المسرحیَّة آنذاک، تمامًا کما فعل فی نقده للمیلودراما، وهو ما یکشف عن وعیه بما ینبغی أن تکون علیه الدراما المسرحیَّة.

ج- المفارقة: من أبرز الوسائل الفنیة التی یستخدمها کتاب المسرح، وإن لم تکن أبرزها جمیعًا فی الواقع، ویرى البعض أن "الأثر الکلی للعمل المسـرحی کله هو المحصلة الناتجة عن تجمع عدد من المفارقات الدرامیة"([li]).

وتختلف المفارقة الدرامیة عن اللفظیة، فاللفظیة هی أن یحمل بعض الکلمات أو الجمل معنى أکثر مِمَّا یقصده قائلها، والدرامیة هی أن تکون مجموعة من الشخصیَّات على علم ببعض الأحداث، وتجهله أخرى ویکون الجمهور على علم بها، ومن ثم تصنع المفارقات([lii]).

ویبنی وهبی حبکة مسـرحیته "على فکرة" على أساس المفارقات بالمفهوم الدرامی، حیث تخطط نوسة للزواج بجارها فی أثناء سفر والدها الذی رفض کل من تقدم للزواج بها، وتبدأ الأحداث لتضع نوسة هذه المعلومات أمام الجمهور.

ویعود الأب فجأة ویدَّعی أنه نسـی شیئًا ما فی الوقت الذی تخفی فیه حبیبها فی خزانة الملابس، ویتجه الأب إلى خزانة الملابس ویفتحها..

شوکت: نسیت أقول لک أوروفوار یا سی حمدی.

نوسة: (مضطربة) إیه ده؟

حمدی: (متلعثمًا) أنا... أنا...

شوکت: وعلى فکرة ماتبقاش تنسى تجهز نفسک على کتب کتابک على نوسة على بال ما آجی([liii]).

ویختم وهبی مسرحیته بمفارقة أخرى حیث یعلن الأب للجمیع أنه على علم بتفاصیل الأحداث، وتأتی نهایة الصراع فی هذه المسرحیَّات بالتوفیق بین الأطراف المختلفة حیث إن "الکومیدیا تعتمد فی جوهرها على إمکانیة التوفیق بین العناصر المتضاربة والمتناقضة لحیاة الإنسان، ولذلک فهی دائمًا ما تبقى على الأمل والتصالح والهناء مهما حدث من تصارع وتنازع، فهی احتفال بقدرة الإنسان على الاستمرار فی الحیاة وعلى البقاء رغم ما یعترض حیاته من عقبات"([liv]).

ومن هنا نرى الأب یغیر موقفه فی نهایة "على فکرة" لیزوِّج ابنته بمَّن تحب، کذلک یکشف المؤلِّف للمخرج أن کل ما قاله ما هو إلاَّ محاولة لإقناعه بضرورة استخدام التلیفون والمسدس، أما نهایة "محکمة الستات" فتمثل مفارقة مضحکة، وتتجاوز تلک النهایات فی مجملها الخطأ الذی وقعت فیه الشخصیَّات نحو حیاة أفضل.

ب- الشخصیَّات:

اعتمد وهبی على الثنائیات الضدیة فی صیاغة شخصیَّاته، فنرى کعبور المخنشـر مقابل جمیل بیه بدر الدین فی محکمة الستات، والمؤلِّف فی مقابل المخرج فی "عدة الشغل"، والأب فی مقابل العاشق فی "على فکرة"، وتمثل هذه الثنائیات مادَّة خصبة لصناعة الفکاهة.

ومثلت الشخصیَّات النسائیة الجانب السلبی فی هذه المسـرحیَّات وذلک على خلاف المیلودراما، وربما کان ذلک امتدادًا لأثر الفودفیل الذی یدور فی إطار الزوج والزوجة والعشیقة، إذ تحمل المرأة فی هذه المسرحیَّات مسؤولیة الخطأ، وإن لم یکن حضورها مباشرًا على خشبة المسرح کما فی "عدة الشغل" حیث مثلت العنصـر السلبی رغم غیابها عن الأحداث، کذلک مثلت هیئة المحکمة فی "محکمة الستات" عنصرًا سلبیًّا بتحیزها الواضح للمستهتر الثری رغم کونه جانیًا، وتحاول نوسة تخطی الأعراف السائدة لتتزوج دون علم والدها فی "على فکرة"، کذلک اعتمد على بعض الشخصیَّات التی تنحصـر فی إطار وظیفتها کما فی "محکمة الستات" مثل: کاتبة الجلسة، عضو الیسار، عضو الیمین، الحاجب... فالمهم هنا الدور الوظیفی الذی سینسج من خلال الأحداث.

ویجعل وهبی من هیئة المحکمة فی "محکمة الستات" نموذجًا لمضحک الطبع، وهو ما یشیر إلیه برجسون بقوله: "إذا کنا نعنی بالطبع ما هو جاهز فی شخصیَّة ما أی ما یشبه الآلة ویتحرک من تلقاء نفسه نحو أفعال بعینها وإن تنافت مع السیاق العام"([lv])، حیث لم تستطع المرأة التخلص من طبیعتها التی أراد أن یظهرها وهبی لیصنع الفکاهة من خلال عرضه المتناقضات، ففی الوقت الذی یعرض المجنی علیه إصابته نرى الرئیسة تقول: "بس بس.. ما تفسرش فی وشنا"، وتردُّ عضو الیمین: "أنا أعصابی ماتستحملش"، وتعلِّق عضو الیسار: "دی قسوة یا راجل إنت.. إیه القرف ده؟!"، ویذهب وهبی إلى ما هو أبعد من ذلک:

الرئیسة: (مقاطعة) وَدِّی وشک الناحیة التانیة وإنت بتتکلم.

کاتبة الجلسة: أیوه من فضلک، أحسن أنا باتوهم الیومین دول([lvi]).

فالشخصیَّات انحصـرت داخل طبیعتها لیمثل ذلک شکلاً للآلیَّة والتصلب وهو إحدى آلیَّات صناعة الضحک عنده.

ج- الحوار:

من خلال الحوار نستطیع أن نکتشف الطابع الخاص بالکومیدیا التی قدمها یوسف وهبی فی مسرحیَّاته ذات الفصل الواحد موضوع الدراسة، التی اعتمد فیها على لغة حواریة بسیطة تتناسب مع المتلقی مستخدما عدة مزحات کمفارقات حواریة تحمل طابع الضحک ولها معاییرها الجمالیة التی تختلف عن الأشکال المأساویة التی قدمها کممثل على خشبة المسرح.

والحوار دائمًا یقدِّم لنا الأفکار والقیم، وهو المقیاس لأبعاد الشخصیَّات ولغتها ونوع الصراع والقیم العقلیة والعاطفیة التی تحملها والتی تنقل الواقع الافتراضی للمسرحیَّة إلى المتلقی، مِمَّا یجعل أحداثها تتغلغل فی وجدانه تارکة الخبرة والعبرة والتجربة التی یحتاج إلیها.

وقد هدفت الأعمال الکومیدیة الثلاثة "محکمة الستات" و"على فکرة" و"عدة الشغل" إلى تقدیم لغة حواریة کومیدیة لم تفترض دائمًا وجود الضحک لأنها أشکال لقوالب هزلیة، استخدم فیها مفارقة خیالیة فی "محکمة الستات" وبنى مسرحیَّة "على فکرة" على أساس استخدام مزحة النکتة، وتناول مسـرحیَّة "عدة الشغل" من خلال مفارقة فی الأحداث.

لکن استطاع الحوار أن یکشف بعض الأبعاد، منها:

البعد الاجتماعی

"هذا البعد الذی نتبین منه الطبقة الاجتماعیة التی تنتمی إلیها الشخصیَّة، ونوع العمل والتعلیـم والحیاة المنزلیة والدیـن والنشاط السیاسی، والعادات والثقافـة والعلاقات العامة"([lvii]).

وبالنظر إلى تلک المسـرحیَّات الثلاث نجد:

1.وضح یوسف وهبی طبیعة العمل لوالد نوسة کمحامٍ کبیر فی مسـرحیَّة "على فکرة"بینما لم یهتم بإبراز هذا مع باقی شخصیات المسرحیة.

2.تناول یوسف وهبی بالحوار فی مسرحیَّة "عدة الشغل" الشخصیَّات وأهمل جوانبها الاجتماعیة المختلفة.

3.قدَّم یوسف وهبی لنا الشخصیَّات فی مسرحیَّة "محکمة الستات" مبیِّنًا الآتی:

-الطبقة الاجتماعیة التی ینتمى إلیها کل من کعبور المخنشـر وجمیل بک بدر الدین والتی تبدأ من إطلاق الأسماء الدالَّة على شخصیَّاتهم.

-قدم لنا یوسف وهبی الشخصیَّات فی المحکمة من الحاجب والرئیسة وممثلة النیابة التی یتبین منها نوع العمل والدرجة العلمیة لهن.

-تناول بعض العادات الاجتماعیة السائدة التی تعطى الحق لأصحاب الأعمال على حساب الفقراء والتی تتضح من نصرة المحکمة فی الحوار للبک على الفقیر، فجاء الحوار مع الفقیر کالآتی:

"الرئیسة: (فی اشمئزاز) إنت اللی اسمک مکعبر افندی الخنشور؟

عضو الیمین: طبعًا... ماهو باین اههز

المجنى علیه: اسمى کعبور المخنشر یا حضرة الرئیسة.

الرئیسة: کعبور مکعبر زی بعضه أهى کلها أسماء على مسمى.

عضو الیسار: هیه، وبقیة الاسم الکریم إیه؟ لازم بقى المدشدش المعفن"([lviii]).

أما الغنى فکان الحوار معه کالآتی:

"الرئیســة: (فی رقة) إنت جمیل بیه بدر الدین.

المتهـم: أیوه یا ستى أنا.

الرئیســة: (تتنهد) عاشت الأسامی یا سیدى أنا.

ممثلة النیابة: (تتنهد) الله.

الرئیســة: وعمرک کام سنة یا شیری؟".

البعــد النفسـی

"هو الکِیـان النفسی للشخصیَّة الذی یشکِّل الأمزجة والمیول ومرکَّبات النقص، أو المطامع أو الطموح والآمال، وهى أعماق الشخصیَّات وسلوکها وثقافتها وأفکارها ومشاعرها، ونجده فی الأعمال.."([lix]) الثلاثة کالآتی:

1. قدَّم ملامح تامة لشخصیَّة نوسة فی "على فکرة"، وعلَّل سلوکیاتها بینما أهمل باقی الشخصیَّات فی تلک المسرحیَّة.

نوسة: وبعدین بقى؟ لحد إمتى الواحدة حتعیش من غیر جواز؟ دى حاجة تطهَّق، من یوم أمى ما ماتت وبابا مش طایق سیرة الجواز، وابن الجیران حفی وراه علشان یخطبنی منه ولا فایدة. اعمل إیه یا ربی؟! مفیش غیر کونی اتجوزه من ورا بابا، خصوصًا وهو مسافر النهارده، ولما یرجع یلاقی نفسه قدام الأمر الواقع.

2. وضح فی مسـرحیَّة "عدة الشغل" الجوانب النفسیة للمخرج تجاه تشکیک المؤلِّف بخیانة زوجته.

3. بیَّن فی مسـرحیَّة "محکمة الستات" الجوانب العاطفیة المختلفة لعضوات المحکمة وأظهر أنوثتهن تجاه المتهم الأنیق.

البعــد المادی

کذلک ظهر البعد المادی من خلال الإرشادات. ففی مسـرحیَّة "محکمة الستات" کشفت لنا الإرشادات الجانب الجسمانی الظاهر للعیان لکل من کعبور المخنشر حیث "یدخل المجنى علیه متوکئًا على عکاز وقد أخذ یعرج ویئنُّ من فرط الألم والشیخوخة بینما أحیط رأسه بالضمادات الطبیة ولَفَّت ذراعَه جبیرةٌ من الجبس وتمزقت ملابسه، ویُلاحَظ أنه فضلاً عن کل ذلک دمیم الخلقة"، وجمیل بیه بدر الدین حیث "یدخل شابٌّ وسیم أنیق ویخطر فی رشاقة وهو ینظر إلى هیئة المحکمة، وعند ظهوره یبدو الاهتمام على هیئة المحکمة إذ تُصلِح إحداهن هندامها وتنظر أخرى فی المرآة ویکاد الجمیع یلتهمنه بنظراتهن".

بینما فی مسـرحیَّة "على فکرة" لم یکشف لنا الحوار أیًّا من الجوانب المادیة للشخصیَّات غیر تلک التی نستشفُّها ونبنیها فی مخیِّلتنا من خلال المراحل العمریة لأب وابنته وعشیقها، وما ینطبق على تلک المسرحیَّة نجده أیضًا فی مسرحیَّة "عدة الشغل" التی تناولت مؤلفًا ومخرجًا، ولم یتبین لنا مرحلتهما العمریة أو صفاتهما المادیة.

وعلى الرغم من هذا نجد الآتی:

إهمال الحوارِ الفکاهةَ اللفظیة مع إقراره بفکاهیة هذه الأعمال المسرحیَّة.

کذلک إدخال لمسات کومیدیة مفاجئة فی جو غیر ملائم، یتصف بالمبالغة، فی مسرحیَّة "عدة الشغل" التی اعتمدت على المفارقة الفکاهیة التی حملت معنى المزحة، والتی اعتمدت على رؤیة فنیة تنافت مع قیم المجتمع لأنه أهمل هذه العَلاقة بین المسـرح کفنٍّ له دوره فی التأثیر على المجتمع مِمَّا یوحی بأن العمل الفنی عنده شکل فحسب.

واعتمد یوسف وهبی فی مسـرحیَّاته الثلاث على البناء السـردی البسیط فی الحوادث وفق تتابعها الزمنی، فی تسلسل مطَّرد، یتفق وجَرْیَ الزمن.

ثالثًا: المونودراما

"مصطلح مسرحی یعنی دراما الممثل الواحد، وهو منحوت من الکلمتین الیونانیتین Mono وحید وDrama الفعل"([lx]).

ویعرِّفها البعض على أنها "قصائد مسـرحیَّة لا تحتوی إلاَّ على شخصیَّة واحدة، على بطل یملؤها بأهوائه، ویحییها ببلاغته، وفیها تطغى المناجاة (المونولوج) على الحوار"([lxi]).

ونشر یوسف وهبی مسـرحیَّة واحدة من هذا النوع تحت عنوان "على مسـرح الحیاة" وافتتحها بتعلیق لا یمکن إغفاله حیث قال فی بدایتها: "هذه المسرحیَّة من نوع غریب، لیس فیها سوى ممثل واحد، أما بقیة الممثلین فهم المتفرجون".

ومن البدایة یتجاوز وهبی السائد والمألوف آنذاک بإقراره بأن الجمهور سیتحول إلى ممثلین داخل العرض، ویبدو تأثره واضحًا بالمدرسة المسـرحیَّة الحدیثة وبخاصَّة المسـرح الملحمی الذی یعتمد أساسًا على المشارکة الفعالة للجمهور داخل العرض لإحداث التغریب، حیث یمارس ما یشبه الطقس الجماعی لإعادة صیاغة العلاقات داخل الصالة وفضح المسکوت عنه تحت ستار اللیاقة الاجتماعیة لتحریر الإنسان من غرائزه العدوانیة، وتخلصه من انفعالاته الغریزیة"([lxii])، وکذلک المزج بین الممثل والمشاهد من خلال تجربة العرض المسرحی.

ویصف وهبی خشبة المسـرح قائلًا: "مسـرح خالٍ.. فی مؤخرته ستارة سوداء"([lxiii])، وبذلک یلغی وهبی فضاء المسرح المعتاد لیضم خشبة المسرح بکاملها لصالة الجمهور وینقل الستار الذی یمثل الحاجز بین الخشبة والجمهور إلى مؤخرة المسرح لیمتزج العالَمان ویصبحا بعد ذلک عالَمًا واحدًا، ویصبح الجمهور فی حالة اتصال مباشر مع خشبة العرض، بل جزءًا منها، وهو ما یفاجئ به الممثل جمهوره فی نهایة العرض عندما یقول: "إنی أشهدکم تمثلون فی صمت، وفی براعة.. أنا هنا المتفرج الوحید"([lxiv]).

ویبدأ العرض بالاستفهام، وهو إحدى أدوات المسـرح الملحمی لإثارة القضایا، حیث یوجه إلى الجمهور عدة أسئلة تبدو فی ظاهرها سهلة ومألوفة: "أیها السادة.. لماذا جئتم اللیلة؟ لماذا کلفتم أنفسکم مشقة الحضور؟ ولماذا دفعتم ثمنًا لدخولکم هنا؟"([lxv]).

وبذلک فإن الحدیث المباشر مع الجمهور إحدى آلیَّات صناعة العرض لیصدم بذلک الجمهور الذی اعتاد أن یرى قصة تحاکی الحیاة، لیصبح هو محور القصة، وتصبح حیاة الجمهور هی ذات العمل.

ویتولى هو الإجابة عنهم موجهًا الحدیث إلیهم: "لقد جئتم اللیلة لتروا دخائل أنفسکم، إنکم جمیعًا قوم جبناء... معذرة.. أرجو أن یحتفظ کل منکم بهدوئه.. وأغلب ظنی أنکم ستحتفظون بهذا الهدوء لکی تعرفوا کل شیء.. الدلیل على ذلک هو صمتکم العمیق.. إنی أکررها مرة أخرى.. إنکم جبناء.. جبنتم لتعیشوا ساعات مع عقولکم الباطنة المدفونة تحت طبقات ثقیلة من النسیان.. أو قلة الاهتمام.. جئتم لتروا هذا المسرح شیئًا مِمَّا تمارسونه کل یوم دون أن تهتز فی وجوهکم عضلة.. دون أن تضحکوا.. ودون أن تذرفوا الدموع"([lxvi]).

وینتقد وهبی هنا مفهوم المحاکاة الذی اعتاده جمهور المسرح، وینتقد أیضًا الأثر المؤقت الذی یُحدِثُه فی النفوس، کما یرفض عناصر التشویق التی تخاطب حب الاستطلاع لدى المتلقی، لتمثل هذه الجملة ثورة على أسالیب المسرح التقلیدی الذی یقوم على المحاکاة لإحداث نوع من التطهیر، لیصبح التساؤل وإثارة العقل والمواجهة هی الأساس الذی سیبنی علیه عمله.

ویختار وهبی نماذج من المتفرجین فیختار رجلًا کبیر السن، مع شابة صغیرة، ویختار امرأة عجوزًا مع شاب صغیر، ویختار شخصًا منفردًا. ویبدأ فی صیاغة مونولوج یحلل فیه العَلاقة بین الأفراد على اختلافهم معتمدًا على الاستفهام کوسیلة أساسیة لإثارة العقول والخروج من حالة الإهمال والنسیان التی یفرضها علیهم العقل الباطن لیخرج بتلک الأفکار إلى ساحات العقل الواعی مع ما ستسببه من ألم، سیتبعه تصحیح للأوضاع وإثارة للذهن بشکل مستمر ومن ثم سیحدث تغیُّر فی حیاة الأفراد نحو الأفضل، عندما یتعرض لحیاتهم بشکر مباشر لا أن یقف على حدود المحاکاة، ولتحقیق هذا اعتمد وهبی على عدد من الأسالیب منها الحدیث المباشر مع الجمهور، وبساطة تکوین خشبة المسرح.

- الأسالیب الإنشائیة:

استخدام الأسالیب الإنشائیة إحدى وسائل إحداث التغریب وکسر المألوف داخل المسـرح([lxvii])، واعتمد وهبی على الاستفهام والتعجب بشکل أساسی، حیث نراه یوجِّه حدیثه إلى الرجل الذی یجلس بجواره فتاة صغیرة.

لماذا هی صدیقتک؟ هل من أجل ثروتک؟ مَن کاسیو؟ لا بد من أن سؤالاً خطیرًا یدور فی رأسک.. وربما أسئلة کثیرة...([lxviii]).

فهو یدرِّب الجمهور على طرح الأسئلة وهو لا ینتظر منهم إجابات بقدر ما یسعى لخلق حالة التغریب.

ویتوجه بالسؤال أیضًا إلى السیدة العجوز الذی یجلس بجوارها شاب صغیر السن: "أنت أیتها السیدة.. ألم أرَک هنا مرارًا، تجلسین هکذا، ومعک شاب.. یختلف کل مرة؟".

ویتهم الشاب الجالس بالخیانة.. وبادره بالسؤال: "أفلیست الخیانة نصبت الکرامة؟".

ویعتمد أیضًا على التعجب حیث یوجِّه حدیثه إلى الفتاة الشابة: "لأنک أحسست فجأة بأنک بطلة لقصة حقیقیة.. أم ترتدین ثوب الشیطان؟"([lxix]). ویعتمد أیضًا على أسلوب النداء وغیره من الأسالیب التی تتعامل بشکل مباشر مع المتلقی وتضعه فی بؤرة الحدث لینسج مونودرامیته من خلاله.

- الثنائیات المتضادة:

اعتمد وهبی على الثنائیات المتضادة، حیث یختار رجلاً عجوزًا مع شابة صغیرة، ثم ینتقل للحدیث مع شاب صغیر وسیدة عجوز، ثم مع رجل یجلس منفردًا، ویحرص على تأکید الفارق الذی یصل إلى حد التضادِّ بین النماذج المختارة.

فیوجِّه کلامه إلى الرجل العجوز: "لماذا هی صدیقتک؟ أجد الفارق بینکما واضحًا.. هی حسناء وأنت دمیم.. هی صغیرة.. وأنت على أبواب الخمسین"([lxx]).

ومن ثم اعتمد وهبی على هذه الثنائیات فی صیاغة عمله بشکل کامل سواء فی وضع المخطَّط الکلی لاختیار الحالات الثلاث المختلفة أو بین الشخصیَّات بشکل عامٍّ.

- التقریریة والمباشرة:

التقریر والمباشرة أحد المرتکزات الأساسیة لبناء هذا العمل، حیث کان الحدیث مع الجمهور بْنیة أساسیة للعمل منذ بدایته، کذلک تولى الإجابة عنهم، وتأکید وجهة نظره من خلال الأمثلة المضروبة حیث یختار عطیل ودیدمونة نموذجًا لقصة الرجل الکبیر والشابة الصغیرة، ونراه یقرر آراءه الشخصیَّة فی متفرجیه على أنها حقائق مؤکَّدة فیشیر إلى الشاب الجالس بجوار السیدة العجوز:

"إنی واثق تمام الثقة فی أن قصة تدور هنا فی هذه المقصورة.. قصة یُباع فیها الشاب کما تُباع السلعة"([lxxi]).

ونراه یؤکِّد خیانة الشاب الجالس منفردًا بقوله: "الأمر فی غایة البساطة، إن ابتسامتک الهازئة هی السبب.. إن أحدًا لا یبتسم هکذا إلاَّ لیخبئ ضربات صغیرة.. والخیانة لها ألف وجه.. لقد جئت إلى هنا لتنسى أنک خائن ولتشهد الخیانة یمارسها غیرک ولو من قبیل التمثیل.. فإن المشارکة فی الأخطاء تخفِّف وقعها على الضمائر"([lxxii]).

- الاعتماد على النهایات المفتوحة:

ینهی وهبی مسرحیته بقوله: "وأنت یا سیدی.. وأنتِ یا آنستی.. وأنت.. وأنت.. وأنتم کلکم.. إنی أحس أن المسرح قد انتقل من مکانه تحت قدمی إلى مکان تحت أقدامکم"([lxxiii]).

وعلى هذا فقد اعتمد وهبی على بنْیة مفتوحة ومتغیرة مرتبطة بطبیعة الجمهور المتغیر فی لیالی العرض المختلفة، کذلک تحمل العبارات الأخیرة إشارة واضحة إلى إمکانیة أن یمتد العرض إلى نماذج مختلفة من الجمهور ومن ثم إلى إثارة عدید من القضایا الأخرى، وتعمق هذه النهایة إثارة الذهن ونقل الحالة المسـرحیَّة من محاکاة الحیاة إلى عرض الحیاة نفسها، وهو ما أکَّده عندما أشار إلى الفتاة الصغیرة بأنها "بطلة قصة حقیقیة".

وبهذا یأتی النص لیؤکِّد مفاهیم المسرح الملحمی المرتبطة بتحویل کل ما هو مألوف إلى غریب لإثارة ذهن المتلقی وهو ما یؤکِّده من خلال الجملة الأخیرة: "إنی أشهدکم تمثلون فی صمت وفی براعة.. إنی هنا المتفرج الوحید"([lxxiv]).

*   *   *

الخاتمة والنتائج

تقدم هذه الدراسة عددًا من النصوص المجهولة لأحد رواد المسرح العربی، التی نشرها فی عدد من الدوریات المختلفة، ولم یهتم بجمعها، وسعت الدراسة للوقوف على البناء الدرامی لهذه النصوص، وقد توصلت إلى النتائج الآتیة.

• اعتمد وهبی على العناوین المؤثرة والصور کعناصر أساسیة تسهم فی خلق التشویق، وقدم من خلال هذه المسرحیَّات عددًا من الأنواع الدرامیة المختلفة، منها المیلودراما والکومیدیا والمونودراما، کما کتب مسرحیَّة واحدة دون حوار یمکن أن نعدها شکلاً أوَّلیًّا لمسرح الصورة.

• تتشابه حبکة میلودرامیَّاته المنشورة فی الدوریات، حیث تدور فی إطار الأسرة الواحدة، واعتمدت بشکل أساسی على المبالغات والمصادفات للتأثیر على الجمهور، ودائمًا ما یدور الصـراع فیها بین العاطفة والواجب، ویُعلِی وهبی من مصلحة الجماعة بانتصاره للواجب لیتخلص الإنسان من فردیته وأنانیته ولو ضحَّى بأغلى ما یمتلک، وکانت السخریة من المیلودراما بنْیة أساسیة فی معظم هذه الأعمال.

• اعتمد وهبی على الثنائیات الضدیة والنمطیة فی صیاغة شخصیَّات المیلودراما، وکذلک جاء الحوار لیجسد المبالغات ویؤکِّد الحکمة والموعظة التی أراد أن یستخلصها من العمل، کما لعبت الإرشادات دورًا هامًّا حیث حملت إلینا وصف المشهد وقدمت الحالات المختلفة للشخصیَّات بشکل یکشف عن إدراک وهبی أهمیتها.

• نشر وهبی ثلاث مسـرحیَّات کومیدیة هی "على فکرة" و"محکمة الستات" و"عدة الشغل"، واعتمدت حبکة هذه المسـرحیَّات على القلب والتعارض والمفارقة، وتأتی نهایة الصـراع فی هذه المسـرحیَّات بالتوفیق بین العناصر المتضاربة والمتناقضة، کذلک اعتمد وهبی فی تلک المسـرحیَّات على شخصیَّات مثلت نموذجًا لمضحک الطباع.

• وکتب وهبی مسرحیَّة واحدة من نوع المونودراما تأثر فیها بشکل واضح بالمنهج الملحمی سواء فی تکوین خشبة المسـرح أو فی اعتماده على الأسالیب المختلفة التی من شأنها إحداث التغریب، واعتمد فی ذلک على الأسالیب الإنشائیة والتقریریة والمباشرة ومناقشة الجمهور والنهایات المفتوحة.

• ولقد تجاوز وهبی أشکال الکتابة السائدة ووجَّه من خلال تلک المسرحیَّات نقدًا مباشرًا لبعض تلک الأشکال، وحاول أن یقدِّم أشکالاً مختلفة ومغایرة عما هو مألوف مثلما فعل فی "بدون کلام" حیث قدم شکلاً بدائیًّا لمسرح الصورة، وتأثر فی "على مسرح الحیاة" بالمنهج الملحمی، وربما کانت هذه المسرحیَّة واحدة من أوائل المسـرحیَّات التی اعتمدت على هذا الأسلوب.

• وأخیرًا.. فإن هذه المسرحیَّات قدمت لنا صورة جدیدة لأحد أهمِّ رواد المسرح المصری، حیث لم یقف على نوع معین أو اتجاه معین بل حاول أن یتجاوز کل ما هو سائد وسعى لتقدیم أشکال جدیدة ومناهج مختلفة، وتوصی الدراسة بتوجیه الدراسین لعمل مزید من الدراسات والأبحاث لدراسة تجربة یوسف وهبی المسـرحیة ، إذا لم تناقَش رسالة جامعیة فی إبداع یوسف وهبی حتى الآن على الرغم من الدور الذی قام به فی المسرح المصری.



[i])) انظر إبراهیم حمادة: معجم المصطلحات الدرامیة المسرحیَّة، دار المعارف، القاهرة , ص 65.

[ii])) ب.رولاند لوس: مسرحیَّة الفصل الواحد نمط محَّدد، ترجمة سعد الحسینی، دائرة الشؤون الثقافیة، بغداد، 1982، ص 4.

(3) نفسه، ص 6.

(4) علی الراعی: فن المسرحیَّة، دار التحریر، القاهرة، 1950، ص 111 .

(5) علی الراعی: فن المسرحیَّة ، مرجع سابق، ص 113.

(6) عصام الدین أبو العلا: دراما الفصل الواحد بین التنظیر والتطبیق، مجلة المسرح، ع 14، الهیئة المصریة العامة للکتاب، 1990، ص20.

(7)انظر إبراهیم حمادة: نفسه، ص 65.

(8) یوسف وهبی: أیها القاتل تمهل، مجلة الکواکب، 23 یولیو 1957، ص3.

(9) یوسف وهبی: مکره أخاک، مجلة الکواکب، 26 یونیو 1956، ص28.

(10)انظر: یوسف وهبی:على فکرة، مجلة الکواکب،13/7/1954،ص 25.

(11)انظر: یوسف وهبی: "القربان"، مجلة الکواکب، 16/11/1954، ص 37.

(12)انظر: یوسف وهبی:محکمةالستات،  مجلة الکواکب، 22/6/ 1954، ص34.

(13)إبراهیم حمادة: نفسه، ص 248.

(14)ملتون مارکس: المسرحیَّة کیف ندرسها ونتذوقها، ترجمة فرید مدور، مؤسسة فرنکلین للطباعة والنشر، بیروت، 1965، ص 248.

(15)بدون توقیع: الموسم المسرحی لفرقة رمسیس، مجلة الصباح، 1930، ص 43.

(16)یوسف وهبی: الکافر، مجلة الکواکب، 8/7/1952، ص45.

(17)محمد مندور: الکلاسیکیة والأصول الفنیة للدراما، نهضة مصر، 2003، ص 84.

(18) رشاد رشدی: نظریة الدراما من أرسطو إلى الآن، هلا للنشر والتوزیع، القاهرة، 2002، ص 109.

(19)انظر: یوسف وهبی: الموعد، مجلة الکواکب،  13/5/1958.

(20)انظر: علی الراعی: الکومیدیا المرتجلة فی المسرح المصری، دار الهلال، القاهرة، ص 75.

(21)یوسف وهبی: بنات الهوى، مجلة الفنون، 5/11/1946، ص 52.

(22)یوسف وهبی: بنات الهوى، ص 75.

(23)یوسف وهبی: مکره أخاک، ص 29.

(24)یوسف وهبی: أیها القاتل تمهل، ص 30.

(25)یوسف وهبی: بدون کلام، مجلة الکواکب، 3/6/1952، ص 18.

(26)یوسف وهبی: بدون کلام، مرجع سابق

(27)محمد إمام الشافعی: المیلودراما فی مسرح رمسیس، بحث تخرج، المعهد العالی للفنون المسرحیَّة، أکادیمیة الفنون، 1988 ، ص23.

(28)نفسه، ص 53.

(29)انظر: لاجوس اجری: فن کتابة المسرحیَّة، ترجمة درینی خشبة، دار سعاد الصباح، 1993، ص 78.

(30)یوسف وهبی: الکافر، ص 34.

(31)یوسف وهبی: القدر، ص 23.

(32) یوسف وهبی: القدر، ص 23.

(33) یوسف وهبی: "القربان"، ص 37.

(34)یوسف وهبی: الکافر، ص 34.

(35)یوسف وهبی: القدر، ص22 .

(36)علی الراعی: مسرح الشعب، الهیئة العامة للکتاب، 2006، ص 364.

(37) یوسف وهبی: القدر، ص 39.

(38)نفسه.

(39)یوسف وهبی: الکافر، ص 45.

(40)محمد عنانی: فن الکومیدیا، الهیئة المصریة العامة للکتاب، 1998، ص 50.

(41)انظر: أرسطوطالیس: فن الشعر، نقل أبی بشر متَّى بن یونس، تحقیق د. شکری محمد عیَّاد، الهیئة المصریة العامة للکتاب، 1993، ص7.

(42)محمد عنانی: المرجع السابق، ص 51.

(43) هنری برجسون: الضحک، ترجمة سامی الدروبی، عبد الله عبد الدایم، الهیئة المصریة العامة للکتاب، 1998، ص 69.

(44) یوسف وهبی: محکمة الستات، مجلة الکواکب، 22/6/1954، ص34.

(45)یوسف وهبی: محکمة الستات، ص 35.

(46)نفسه.

(47) هنری برجسون: مرجع سابق، ص 122.

(48) هنری برجسون: مرجع سابق، ص 87.

(49) یوسف وهبی: عدة الشغل، الکواکب، 31/2/1956،ص 32.

(50) یوسف وهبی: عدة الشغل، الکواکب

(51) عبد العزیز: حمودة، البناء الدرامی، الهیئة المصریة العامة للکتاب، 1998، ص 84.

(52) انظر إبراهیم حمادة: مرجع سابق، ص 65.

(53)یوسف وهبی :علی فکرة , ص 26.

(54)محمد عنانی: مرجع سابق، ص 49.

(55)هنری برجسون: مرجع سابق، ص 100- 102.

(56)یوسف وهبی: محکمة الستات، ص 34.

(57)انظر : نبیل راغب :النقد الفنى، مکتبة مصر، ص 30.

(58)یوسف وهبى: محکمة الستات، ص 34.

(59)انظر : نبیل راغب : مرجع سابق. ص 30.

(60)ماری إلیاس: حنان قصاب، المعجم المسرحی، مکتبة لبنان ناشرون، بیروت، 1997، ص 349.

(61) حمدی الجابری: المونودراما والمحبطین، مسرح خدعنا.. والآخر ظلمناه، المکتبة الثقافیة، ع 478، الهیئة المصریة العامة للکتاب، 1992، ص 41.

(62)انظر: عبید منصور: تأثیر أنتونان أرتو على تقنیات الإخراج فی المسرح المصری المعاصر فی التسعینات، رسالة دکتوراه، قسم علوم المسرح، کلیة الآداب، جامعة حلوان، ص 69.

(63)یوسف وهبی: على مسرح الحیاة، مجلة الکواکب، 5/11/1957، ص90.

(64)یوسف وهبی: على مسرح الحیاة،،  ص 90.

(65)نفسه.

(66) نفسه.

(67)نجوى عانوس: الملحمیة فی مسرح یسری الجندی، الطوبجی للطباعة والنشر، 2001، ص9.

(68)یوسف وهبی: على مسرح الحیاة،

(69)یوسف وهبی: على مسرح الحیاة، ص90.

(70)نفسه

(71)نفسه.

(72)یوسف وهبی: على مسرح الحیاة، ص90.

(73)نفسه.

(74)نفسه.

  • المصادر

    • یوسف وهبی: على مسـرح الحیاة، مجلة الکواکب، 5/11/1957
    • ـــــــــــــ: بدون کلام، مجلة الکواکب، 3/6/1952
    • ـــــــــــــ: الکافر ، مجلة الکواکب، 8/7/1952
    • ـــــــــــــ: القربان، مجلة الکواکب، 16/11/1954
    • ـــــــــــــ: على فکرة، مجلة الکواکب، 13/7/1954
    • ـــــــــــــ: الموعد، مجلة الکواکب، 13/5/1958
    •  ــــــــــــ: محکمة الستات، مجلة الکواکب، 22/6/1954
    •  ـــــــــــــ: عدة الشغل، الکواکب، 31/2/1956
    • ـــــــــــــ: بنات الهوى. مجلة الفنون، 5/11/1954
    • ـــــــــــــ: مجلة الکواکب، 3/6/1952
    • ـــــــــ: القدر، مجلة الکواکب، 1/12/1953
    • ــــــــــــ: أیها القاتل تمهل، مجلة الکواکب، 23/7/1957
    •  ــــــــــــ: مکره أخاک، مجلة الکواکب، 26/6/1956
    •  ــــــــــــ: الإخراج السینمائی على طریقة یوسف وهبی، مجلة الجیل الجدید  2/2/1952

     

    المراجع

    • إبراهیم حمادة: معجم المصطلحات الدرامیة المسرحیَّة، دار المعارف، القاهرة.
    • أرسطوطالیس: فن الشعر، نقل أبی بشر متَّى بن یونس، تحقیق د. شکری محمد عیَّاد، الهیئة المصریة العامة للکتاب، 1993.
    • ب.رولاند لوس: مسرحیَّة الفصل الواحد نمط محَّدد، ترجمة سعد الحسینی، دائرة الشؤون الثقافیة، بغداد، 1982.
    • حمدی الجابری: المونودراما والمحبطین، مسـرح خدعنا.. والآخر ظلمناه، المکتبة الثقافیة، ع478، الهیئة المصـریة العامة للکتاب، 1992.
    • رشاد رشدی: نظریة الدراما من أرسطو إلى الآن، هلا للنشر والتوزیع، القاهرة، 2002.
    • عبد العزیز: حمودة، البناء الدرامی، الهیئة المصریة العامة للکتاب، 1998.
    • عصام الدین أبو العلا: دراما الفصل الواحد بین التنظیر والتطبیق، مجلة المسـرح، ع14، الهیئة المصریة العامة للکتاب، 1990.
    • علی الراعی: الکومیدیا المرتجلة فی المسـرح المصری، دار الهلال، القاهرة.
    • ـــــــــــ: فن المســـرحیَّة، دار التحریر، القاهرة، 1950.
    • ـــــــــــ: مسـرح الشعب، الهیئة العامة للکتاب، 2006.
    • لاجوس اجری: فن کتابة المسـرحیَّة، ترجمة درینی خشبة، دار سعاد الصباح، 1993.
    • 12.ماری إلیاس: حنان قصاب، المعجم المسـرحی، مکتبة لبنان ناشرون، بیروت، 1997.
    • محمد عنانی: فن الکومیدیا، الهیئة المصـریة العامة للکتاب، 1998.
    • محمد مندور: الکلاسیکیة والأصول الفنیة للدراما، نهضة مصر، 2003.
    • ملتون مارکس: المسـرحیَّة کیف ندرسها ونتذوقها، ترجمة فرید مدور، مؤسسة فرنکلین للطباعة والنشر، بیروت، 1965.
    • نبیل راغب :النقد الفنى، مکتبة مصر.
    • نجوى عانوس: الملحمیة فی مسـرح یسـری الجندی، الطوبجی للطباعة والنشر، 2001.
    • هنری برجسون: الضحک، ترجمة سامی الدروبی، عبد الله عبد الدایم، الهیئة المصـریة العامة للکتاب، 1998.